بعد 5 أيام من المعارك العنيفة مع فصائل إدلب بقيادة جبهة النصرة سابقاً، دخل الجيش السوري بدعم روسي مجدداً مدينة سراقب، نقطة التقاء الطريقين الدوليين الاستراتيجيين M5، الذي يصل حلب بدمشق، ويعبر مدنا رئيسية عدة من حماة وحمص، وصولا إلى الحدود الجنوبية مع الأردن، وM4 الذي يربط محافظة حلب بإدلب ثم اللاذقية غربا، وفق وكالة الأنباء الرسمية (سانا) والمرصد السوري.

وجاء تقدّم الجيش، وفق المرصد، غداة استقدامه وحلفائه، خصوصاً حزب الله اللبناني، تعزيزات عسكرية إلى المدينة، التي تدور في محيطها معارك عنيفة بين فصائل إدلب بدعم من المدفعية التركية من جهة، والقوات الحكومية والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، بدعم من غارات تشنّها روسيا.

Ad

وأكد المرصد مقتل 19 جندياً سورياً في قصف لطائرات مسيّرة تركية طال رتلاً عسكرياً في منطقة جبل الزاوية ومعسكراً قرب مدينة معرة النعمان، كما أحصى مقتل 23 عنصراً من الفصائل على محاور سراقب ليلاً.

وأقر الناطق الرسمي باسم ائتلاف الفصائل المدعومة من تركيا، النقيب ناجي مصطفى، بأن «قوات (الرئيس بشار) الأسد شنّت هجوما عنيفا على سراقب»، متحدثاً عن «اشتباكات عنيفة جداً داخل المدينة».

«درع الربيع»

وأوضح المرصد أن المعارك تدور على وقع تصعيد كبير ازدادت حدّته الأسبوع الماضي، بعد مقتل 33 جندياً تركياً الخميس، ردّت أنقرة عليه باستهداف مواقع سورية تسبّب منذ الجمعة في مقتل 93 عنصراً بينهم 10 من «حزب الله»، وفق المرصد.

وفي بداية عملية رابعة أطلقت عليها اسم «درع الربيع»، أسقط الجيش التركي، أمس الأول، طائرتين حربيتين سوريتين في إدلب، تزامناً مع إغلاق دمشق مجالها الجوي الشمالي، وهددت بإسقاط أي طائرة تخرق أجواء إدلب.

وأكدت وسائل الإعلام الرسمية أن الجيش السوري أسقط 3 طائرات مسيّرة تستخدمها أنقرة بكثافة لقصف مواقع تابعة له وقواعد جوية في المنطقة.

وقبل توجّه الرئيس التركي إردوغان الخميس لإجراء محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تتناول التصعيد في إدلب، أعلن المتحدث باسم «الكرملين»، ديمتري بيسكوف، أمس، أن الجيش الروسي «لن يكون قادراً على ضمان سلامة الطيران فوق إدلب، مبينا أن على تركيا أن تولي اهتماما بتحذيره من أن طائراتها قد تكون في خطر بأجواء المحافظة.

وقال بيسكوف: «نحافظ على التزامنا باتفاقات سوتشي، ووحدة الأراضي السورية، ودعم دمشق في مكافحة الإرهاب ونولي أهمية كبرى للتعاون مع شركائنا الأتراك»، مضيفا: «عسكريونا على تواصل دائم ويحللون ويقيّمون الوضع على الأرض. والأهم هو مفاوضات بوتين وإردوغان».

أكبر خسارة

وتحدث إردوغان عن تكبيد الجيش السوري «أكبر خسارة في تاريخه»، مهدداً بأنه «إذا لم ينسحب جنوده إلى الخطوط التي حددتها تركيا في أقرب وقت ممكن، فلن يبقى لهم رأس فوق أكتافهم».

