ألقى فيروس كورونا المستجد بظلاله القاتمة على العديد من القطاعات الاقتصادية سواء المحلية أو العالمية، ومن أبرزها النفط والبورصات العالمية، ولم يكن القطاع العقاري المحلي بمنأى عن ذلك التأثير السلبي، فهو الآخر شهد متغيرات عدة خلال الأسبوع الماضي، وسط توقعات بتواصل تلك التأثيرات مع استمرار تداعيات انتشار الفيروس. وسألت «الجريدة» عدداً من العقاريين عن تأثير «كورونا» على القطاع العقاري عموماً، والقطاع التجاري «المجمعات» خصوصاً، واتفقوا على أنه في ظل تحذيرات الجهات المعنية بعدم التجمع فقد انخفض إقبال الزوار على المجمعات التجارية بشكل لافت. ورأى العقاريون أن ذلك العزوف انعكس سلباً على أداء المحال التجارية والمطاعم والكافيهات، وأصابها بمقتل، بالتالي انخفضت مبيعاتها بشكل كبير جداً، ويتوقع أن يستمر ذلك العزوف مع موجة التحذيرات من الجهات المختصة بعدم التجمع. وأفادوا بأنه على الشركات التجارية وضع خطط بديلة لتفادي الخسائر الكبيرة أثناء الأزمات، من خلال نموذج خطة استراتيجية لإدارة الأزمات والمخاطر، واعتماد الحلول والخطط البديلة التي يجب اتخاذها في الوقت المناسب، ومن الحصافة أيضاً ترحيل إيجارات المحال التجارية وتقديم التسهيلات، وفيما يلي التفاصيل:

Ad

بداية قال الخبير العقاري طارق العتيقي، إن هناك تأثيراً واضحاً بلاشك لفيروس "كورونا" على العديد من القطاعات الاقتصادية، ومنها قطاع المجمعات التجارية والمطاعم، الذي شهد الأسبوع الماضي عزوفاً كبيراً من الجمهور.

وأوضح العتيقي أن ذلك العزوف انعكس سلباً على أداء المحال التجارية والمطاعم والكافيهات، وانخفضت مبيعاتها بشكل كبير جداً، ويتوقع أن يستمر ذلك العزوف مع موجة التحذيرات من الجهات المختصة بعدم التجمع.

وأضاف أن ذلك سينعكس بطبيعة الحال على سيولة أصحاب المحال التجارية، وسط ارتفاع القيم الإيجارية، ورواتب الموظفين، فاستمرار ذلك الوضع وإن فترة بسيطة ستكون له تأثيراته على أصحاب المشاريع وخصوصاً الصغيرة.

وذكر "اننا في السوق المحلي نفتقد العديد من المفاهيم، منها مفهوم "الولاء" إذ يجب على أصحاب المجمعات التجارية تقديم تسهيلات لأصحاب المحال التجارية في حال وجود أزمة طارئة تؤثر على نشاطهم، وهذه الخطوة من شأنها خلق ولاء للمجمع وزيادة إقبال المستثمرين عليه.

وبين العتيقي أن تجار التجزئة وقطاع الأغذية والمشروبات، لديهم التزامات عديدة، من قروض ورواتب وإيجارات، وهم يعتمدون بشكل مباشر على القوة الاستهلاكية للمجتمع، وفي حال انخفاض القوة الشرائية لأي سبب فستكون هناك صعوبة في تسديد تلك الالتزامات.

وأفاد بأن قطاع التجزئة والمطاعم يعاني الركود قبل انتشار فيروس كورونا وسط المنافسة الكبيرة، وارتفاع القيم الإيجارية، مشيراً إلى أن هناك دوراً مهماً لأصحاب المجمعات التجارية تجاه مستثمري المطاعم وتجار التجزئة، ولابد من اتخاذ خطوات لتيسير أمورهم في ظل وجود أزمة طارئة.

إغلاق المحال

من جانبه، قال نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "جلوبال العقارية" يوسف شموه إن القطاع العقاري كما كان متوقعاً سيواجه في الربع الأول من العام الحالي مخاطر حسب الأوضاع الجيوسياسية.

وأوضح شموه أن الفترة الحالية التي نعيشها مع تداعيات انتشار فيروس كورونا بالنسبة لقطاع العقار السكني خلقت حركة من المشترين بالتصرف بشكل أسرع وجدي في الشراء وأيضاً جعل البائع يتخذ قرار البيع بسعر مناسب.

