هل تحتاج الولايات المتحدة إلى صواريخ «كروز» النووية الجديدة المُنطَلِقة من البحر؟
وفق تقرير جديد نشره موقع «ديفانس نيوز»، تحرز الولايات المتحدة تقدماً متواصلاً في مجال تطوير إمكانات نووية خطيرة وجديدة، ذكر آرون ميهتا، مراسل في الموقع، أن وزارة الدفاع الأميركية تنوي ابتكار برنامج تسجيل خاص بصاروخ «كروز» المُنطَلِق من غواصة والمزوّد برأس حربي نووي. يأتي هذا الطلب رداً على الخيارات التي تفضّلها إدارة ترامب وكانت قد طرحتها في «مراجعة الوضع النووي» في عام 2018، علماً أنها دعت أيضاً إلى وضع رؤوس حربية نووية منخفضة الحمولة على صواريخ بالستية تنطلق من غواصة.لم تستعمل الولايات المتحدة أي نوع نووي مسلّح من صواريخ «كروز» المُنطَلِقة من غواصة منذ وقف استخدام صواريخ «توماهوك» الهجومية البرية في عام 2013 بسبب مخاوف مرتبطة بقدرتها على الصمود في المجال الجوي المتنازع عليه ومخاوف أخرى حول ما تفعله لإيصال نظام التوجيه المطابق للتضاريس فوق أراضي بلدان صديقة.
صحيح أن أي صاروخ جديد سيقلّص هذه المخاوف حول صمود المعدات (عبر زيادة سرعة الصاروخ أو قدرته على التسلل أو الاثنين معاً)، لكن ستبقى المشاكل المرتبطة بتوجيه مساره قائمة بلا شك، فبشكل عام رفض الجيش الأميركي استعمال أسلحة نووية في منصات تتكل على توجيه الأقمار الاصطناعية خوفاً من عمليات التشويش والقرصنة. لن يترافق استعمال نسخة متجددة وأكثر قدرة على الصمود من صواريخ «كروز» المُنطَلِقة من غواصة مع نشوء مشكلة جديدة بمعنى الكلمة، بل إنه سيعيد إحياء مشكلة قديمة، حيث تحتل صواريخ «كروز» النووية مساحة واسعة على السفن وتفرض على طاقم السفينة التمتع بأنواع مختلفة من الخبرة، حتى أن تخزينها إلى جانب صواريخ تقليدية يزيد احتمال وقوع الحوادث بكل وضوح. قد يطرح تمييز هذه الصواريخ مشكلة أخرى أيضاً، فقد أطلقت الولايات المتحدة عدداً كبيراً من صواريخ «كروز» من غواصات كجزءٍ من حربها على الإرهاب ومن صراعاتها ذات الصلة، لذا تستطيع الصين وروسيا وقوى نووية أخرى التعرف على هذه الصواريخ باعتبارها تحمل ذخائر تقليدية، فإذا استعادت الغواصات الهجومية قدرتها على إطلاق أسلحة نووية، فستضطر بكين وموسكو حينها للقلق من كل صاروخ ينطلق ضمن نطاق أراضيهما. وسيطرح هذا الوضع إشكالية إضافية، بدل تخفيفها، في سياق أي صراع مباشر بين الولايات المتحدة والصين، إذ تعهدت الولايات المتحدة بتهديد أهدافٍ داخل الصين خلال أي صراع شامل، وستفعل ذلك على الأرجح بصواريخ «كروز». حتى الآن، لم تضطر الصين لتقييم احتمال أن تحمل تلك الصواريخ رؤوساً حربية نووية، لكن إذا استعملت الولايات المتحدة صواريخ «كروز» النووية والمُنطَلِقة من غواصات فستُعتبر أي ضربة حينها بمثابة هجوم نووي.لا شك أن استعمال صواريخ «كروز» النووية والمُنطَلِقة من غواصات سيُسبب جميع أنواع المشاكل التشغيلية والتكتيكية لروسيا والصين، لأنّ إمكانات الردع الأميركية ليست في موضع شك، لذا سيؤدي بناء منصات إضافية، على غرار هذه الصواريخ، إلى زعزعة الوضع بدل تحسينه على الأرجح.* «روبرت فارلي »