لا يجوز الاستخفاف بالأثر السياسي والمعنوي للبيان الذي أصدره مسؤولون أوروبيون سابقون، معظمهم وزراء خارجية سابقون، وبعضهم رؤساء ورؤساء وزراء سابقون، مثل ميشلين كالمي دي الرئيسة السابقة لسويسرا، وغرو هارلم برونتلاند رئيسة وزراء النرويج، وجون بروتون، وأنغار كارلسون، وماسيمو داليما وكل منهم عمل رئيسا للوزراء في أيرلندا، والسويد، وإيطاليا، والذي أعلنوا فيه أمرين مهمين:أولا، رفضهم التام لصفقة القرن باعتبارها تتعارض مع معايير السلام، وقرارات الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي.
وثانيا، وهذا هو الأهم، أن خطة صفقة القرن تمثل تمهيدا لنظام فصل عنصري في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخريطتها تحمل خصائص مماثلة للفصل العنصري.وكرر هؤلاء المسؤولون في بيانهم، ما كنا نقوله لسنوات طويلة، إن ما تقوم به إسرائيل وما تظهره الخريطة الأميركية للدولة الفلسطينية يجعلها بلا سيادة، وأن الجيوب الفلسطينية فيها كما قال البيان «تظهر تشابها تقشعر له الأبدان» مع البانتوستانات في نظام الأبارتهايد البائد في جنوب إفريقيا.هؤلاء الوزراء والرؤساء وإلى جانب مطالبتهم حكومات دولهم والاتحاد الأوروبي يرفض الخطة الأميركية واتخاذ خطوات فورية وفعالة لمواجهة تهديد الضم، أكدوا تأييدهم لما قاله جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية، «بأن الخطوات الإسرائيلية للضم– إذا تم تنفيذها- لا يمكن أن تمر دون تحد»، وهو تعبير مخفف ودبلوماسي للتهديد بفرض عقوبات. معنى ما قاله هؤلاء المسؤولون الأوروبيون أن ما أنشأته إسرائيل وما يؤيده ترامب، هو نظام أبارتهايد وفصل عنصري، وهو ما حاولنا إقناع العالم به منذ عشرين عاما، وتضاف الى ذلك تصريحات المرشح الأميركي الديمقراطي للرئاسة بيرني ساندرز والتي وصف فيها نتنياهو بأنه عنصري رجعي.وواقع الأمر، أن نظام التمييز العنصري (الأبارتهايد) لا يشمل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة كما يشير البيان فقط، بل يشمل كذلك فلسطينيي أراضي 1948، والفلسطينيين المهجرين قسرا خارج فلسطين.وكل ما ذكر يبرر قانونيا، وأخلاقيا، وسياسيا، ويؤسس لتصعيد مطالبنا بفرض المقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات على منظومة الأبارتهايد الحاكمة في إسرائيل، بكل مكوناتها. طوال اثنين وسبعين عاما، سُمح لإسرائيل بأن تكون فوق القانون الدولي، وأن تكون محصنة من المساءلة حول خروقاتها الوقحة، الشديدة، والمنهجية للقانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، وقرارات الأمم المتحدة.وهذا الفصل المعيب في العلاقات الدولية يجب أن ينتهي، ويبدو أن تباشير انتهائه بدأت تلوح في الأفق، والسؤال الرئيس الموجه للمسؤولين الأوروبيين اليوم هو: هل يمتلكون الشجاعة الأدبية، والإرادة، وهم في مواقع الحُكم، لتنفيذ ما طالب به زملاؤهم خارج الحكم؟ حركة المقاطعة (BDS)، التي أصبحت حركة منتشرة عالميا، والتي تحاربها إسرائيل بشراسة، تتسع، وما كان محرما، بفرض عقوبات دولية رسمية على إسرائيل، يمكن أن يغدو واقعا. وكل ذلك يؤكد قناعتنا بأن حركة المقاطعة تمثل، وستمثل، أحد الأعمدة الرئيسة الستة لتغيير ميزان القوى لمصلحة الشعب الفلسطيني، من أجل تحقيق حريته الكاملة، وتحريره من نظام الاحتلال والاستعمار، والتمييز العنصري.* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية
مقالات
انفتاح أفق جديد لفرض عقوبات على إسرائيل
01-03-2020