تقف الحكومة اللبنانية أمام امتحان كبير، فموقفها النهائي من سندات «اليوروبوند»، التي تستحق الاثنين المقبل، سيكون مفصليا، في تحديد مصير البلاد، سواء على الصعيد الاقتصادي – المالي، أو على النطاق السياسي – الاستراتيجي. السلطة لم تحسم بعد خيارها، وعجلة الاتصالات بين المعنيين بالسندات تدور بقوة، تمهيدا لبلورة الخيار الانسب دفعا او تخلفا، في وقت وصل سعر صرف الدولار، أمس، إلى رقم قياسي جديد تجاوز عتبة 2600 ليرة للدولار.
ويبدو أن الأمور ذاهبة نحو عدم الدفع مع إعادة هيكلة الدين، لكن هذا التوجّه المبرَّر نظرا لوضع مالية الدولة المهترئ، لا يمكن أن يكون معزولا أو غير مقرون بسلسلة خطوات ضرورية لصون صورة لبنان وسمعته دوليا.وقالت مصادر سياسية متابعة إن «المطلوب قرارات جريئة تقاس في ميزان الجوهرجي لا قرارات شعبوية»، مضيفة أن «ثمة ميلا لدى الثنائي الشيعي عموما وحزب الله خصوصا، الى الاكتفاء بعدم الدفع، دون الاكتراث لما يجب أن يُرافق هذه العملية من تدابير». وتابعت المصادر: «بينما يشن الحزب حملة شرسة ضد التعاون مع صندوق النقد الدولي، ورفضا لإمكانية أن يكون أداة في يد الأميركيين للضغط على بيروت، تُبدي الضاحية أيضا تشددا إزاء اقتراح دفع جزء من السندات للمدينين الأجانب، علما أن إجراء من هذا القبيل ضروري لحفظ ماء وجه الدولة اللبنانية أمام هؤلاء من جهة، وفي عيون المجتمع الدولي والدول المانحة، من جهة ثانية».من جهة ثانية، تطرح جمعية المصارف شراء سندات اليوروبوند المحمولة من الأجانب، لتصبح حصتها منها توازي 75 في المئة، بشرط تأجيل دفع أصل السندات المستحقة في 2020، والاستمرار في دفع الفوائد البالغة قيمتها 1.5 مليار دولار، بعد أن كان رئيسها سليم صفير قال إنه قد يكون حاملو السندات الأجنبية على استعداد للموافقة على التبادل إذا كان بإمكان الدولة إقناعهم بحسن نيتها من أجل القيام بالاصلاحات وتنفيذ خطة موثوقة». أما وزير المال غازي وزني فاقترح على المصارف أمس الأول، بحسب وكالة رويترز، أن توافق على استبدال كل السندات التي تحملها بسندات جديدة تصدرها وزارة المال بفائدة متدنية، مقابل مواصلة الخزينة سداد الديون، لكن ستواصل الخزينة دفع الاستحقاقات للخارج». لكن اقتراحه اصطدم برفض القوى السياسية وعلى رأسها، للمفارقة، الثنائي الشيعي. وبرز في السياق، ما نُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث قال إنه «مستاء جداً من بعض المواقف المؤيدة لتسديد استحقاق اليوروبوند، وخصوصا من جمعية المصارف التي يبدو أنها تقترح أن يتم دفع نسبة 50 في المئة من السند المستحق».وبناء على ذلك أبلغ بري المعنيين أنه لن يوافق على دفع دولار واحد من هذا الاستحقاق. كما نفى وزني في بيان أمس «ما ذكرته وكالة رويترز بأنه قدم مقترحا بمبادلة السندات مع تعديل في الفائدة وتطويل مدة السداد».إلى ذلك، أعلن عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي بعد لقاء «الأربعاء النيابي»، أمس، رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري الدفع المسبق لسندات اليوروبوند، وقال: «المطلوب دعم الحكومة من قبل الجميع لهذا الموقف ولو أدى الى تعثر». وأوضح أن «الرئيس بري حمّل المسؤولية إلى المصارف التي أوصلت لخسارة نسبة 75 في المئة من الدين مع الشارين الأجانب»، مضيفا: «إذا أرادوا إعادة الهيكلة دون قيد أو شرط ودون دفع أي مبلغ أو نسبة من المبلغ أو فائدة فليكن، ما عدا ذلك فإننا مع أي تدبير تتخذه الحكومة ما عدا الدفع هذا».
دوليات
لبنان: بري يرفض سداد «اليوروبوند»
05-03-2020