نقطة : جارك لو هو عوي
نظرنا للأعلى بانتظار الدرونات، فجاؤونا من أسفل بالكورونات! قدرنا أن نعيش بجوار هكذا دول منتهية الصلاحية تريد تحرير الشرق والغرب والمقاومة والنضال والاستشهاد، وبقية القصص الخيالية، وهي غارقة حتى رقبتها في وحول الماضي والفساد والتخلف المؤدي لمجانية الإنسان. أما حكاية التاريخ المجيد والحضارة ذات آلاف السنوات فهي خدعة القادة والسياسيين الأثيرة، لتخدير العامة، فلا يُكثر من ترديدها إلا من لا يملك حاضراً يعجبه أو مستقبلاً يتحراه، فغالباً لا يتزيد بالكلام عن تاريخ أجداده وثرائهم الفاحش وفروسيتهم المجيدة إلا المفلس، أما ابن الموسرين الحاليين فلا يريد تفتيح أعين الناس على ثروتهم ومصادرها ونمط حياتهم.سرعة انتشار الفيروسات تعطي مؤشراً عن مدى سرعة انتشار وتصديق الخرافات، فمن لا يريد أن يعلن عن المرض أو لا يؤمن بوجوده أساساً ومن ثم عدم الأخذ بأسباب مقاومته لبواعث سياسية أو دينية، وهو يرى البشر يموتون أمام عينيه، من السهل إقناعه بأي شيء آخر لم يره أساساً وتصديق كل ما يلقن به، فيحارب في سورية لتحرير بيت المقدس، أو يتصدى في لبنان لتحرير الأقصى أيضاً، أو يقاتل في اليمن لتحرير أولى القبلتين كذلك، في الوقت الذي ربما يعيش فيه سكان القدس تحت الاحتلال حياة أفضل من عيشته في رحاب النضال والكرامة والمبادئ والبلد العظيم، الذي يسبح مواطنوه هرباً للضفة الأخرى بحثاً عن حياة كريمة، كحال ضحاياهم من السوريين الهاربين لأوروبا برعاية إردوغانية، فتعددت الفيروسات والنهاية واحدة.
الجغرافيا قدرنا الذي لا مفر منه، وإذا كنتم تريدون النفط وحياة الرفاه والخدم فعليكم إذن تحمل ضريبة الجيرة المرة، فمنذ أن خلعت الأطماع الإيرانية تاج الشاه وارتدت العمامة لم تتوقف حفلات تصدير الثورة، إلا أن الثورة أصبحت تهرب التيجان والفشل الصريح عوضاً عن تصدير مبادئها، وبواسطة البسطاء هذه المرة الذين ذهبوا بحسبهم لمرضاة الله، فعادوا إلينا يدعون على من كان السبب فيما هم فيه من ابتلاء بداء الكورونا المتوّج. ويبقى ما نخشاه أنه إذا كانت ثورة 1979 بداية لانطلاق المد الديني المؤدي للانغلاق وانتشار الحجاب والنقاب بين النساء؛ فإن تهريبها بهذا الشكل سيؤدي لتنقب الشعب الكويتي كاملاً، ومعه شعوب المنطقة، بفضل السياسات والتدابير الصحية الإيرانية الحكيمة، وعندئذ قد ينجح التهريب الشعبي فيما فشل به التصدير الرسمي.