مهن بسيطة كانت تمارس في الكويت قديماً كسباً للرزق

نشر في 05-03-2020 | 09:30
آخر تحديث 05-03-2020 | 09:30
شكلت بعض المهن البسيطة التي كانت تمارس في دولة الكويت قديماً مصدراً أساسياً لكسب الرزق لبعض الأهالي منها إنتاج عدد من السلع والحاجات المنزلية وتقديم الخدمات المتفرقة.

وعن بعض هذه المهن قال الباحث في التراث الكويتي محمد جمال لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» اليوم الخميس إن «الحطاب» إحدى تلك المهن وتقوم على جمع الحطب والنباتات الجافة من الصحراء ونقلها إلى المدينة لبيعها للمواطنين كسباً للرزق.

وأضاف جمال أن الأعشاب البرية وسيقان الأشجار الصحراوية كانت تمثل المواد الرئيسية للوقود في البيوت والمخابز حتى بداية خمسينيات القرن الماضي.

وأوضح أن «الحطاب» كان يقطع الحطب ويجمعه ويشده ضمن ربطات كبيرة تسمى الواحدة «شكبان» وجمعها «شكابين» وهي كمية من الحطب تربط بحبال مصنوعة من شعر الأغنام ويستمر الحطاب بالعمل طوال النهار حتى ما قبل العصر حيث يقفل راجعاً إلى المدينة متوجهاً إلى «الصفاة» التي يصلها مساء لبيع حطبه.

وذكر أن معظم البيوت قديماً كانت تضم غرفة خاصة للتخزين تسمى «دار الحطب» تستخدم لجمع مختلف أنواع الأخشاب والحطب والنباتات الجافة التي يتم شراؤها خلال الموسم لرخص ثمنها وتوافر كميات كبيرة منها لاستعمالها طوال العام وقوداً أو علفاً للحيوانات، مشيراً إلى أن «الدرب» أي الحمولة الواحدة منها كانت تباع بسعر يتراوح ما بين أربع آنات ونصف روبية حسب الكمية.

وعن مهنة «بياع ومصلح المفاتيح» أفاد بأن عدداً قليلاً من الكويتيين عمل بالماضي في صب المفاتيح كذلك إصلاح وبيع المفاتيح القديمة وكان بائعها يفترش الأرض واضعاً أمامه صندوقاً خشبياً صغيراً «سحارة» يصف عليه المفاتيح المتوافرة لديه ويعرضها للبيع ويقصده الراغبون بنسخ مفتاح معين أو طلب مفاتيح بديلة لتلك المفقودة فيتوجه معه بائع المفاتيح إلى المنزل لمعرفة نوعية المفتاح المطلوب صنعه وقياس حجمه.

وذكر جمال أن صانع المفاتيح بعد ذلك يتولى عمل قالب من الطين للشكل المطلوب من المفاتيح ويذيب المعدن وعادة ما يكون النحاس ثم يصبه في القالب ليبدأ بتشكل المفتاح بعد أن يأخذ شكل القالب والعديد من باعة المفاتيح قديماً اشتهروا بخبرتهم الكبيرة في معرفة المفتاح والقدرة على صب أي نوع من أنواعه.

وأشار إلى مهنة «راعي البسطة» والبسطة هي البضاعة التي يضعها مشتغلون ببيع السلع البسيطة أمامهم على الأرض حيث يفرش الواحد منهم حصيراً صغيراً أو قطعة من القماش ليضع عليها بضاعته بانتظار المارة لشراء ما يحتاجونه من سلع مختلفة.

وتابع أن صاحب البسطة قد يبيع الخضراوات أو الملابس أو أدوات الخياطة أو ما شابه ذلك من سلع ويشاهد أصحاب البسطات في بعض الأسواق وزوايا الشوارع التي يكثر فيها المارة الذين يفضلون شراء هذه السلع من البسطات لاعتقادهم برخص ثمنها مقارنة بأسعار ما تبيعه المحلات من البضاعة نفسها.