وشدد إردوغان على أن قواته دمرت مطار النيرب العسكري بالكامل، وأكثر من 135 دبابة و45 مدفعًا وطائرة من دون طيار وثمانية طائرات هيلوكوبتر، إضافة إلى تحييد 2557 عنصراً.

وأمل إردوغان في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في إدلب خلال لقاء بوتين، مجدداً تأكيده أن تركيا ليست لديها مشكلة مع روسيا وإيران في سورية.

في المقابل، أكد مصدر رسمي بوزارة الخارجية السورية، أمس، «العزم والتصميم على التصدي للعدوان التركي السافر بكلّ الحزم، ووضع حدّ لكلّ التدخلات التركية حفاظاً على سلامة ووحدة الأراضي السورية».

وطالبت «الخارجية» المجتمع الدولي «بإدانة تصرفات تركيا على أراضيها ووضع حد لسلوكيات نظام إردوغان في دعم الإرهاب، وأخطار انتشاره في المنطقة والعالم».

واشنطن وطهران

وللمرة الثانية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وصل المبعوث الأميركي لسورية جيمس جيفري، على رأس وفد رفيع يضم مندوبة الأمم المتحدة كيلي كرافت، إلى أنقرة لبحث مسألة إدلب مع المسؤولين الأتراك وممثلي الأمم المتحدة والمنظمات المدنية، لبحث الأزمة الإنسانية الحاصلة.

إلى ذلك، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، عن مساع لعقد اجتماع ثلاثي بطهران في أسرع وقت، في إطار مسار أستانة، باعتباره الأقوى لحلّ الوضع في إدلب، مشيراً إلى إجراء «اتصالات لعقد اجتماع إيراني - تركي - سوري، وآخر إيراني - تركي - روسي، لتحقيق النتائج المرجوة».

قضية المهاجرين

وتوازياً مع الضغط العسكري، اعتبر إردوغان أن مسألة فتح الأبواب أمام اللاجئين قد حسمت، والأبواب لن تغلق مجدداً، مطالباً الاتحاد الأوروبي بتحمّل نصيبه من عبء استقبالهم.

وغداة إعلان اليونان عن مواجهة تهديد «خطير تدفع وتشجع تركيا عليه، بدأ جيشها أمس تدريبات عسكرية، باستخدام الرصاص الحي ضمن حالة الاستنفار على الحدود لمنع المهاجرين من الدخول.

واستمرت الاشتباكات لليوم الثالث على التوالي عند الحدود اليونانية، حيث سعت الشرطة إلى دفع المهاجرين للعودة من حيث أتوا، بإطلاق الغاز المسيّل للدموع.

وأفاد مصدران أمنيان تركيان بأن مهاجراً سورياً كان يسعى للعبور إلى اليونان لقي حتفه، أمس، متأثراً بجروحه، بعدما تدخلت قوات الأمن اليونانية لمنع عبور مهاجرين تجمعوا على الحدود.

كما قتل طفل قبالة سواحل جزيرة ليسبوس اليونانية، بعد غرق قارب للمهاجرين كان محملاً بنحو 50 شخصاً، بحسب المتحدث باسم شرطة الميناء.

ووصل نحو 1300 طالب لجوء بخلال 24 ساعة إلى الجزر اليونانية الخمس في بحر إيجه القريبة من تركيا، في ارتفاع كبير بأعدادهم منذ قرار أنقرة فتح أبوابها أمام المهاجرين، سعياً للضغط على الغرب.

وفي حين التقى رئيس وزراء بلغاريا بويكو بوريسوف إردوغان، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن «التضامن الكامل» مع اليونان وبلغاريا لمواجهة موجة المهاجرين، واستعداده «لتقديم مساعدة سريعة وحماية الحدود».

وفي بروكسل، يعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً الأسبوع المقبل لمناقشة التطورات.

ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أنقرة إلى احترام الاتفاق المبرم في 2016 بشأن الحدّ من تدفّق المهاجرين للاتحاد الأوروبي.