العراق: حكومة علاوي «عالقة» والفراغ الدستوري يطل برأسه
الصدر يخفق في الضغط على الأحزاب
فشل مؤيدو تكليف محمد علاوي تشكيل حكومة عراقية جديدة في عقد جلسة برلمانية لمنحها الثقة، فقد أجل البرلمان انعقاده أمس، في حين لم يتبق من المهلة الدستورية للتشكيلة سوى ساعات حتى نهاية اليوم الاثنين، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات فراغ سياسي معقدة، ويثير غضب المحتجين.ويحاول تيار مقتدى الصدر مع أطراف شيعية أخرى تمرير حكومة علاوي رئيس الوزراء المكلف، وسط ممانعة كردية وسنية انضمت إليها قوى شيعية لاحقاً، في تصادم نادر وصل إلى مرحلة لَي الأذرع بين الأحزاب العراقية.ويحتاج الصدر وحلفاؤه إلى 83 صوتاً فقط لتمرير الحكومة، لكن لم يدخل قاعة البرلمان إلا 108 نواب، والمطلوب حضور 168 هم نصف الأعضاء.
وفَقد الصدر تأييد شريحة واسعة من المحتجين العراقيين الذين يواصلون حراكهم الكبير منذ خمسة أشهر، بسبب خلافات عميقة وصدامات عنيفة حصلت بين أتباع الصدر والناشطين العلمانيين، وبذلك فَقد رجل الدين الشاب ورقة ضغط كبيرة كان بإمكانه استخدامها لإجبار البرلمان على تمرير الحكومة المؤقتة. ولم يلق محمد علاوي قبولاً لدى حركة الاحتجاج لأنها تعده جزءاً من الطبقة السياسية، إذ تطلب مرشحاً مستقلاً يضمن تنفيذ انتخابات عادلة بإشراف دولي خلال عام، لكن بعض المحتجين طلبوا منحه فرصة بوصفه الحل الوسط بين معايير المحتجين الصارمة، ومعايير الأحزاب المتهمة بالفساد أو بالتبعية لنفوذ إيراني واضح.إلا أن محمد علاوي أحبط الجمهور حين أعلن تشكيلة وزارية وصفت بالهزيلة تتكون من تكنوقراط معظمهم طاعنون في السن ولا يُعرَف عنهم تأييدهم لحركة الاحتجاج، أو قدرتهم على مواجهة نفوذ الفاسدين والفصائل المسلحة المتهمة بقتل وجرح نحو 28 ألف محتج.ويشعر السُّنة والأكراد أنهم باتوا خارج لعبة تشكيل الحكومة، إذ لم يحصلوا على تمثيل لأحزابهم في الوزارة المقترحة، متهمين الصدر وميليشيات شيعية، بأنهم جاءوا بمرشحين مستقلين شكلياً للوزارات غير أنهم خاضعون لنفوذهم.وجرى تأجيل الجلسة المخصصة لمنح الثقة مرتين وسط تراشق سياسي شديد أثار غضب المحتجين الذين وجدوا في هذا الأداء السياسي استهزاءً بتضحياتهم من أجل حكومة نزيهة تنفذ انتخابات عادلة، الأمر الذي اعاد شعار إسقاط النظام بقوة داخل المسيرات اليومية، باعتبار أن الأحزاب كرّست يأس الجمهور من إمكانية الإصلاح السياسي ومازالت تعمل بآليات ما قبل الانتفاضة.وحاول أنصار الصدر تشجيع المحتجين على مظاهرة مليونية صباح الأحد في نوع من التهديد للبرلمان والضغط عليه، لكن تفشي مخاطر الإصابة بفيروس كورونا داخل التجمعات ساهم في تقليص الأعداد، كما أن معظم الذين شاركوا في تظاهرة الأحد في المنطقة المحيطة بالبرلمان كانوا يهتفون ضد تشكيلة محمد علاوي وضد البرلمان نفسه، الأمر الذي كشف عجز أنصار الصدر عن التأثير الفاعل في حركة الاحتجاج، على عكس الشهور الأولى التي كانت تشهد تنسيقاً بمستوى عالٍ.وإذا لم ينجح علاوي في إقناع الأحزاب حتى مساء اليوم الاثنين بدعم تشكيلته، فإن رئيس الجمهورية سيكون مطالباً بتكليف شخصية أخرى، وهو ما يدخل العملية السياسية في مرحلة جديدة من التعقيد، قد تجبر الأحزاب على تقبُّل ظهور قواعد عمل جديدة بفعل حركة الاحتجاج الواسعة.