وعن مهنة «الفصام» أوضح أنه الشخص الذي يقوم بفصم النوى -أو فصله- عن التمر لجمعه وبيعه علفاً للدواب وتعتبر إحدى المهن النادرة في الكويت إذ كان يعمل بها الفلاحون في المناطق التي يكثر فيها النخيل كالبصرة.

وبين أن الفصامين كانوا يقومون بفصل النوى عن كميات كبيرة من التمر الذي يتم حشوه باللوز وغيره من المكسرات ثم يعبأ بعلب من الكرتون تمهيداً لتصديره إلى الهند ومن هناك إلى أوروبا ويسمى المعمل الذي تتم فيه هذه العملية «جرداق».

وعن وظيفة «كاتب العرائض» أشار إلى أنه يتولى كتابة الرسائل والعرائض للأشخاص الذين لا يجيدون الكتابة لتقديمها للدوائر الحكومية لإنجاز معاملاتهم أو كتابة الرسائل لمن يطلب ذلك لإرسالها لأقاربه في الخارج.

وقال جمال إن كاتب العرائض كان يجلس عادة فوق قطعة من الحصير قرب مداخل الدوائر الحكومية وأمامه صندوق خشبي صغير ومحبرة وقلم وكمية من الورق لتلقي طلبات الزبائن.

وبين أن هذا الشخص كان عادة يحفظ عن ظهر قلب ديباجة كل نوع من الرسائل كذلك صيغة كل عريضة تقدم لأي جهة أو دائرة حكومية وطريقة عرض الطلب فيها سواء للمحكمة مثلاً أو البلدية أو لأحد المسؤولين أو لمن يطلب إليه تلبية حاجة معينة ويتلقى الكاتب مبلغاً بسيطاً مقابل عمله قد يصل إلى أربع آنات للرسالة الواحدة.

وعن «الكيتب» أوضح جمال أنه الشخص الذي يجيد الكتابة ويعمل كاتباً لدى أحد التجار أو أصحاب السفن أو النواخذة لمتابعة أعمالهم وحساباتهم ويتعلم «الكيتب» القراءة والكتابة والحساب الخاص بمسك الدفاتر أو حساب السفر أو الغوص وهو صغير لدى الملا إذ كان عدد قليل من الكتاتيب في الماضي تهتم بتعليم حسابات مسك الدفاتر للتلاميذ بينما ركز معظمهم على تدريس القرآن الكريم والكتابة والقراءة.

وأشار إلى مهنة «راعي الرماد» الذي كان يجوب الأزقة باحثاً عن بقايا الرماد المستخدم للطبخ في البيوت وهو ينادي «من عنده رماد؟.. من عنده رماد؟» وعندما تسمعه ربة البيت تدعوه لأخذ الرماد المتجمع في التنور أو الموقد فيضعه في خرج حماره لبيعه لأصحاب البناء لوضعه على أسطح منازلهم لمنع تسرب المياه للغرف عند هطول الأمطار.

وذكر أن الناس كانوا يستخدمون «القرم» و«السعف» و«الحطب» للطهو في المواقد مما يؤدي إلى تجميع كميات من الرماد يرغب أصحاب البيوت في التخلص منها فيأتي راعي الرماد لأخذها والاستفادة منها.

وأوضح أن الشخص الذي يكلف بالبحث عن الأشياء الضائعة كالأغنام أو النقود أو الحلي أو الأطفال الصغار كان يطلق عليه «المطرب» بتسكين الميم وشد الطاء إذ كان يجوب الأزقة والاسواق مناديا بأعلى صوته «يا من عين الشيء الفلاني والحلاوة أي المكافأة كذا وكذا..».

وقال جمال إن المطرب يقوم بعمله لقاء أجر معين ويكافأ من يخبر المطرب أو يحضر إليه السلعة الضائعة بمبلغ معين من المال خصوصاً إذا كانت السلعة ثمينة ويذكر المطرب المكافأة لتشجيع من يدل على الأشياء الضائعة.

وبين أن من لم يكن باستطاعته دفع المال لمن يعثر على المفقودات كان المطرب يبين ذلك في ندائه ويدعو بالخير لمن يسلم له السلعة المفقودة فيقول «يا من عين الضالة جزاه الله خيراً».

back to top