ما حاولت أن تخفيه سنوات المفاوضات المتشنجة حول سد النهضة، ظهر للعلن دفعة واحدة، والتباين الواضح في المواقف بين مصر وإثيوبيا تحول إلى ملاسنة علنية تنذر بتصاعد التوتر إلى درجات أكثر خطورة تهدد شرق إفريقيا بأزمة غير مسبوقة، إذ بدأت القاهرة تصعيد لهجتها الغاضبة ضد تحركات أديس أبابا المنفردة والرامية إلى احتكار القرار في النيل الأزرق، بما يهدد بخصم جزء كبير من حصة مصر.

وزارتا "الخارجية" و"الموارد المائية والري" المصريتان أصدرتا بيانا أمس الأول، عبرتا فيه "عن بالغ الاستياء والرفض" للبيان الصادر عن وزارتي الخارجية والمياه الإثيوبيتين السبت الماضي، بشأن جولة المفاوضات حول سد النهضة، التي عقدت في واشنطن 27 و28 فبراير الماضي، و"التي تغيبت عنها إثيوبيا عمدا لإعاقة مسار المفاوضات"، بحسب توصيف البيان المصري.

Ad

وأبدت القاهرة استغرابها من "أن يتحدث البيان الإثيوبي عن الحاجة لمزيد من الوقت لتناول هذا الأمر الحيوي بعد ما يزيد على 5 سنوات من الانخراط الكامل في مفاوضات مكثفة تناولت كل أبعاد وتفاصيل هذه القضية".

وأكدت الوزارتان المصريتان أن البيان الإثيوبي "اشتمل على العديد من المغالطات وتشويه الحقائق، بل والتنصل الواضح من التزامات إثيوبيا بموجب قواعد القانون الدولي وبالأخص أحكام اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015".

ورفضت مصر رفضا تاما "ما ورد في البيان الإثيوبي من إشارة إلى اعتزام أديس أبابا المضي في ملء خزان سد النهضة على التوازي مع الأعمال الإنشائية للسد، وليس ارتباطا بالتوصل إلى اتفاق يراعي مصالح دول المصب ويضع القواعد الحاكمة لعمليتي ملء السد وتشغيله بما لا يحدث أضرارا جسيمة لها، وهو ما ينطوي على مخالفة صريحة للقانون والأعراف الدولية، وكذلك لاتفاق إعلان المبادئ".

وتمسك بيان القاهرة بـ "الاتفاق العادل والمتوازن الذي بلورته الولايات المتحدة والبنك الدولي"، والذي جاء بمشاركة كاملة من قبل إثيوبيا واتفاقها معها، "وان ما تمت بلورته في اجتماع واشنطن الأخير جاء نظرا لغياب إثيوبيا المتعمد، ويتسق تماما مع أحكام القانون الدولي، ويمثل حل وسط عادلا ومتوازنا تم استخلاصه من واقع جولات المفاوضات المكثفة بين مصر والسودان وإثيوبيا على مدار الأشهر الأربعة الماضية".

وتمسكت القاهرة باتفاق واشنطن الذي وقعت عليه الأسبوع الماضي بالأحرف الأولى، لأنه "يحقق مصالح الدول الثلاث، ويمثل الحل للقضايا العالقة إذا خلصت النوايا... وصدقت الوعود الإثيوبية المتكررة بعدم الإضرار بالمصالح المصرية"، لافتة إلى أن "ملكية إثيوبيا لسد النهضة لا تجيز لها مخالفة قواعد القانون الدولي... والافتئات على حقوق ومصالح الدول التي تشاطرها نهر النيل".

وكشف وزير الخارجية المصري سامح شكري عن الغضب المصري المتصاعد من الموقف الإثيوبي، إذ قال في تصريحات إعلامية إن هناك رغبة إثيوبية في عرقلة الوصول إلى اتفاق نهائي والتوقيع عليه.

وشدد شكري على أنه إذا بدأت إثيوبيا الملء بدون اتفاق تكون قد تخلت عن التزاماتها وفقا لإعلان المبادئ، وأن مصر التي تتحدث عن الإطار السياسي ستعمل بكل ما لديها من عزيمة للحفاظ على مصالح الشعب المصري، لأن قضية المفاوضات وجودية ولا تهاون فيها بكل الوسائل المتاحة.

في السياق، طالب عضو البرلمان المصري الصحافي المقرب من دوائر صنع القرار بالقاهرة مصطفى بكري الحكومة المصرية بالتقدم بطلب لعقد اجتماع لجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين ووزراء الخارجية لاتخاذ موقف عربي موحد ضد العجرفة الإثيوبية بعد رفضها التوقيع على اتفاق سد النهضة.

قضائيا، قررت محكمة جنايات القاهرة، أمس، بالإعدام شنقا للإرهابي هشام عشماوي (الضابط السابق بالجيش المصري)، و36 آخرين في قضية تنظيم أنصار بيت المقدس، لارتكابهم 54 جريمة إرهابية، تتضمن اغتيال ضباط شرطة، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم، بعد استطلاع رأي مفتي الديار المصرية في أحكام الإعدام، ويحق للمتهمين الاستئناف والطعن على الحكم.

ويعد عشماوي –ضابط الصاعقة بالجيش المصري سابقا- أحد أخطر الإرهابيين في مصر، إذ قاد التخطيط والتنفيذ لعدد من أبرز العمليات الدموية، أبرزها مذبحة كمين الفرافرة يوليو 2014، التي أسفرت عن مقتل 22 مجندا، وهجوم كرم القواديس أكتوبر 2014، الذي أسفر عن مقتل 31 مجندا، والهجوم على حافلة الأقباط في المنيا يونيو 2017، مما أدى إلى مقتل 31 قبطيا.