رغم مرور أكثر من 10 سنوات على اعلان وزارة التربية نيتها انشاء منصات للتعليم الالكتروني ومواكبة التطورات الحديث في مجال التربية والتعليم، وبعد الوعود التي اطلقها أكثر من وزير بأهمية ادخال التكنولوجيا في التعليم وتوفير أحدث الوسائل في المدارس، فإن الوضع لا يزال «مكانك راوح» ولم ينفذ، ولو يسيراً من هذه الوعود، كما لم تنشئ الوزارة منصتها التعليمية الالكترونية الموعودة، والتي تمثل في مثل هذه الظروف الصحية الراهنة حاجة ماسة لتجاوز تداعيات اقفال المدارس كإجراء وقائي للحؤول دون تفشي فيروس كورونا.

وبينما شكلت الأزمة الصحية العالمية الراهنة، والتي شملت الكويت وبعض دول المنطقة، مبررا لتعطيل المدارس اسبوعين, فإن تطورات هذا الفيروس قد تحتم تمديد اغلاق المدارس فترة اضافية، مما يؤدي بالتالي الى تأخر الانتهاء من المناهج الدراسية، مع ما يرتبه ذلك من انعكاسات تشمل الطلاب والمعلمين والاهالي على حد سواء.

Ad

وتشكل آليات التعليم الالكتروني أحد المخارج التي كان بالامكان اعتمادها لتفادي نتائج إغلاق المدارس، إلا أن المدارس الحكومية لا تمتلك هذه الآليات الذكية، في حين بادرت العديد من المدارس الخاصة إلى اطلاق هذه الخدمة لطلبتها، حيث وفرت بعض المدارس الخاصة الأجنبية منصات تعليمية لخدمة طلبتها وتعليمهم عن بعد، مما يعكس حرص هذه المدارس على مواكبة التطورات الحديثة، وتأخر المدارس الحكومية عن اللحاق بالركب.

طروح لم تنفذ

في هذا السياق، أكد الخبير التربوي د. محمد الشريكة أن وزارة التربية لديها تصريحات كثيرة على مدى العشر سنوات الاخيرة حول التعليم الالكتروني وانشاء منصات تعليمية وغيرها من الامور ذات الصلة، «إلا اننا لم نلمس أي شيء على أرض الواقع».

وقال الشريكة إن الوزارة قامت بعمل قناة فضائية بالتعاون مع وزارة الاعلام لعمل دروس من خلالها إلا أنها فشلت ولم تستمر لكون هذه الوسائل اصبحت بدائية في نظر الطلبة أنفسهم، فالطالب اليوم يحمل جهازه الذكي ويستطيع الولوج إلى مختلف المواقع والتطبيقات ولن يتسمر أمام التلفاز لساعة أو ساعتين ليشاهد دروسا.

وأضاف أن الاجتهادات الشخصية في عمل منصات تعليمية الكترونية بسيطة لا يمكن أن تكون فاعلة وذات جدوى تعليمية عالية، لافتا إلى أهمية أن تتبنى وزارة التربية فكرة انشاء منصة تعليمية تفاعلية شاملة ضمن محتوى تعليمي الكتروني متطور، ويكون لديها البنية التحتية المناسبة لذلك، إضافة إلى التوعية المجتمعية المناسبة لكي تصل إلى أهدافها.

وأوضح الشريكة أنه كان عضوا في لجنة مراجعة استراتيجيات تضمين تكنولوجيا المعلومات في التعليم والتي قامت بمراجعة جميع مشاريع التعليم الالكتروني وتطوير التعليم حيث رفعت هذه اللجنة توصياتها إلى الوزارة وللأسف لم يتم الأخذ بها.

ولفت إلى أن «هناك عجزاً وعدم قناعة بالتكنولوجيا لدى قياديي وزارة التربية لكون هؤلاء القياديين غير ملمين بالتكنولوجيا والوسائل التقنية الحديثة وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه».

التواجيه ترفض المبادرات

نقلت مصادر تربوية أن بعض الموجهين وجهوا انتقادات إلى تجربة «التعليم عن بعد» التي قدمتها بعض المدارس كاجتهادات فردية لمساعدة الطلبة، مبينة أن الطالب في التعليم الحكومي والخاص غير مطالب نهائيا بالتعلم عن بعد، لاسيما أن بعض المواقع تقدم خدماتها التعليمية عن طريق رسوم مالية.

تجارب خاصة

من جانبها، قالت مدير مدرسة «نورث ويست» لجين الوزان على حساباتها في وسائل التواصل، إن المدرسة تعاقدت مع تطبيق «بيمز» الرائد في مجال التعليم عن بعد، والذي سيتيح لطلبة المدرسة مشاهدة جميع الحصص والتفاعل مع المعلم بطريقة سلسة وعبر شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية، لافتة إلى أن هذه الخطوة جاءت التزاما من المدرسة بتوفير وسائل ايصال المعلومة لطلبتها والمحافظة على سلامتهم وصحتهم في آن واحد.

وأضافت الوزان: «إيمانا منا بمسؤوليتنا التعليمية تجاه الطلبة في ظل الظروف الراهنة، وحرصا منا على عدم انقطاع الطلبة عن دراستهم، اتخذنا قرارا بإيجاد وسيلة الكترونية للتعليم عن بعد من خلال التعاقد مع شركة متخصصة في هذا المجال»، مبينة أن الطالب لن يتحمل أي تكلفة مادية فيما يخص التعليم عن بعد.

«الخاص» تؤيد «التعليم عن بُعد» وتمنع دوام المعلمين

بعد أن أصدرت الادارة العامة للتعليم الخاص أمس الأول نشرة شجعت فيها المدارس الخاصة ومبادراتها من أجل توفير منصات تعليمية الكترونية للتعليم عن بعد، ألحقتها بنشرة أمس تفيد بعدم السماح للمعلمين والاداريين في المدارس الخاصة بمباشرة الدوام، مع السماح للمدارس بتفعيل منصات التعليم الالكتروني بما يضمن استمرار تفاعل الطلاب مع معلميهم، شريطة أن تكون المدرسة لديها خطة سابقة تتعلق بتفعيل تلك المنصات.

مبادرة فردية

من جهتها، قالت معلمة اللغة العربية فاطمة ناصر، إنها تقدمت بمبادرة من خلال حساباتها الشخصية لتقديم خدمات التعليم عن بُعد للطلبة، مشيرة إلى أنها فعلت حسابها على «انستغرام» وقدمت دروسا في اللغة العربية للصف الخامس، حيث وجدت تجاوبا وتفاعلا كبيرا جدا، غير أن هذه الافكار والمبادرات تظل مبادرات فردية غير مكتملة.

وأشارت إلى أن تأخر «التربية» في مواكبة التطورات الحديثة وانشاء منصات تعليمية تفاعلية حديثة أمر مستغرب لاسيما أن الوزارة تصرف مبالغ مالية كبيرة سنويا، لافتة إلى ان وجود منصة حكومية تتبع التربية يساهم في نشر التعليم الالكتروني وتوفيره لجميع الفئات سواء بالأزمات المشابهة لهذه الازمة الحالية أو حتى للطلبة ذوي الامراض المزمنة.

وأكدت أنها مستمرة في تقديم شروح الدروس والمراجعات من خلال حسابها، خدمةً لأبناء الكويت دون أي مقابل، لافتة إلى أنه تم تقديم عروض لها من قبل شركات للعمل معها في مجال الدروس الإلكترونية، «إلا أنني رفضت، فأنا أبتغي وجه الله أولاً، ثم خدمة أبناء بلدي».