ما قل ودل: في رحاب الله ودعت مصر محمد حسني مبارك
![المستشار شفيق إمام](https://www.aljarida.com/uploads/authors/67_1682522878.jpg)
ولم يعرّض بلاده لحرب قادها تحالف دولي، فقضى على جيشه، ولا عرض بلاده للخراب والدمار، بل حرص على عقيدته العسكرية الوطنية ووحدة هذا الجيش، ولم يستقوِ بالخارج للبقاء في الحكم، معرضا بلاده لحرب أهلية، ولخروج الملايين من أبناء شعبه من وطنهم في الشتات. وكانت مكونات نظام حكمه من أصحاب النفوذ ورجال الأعمال في ظل سيطرة رأس المال على هذا الحكم هي التي نشرت الفوضى في البلاد، وخلقت الفراغ الأمني، وقتلت المتظاهرين لحماية مكتسباتها وإبقاء سيطرتها على البلاد، ولهذا قال في دفاعه سالف الذكر أمام المحكمة التي برأته من هذه التهم إن محمد حسني مبارك الذي يتحدث اليوم أمامكم، لم يكن ليأمر أبدا بقتل المتظاهرين وإراقة دماء المصريين، وهو الذي أفني عمره في الدفاع عن مصر وأبنائها، وأقول أمام الله وأمام الشعب إنني قضيت حياتي مقاتلًا، هكذا كان تعليمي وتدريبي وتلك كانت عقيدتي منذ تخرجي في سلاح الطيران، ولم أكن لآمر أبدًا بقتل مصري واحد تحت أي ظرف، ولم يكن لي أيضا أن أصدر قرارا بإشاعة الفوضى، وقد حذرت منها، ولم أكن لأصدر قرارا بإحداث فراغ أمني، فيعلم الجميع أنني حافظت على استقرار مصر وأمنها الوطني.ولم يقل لشعبه من أنتم، ولم يصفهم بالجرذان، بل قال في محاكمته سالفة الذكر إنني أدافع عن نفسي اليوم لمواجهة الاتهام، لا أدعي لنفسي الكمال، فالكمال لله وحده، فأنا بشر أصيب وأخطئ، تحملت بشرف وأمانة، وسوف يحكم التاريخ عليَّ وعلى غيري بما لنا وما علينا، ومن المؤكد أن التوفيق لم يحالفني في بعض ما اتخذته من قرارات وهو شيء طبيعي، أو أن بعضها لم يرتق لتطلعات بني وطني، ولكنني أشهد أمام الله أن كل قرار وسياسة انتهجتها إنما ابتغيت فيها صالح الوطن، وأقول مخلصا إنه رغم ما تعرضت له من اتهام وإيذاء، لا أزال شديد الاعتزاز بخدمة بلادي وبني وطني، من أيدني منهم ومن عارضني على حد سواء.لقد أثبتت هذه الجنازة، وهذا الحزن الذي خيم على الناس جميعا في مصر، أنه لا يزال في قلوب المصريين جميعا من أيدوه ومن عارضوه، وكنت منهم، فهو الذي دافع عن أرض مصر وترابها في الضربة الجوية الأولى في حرب أكتوبر 1973، ليلقن العدو الإسرائيلي المتغطرس الدرس الأول في هذه الحرب، الذي أذهلها وأفقدها صوابها، لتعبر بعد هذه الضربة القوات المصرية، قناة السويس، أخطر وأكبر مانع مائي عبره جيش من الجيوش في الحرب في العالم، ولتدك هذه القوات خط بارليف، بخراطيم المياه الذي أحالته ترابا، وقد كان بارليف، رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلي، يراهن بأن تدمير خطه يحتاج إلى قنبلة ذرية.اللهم تغمده برحمتك وأنزله فسيح جناتك.