وأكد أن فيروس "كورونا" له تأثير مباشر على الاقتصاد وانتشر بوضوح في عدة دول، متوقعاً إغلاق بعض المحال التجارية لعدم قدرتها على التصدي وتحمل الخسائر، وأيضاً من المتوقع تقليص عدد الموظفين والعمالة في بعض الشركات إذا استمرت تداعيات الفيروس.

وأوضح أن هناك العديد من القطاعات الاقتصادية تأثرت كثيراً منها شركات الطيران وقطاع الفنادق والذهب والمعارض والمؤتمرات، في حين أدى انتشار الفيروس إلى ارتفاع مبيعات قطاع الأدوية والوقاية وقطاع التغذية، محذراً من استغلال هذه التداعيات في الاحتكار أو رفع الأسعار، وفي هذا الجانب على وزارة التجارة والصناعة القيام بدورها في مكافحة تلك الممارسات.

خطط بديلة

وذكر أنه على الشركات التجارية وضع خطط بديلة لتفادي الخسائر الكبيرة أثناء الأزمات، ويأتي ذلك من خلال نموذج خطة استراتيجية لإدارة الأزمات والمخاطر والحلول والخطط البديلة التي يجب اتخاذها في الوقت المناسب.

وأضاف أنه على الشركات التوجه خلال وجود مثل أزمة "كورونا" إلى البيع غير المباشر من خلال المنصات الإلكترونية والبيع والتوصيل إلى المنازل وابتكار خطط تسويقية وعروض حصرية حتى ولو كانت برأس المال بغية تقليل الخسائر وعدم تكبد مبالغ تشغيلية صعب تعويضها.

وتابع شموه أنه على ملاك المجمعات التجارية وأصحاب المحلات التعاون مع المستأجرين من خلال تسهيلات في تسلّم الإيجار خلال فترة الأزمات، ويُتوقع أن نرى توجه أصحاب المشاريع في حال استمرار الأزمة إلى البنوك للحصول على تمويل لتغطية بعض العجوزات.

وقال إن الحكومة يجب أن يكون لديها خطة لمواجهة الأزمات ودعم الاقتصاد، واتخاذ بعض القرارات التي تساهم في استقرار العلاقة الاقتصادية، وخير مثال "التجربة الماليزية" إذ أعلن رئيس الوزراء الماليزي المؤقت (قبل استقالته) مهاتير محمد، قبل عدة أيام حزمة تحفيز قيمتها 20 مليار رنجيت (4.7 مليارات دولار)، في إجراء لتعويض الآثار الاقتصادية المحلية للحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة وتفشي فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد - 19) يشمل إعفاءات ضريبية وإعادة جدولة القروض للشركات المتأثرة بتفشي الفيروس، وتخفيض الرسوم المفروضة على محال البيع بالمطارات.

حركة غير اعتيادية

من ناحيته، أفاد عضو الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار مبارك المانع بأنه منذ انتشار فيروس "كورونا" المجمعات التجارية والمطاعم شهدت حركة لا تبدو اعتيادية في ظل انتشار فيروس كورونا.

ولفت المانع إلى أن العديد من المواطنين والمقيمين فضل عدم الخروج إلى المجمعات مع وجود تحذيرات من الجهات المختصة بعدم التجمع والاختلاط، وهذا أثّر كثيراً على مبيعات المطاعم وتجار التجزئة.

وقال المانع، إن المجمعات والمطاعم ليست فقط من تأثرت بذلك الإجراء، بل أيضاً شهد قطاع الفنادق ركوداً غير اعتيادي، نتج عنه انخفاض كبير في نسب الشَّغل.

وأوضح أنه منذ ظهور الفيروس، كان هناك نوع من التأهب في القطاع العقاري، إذ شهد القطاع عموماً انخفاضاً في عمليات التداول، والجميع في حالة ترقب لما تؤول إليه الأوضاع الإقليمية والعالمية وأيضاً المحلية.

وقال إنه لابد لأصحاب المجمعات التجارية التوجه لتقديم تسهيلات وترحيل مواعيد تسلّم الإيجارات إلى فترات أخرى، فاستمرار أزمة "كورونا" سيؤثر بالتأكيد على مبيعات مستثمري التجزئة والمطاعم.

وأوضح أن القطاع السكني يعتبر آخر المتأثرين بالأزمات، فهو مرتبط بحاجة المواطن للسكن وهي حاجة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، لكن باقي القطاعات العقارية مرتبطة بعدة قطاعات أخرى ويتأثر بها، وبسلوك المجتمع والأزمات الطارئة.