كشف مصدر دبلوماسي عربي بالجامعة العربية أن السودان أبدى تحفّظاً رسمياً عن مشروع قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب الذي انعقد أمس الأول يؤكد تضامن الجامعة العربية مع موقف القاهرة والخرطوم الخاص بسدّ النهضة الإثيوبي الذي يهدد إمدادات المياه إلى دولتي المصب.

وصرح المصدر بأن الخرطوم اعتبرت أن القرار ليس في مصلحتها، ويجب عدم إقحام الجامعة العربية في الملف، مبدية تخوّفها مما قد ينتج عنه من مواجهة عربية إثيوبية.

Ad

وبدا واضحا، أمس، أن الغضب المصري لم يعد مقتصرا على الجانب الإثيوبي، إذ امتد إلى السودان، الضلع الثالث في المفاوضات المتعثّرة حول السد الضخم، فمع تواصل الحرب الإعلامية بين القاهرة وأديس أبابا، في ظل تصاعد التوتر بعد انسحاب الأخيرة من مفاوضات واشنطن، وإصرارها على احتكار القرار في منابع النيل الأزرق.

حملت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أمس، نبرة إحباط من الأداء السوداني. وكشفت مصادر للوكالة، لم تسمّها، ما دار خلال الاجتماع العربي.

وقالت المصادر إن معظم الوفود العربية أوضحت أن دعم مصر والسودان من جانب الدول العربية لا يهدف إلى مواجهة أطراف أخرى، بل إنه واجب يتعيّن القيام به اتصالا بملف يهدد الأمن القومي العربي في مجمله، وأبدت الوفود دهشتها من تمسّك السودان بموقفه المتحفظ، حتى بعد حذف اسم السودان من مشروع القرار، ونجحت مصر في نهاية الجلسة في اعتماد مشروع القرار دون تعديل، مع تسجيل السودان تحفّظه رسميا.

حسم سوداني

في غضون ذلك، بدا أن السودان حسم موقفه بتأكيد تحالفه مع إثيوبيا، إذ قال السفير السوداني في أديس أبابا، مختار عبدالسلام، إن بلاده تريد علاقات مع إثيوبيا تغطي جميع المجالات.

وأضاف: "السودان في حاجة حقيقية إلى صديق حقيقي، ومن جاء وساعد السودان؟ رئيس وزراء إثيوبيا د. أبي أحمد. شعب السودان، وخاصة الجيل الجديد، لديه الكثير من التقدير والثقة به خاصة، وإثيوبيا عامة".

من جهته، أبدى رئيس وحدة بحوث السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هاني رسلان، تعجّبه الشديد من الموقف السوداني، وقال إن وفد السودان أصرّ على حذف اسمه من مشروع القرار، فاقتصر على مصر فقط، لكن رغم ذلك تحفّظ عن القرار العربي، فعن أي مصالح يدافع السودان؟

وشدد على أن الخرطوم تتخذ مواقف يبدو منها أنها ضد مصر على طول الخط ومع إثيوبيا دائما، وأضاف: "هل تعرف الحكومة السودانية تبعات موقفها"؟

يذكر أن العلاقات المصرية - السودانية مرت بالكثير من محطات التوتر على خلفية عدة ملفات من بينها مثلث حلايب وشلاتين والسد الإثيوبي، الأمر الذي وصل إلى ذروته بسحب السودان سفيره من القاهرة في يناير 2018، لكن مع رحيل نظام عمر البشير، توقّعت السلطات المصرية مرونة سودانية وتنسيقا أكبر في ملف السد الإثيوبي، إلا أن مسار المفاوضات أثبت أن التحالف مع إثيوبيا بات من أساسيات السياسة السودانية الإقليمية.

تصريحات متبادلة

في غضون ذلك، تواصل تبادل التصريحات العدائية بين أديس أبابا والقاهرة، إذ دعت رئيسة إثيوبيا، ساهلورك زودي، شعبها إلى تكرار "انتصار عدوة" على الغزو الإيطالي عام 1896، عبر استكمال بناء السد قبل موعده المحدد، في إطار إطلاق حملة لجمع التبرعات الشعبية لاستكمال البناء، مؤكدة أنه أكثر من مجرد مشروع تنموي، بل هو "سلاحنا للتغلب على الفقر والأمل في التنمية المستقبلية".

في المقابل، قال رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، محمد فائق، إن الشعب المصري يصطف خلف قادته للتأكيد والدفاع عن حقنا في الحياة، باعتبار أن مياه النيل هي المصدر الوحيد للعيش الآمن الكريم، وأضاف في تصريحات له أمس الأول: "يظل الاتفاق لمصرنا ضرورة حيوية. ونذكّر بأن السلام الدائم لا يقوم إلا على التسويات العادلة، وأننا نتطلع إلى أن كل القوى الداعمة لسلام وأمن واستقرار الشرق الأوسط وإفريقيا أن يكون لها الدور المساند لتنفيذ هذا الاتفاق".

أمن الخليج

في سياق منفصل، استقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري، في القاهرة أمس، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، في إطار استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وشدد شكري على موقف مصر الثابت من مساندة ودعم أمن واستقرار دول الخليج العربي، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي.