رائد قديح: القصيدة الفلسطينية شهدت طفرة جمالية

أصدر ديوانه «حتى آخر المطر»

نشر في 09-03-2020
آخر تحديث 09-03-2020 | 00:04
يبحر الشاعر الفلسطيني رائد قديح، بزورق الكلمات في عمق الواقع الفلسطيني، إذ كانت فلسطين وما زالت هي الشاطئ الأهم في مراسيه الشعرية.
وأصدر قديح العديد من الأعمال التي دار جلها في فلك القضية الفلسطينية، منها: "مهر فلسطين"، و"مازلنا"، و"مقصلة الأحلام"، و"حتى آخر المطر"، إصداره الأخير، إضافة إلى مئات القصائد المنشورة سواء في الصحف والمجلات، أو على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يستعد لجمع شتاتها في ديوان جديد.
وفي حوار أجرته معه "الجريدة"، قال قديح إن "القصيدة الفلسطينية شهدت طفرة جمالية في الفترة الأخيرة، انطلقت من عمق القضية الفلسطينية إلى الفضاء الإنساني بكل مناحيه"، ويضيف: "الشاعر لسان حال أمته، وعليه السعي دائما للوصول إلى أكبر شريحة من الجماهير"... وإلى تفاصيل الحوار:
● كيف تصف التطورات الحاصلة في الشعر الفلسطيني؟

- الشعر الفلسطيني تطور بتطور الحالة النضالية للشعب الفلسطيني، وتطورت أدواته كثيرا ليصل لكل أصقاع الأرض، لا لكل فلسطيني وعربي فقط، لأن القضية الفلسطينية هي قضية عالمية استطاع الفلسطينيون أن يضعوها في قائمة أولويات العالم للتعريف بها، ولذلك عمل الكثير من الشعراء على أنسنة القصيدة لتخاطب وجدان العالم. ولعل الشاعر الكبير محمود درويش من أهم من عملوا على ذلك.والأدب الفلسطيني بشكل عام أدب عميق الجذور، وله رسالة سامية واضحة المعالم، لأنه أدب قضية وهوية، وكما أقول دائما في القدس لم تمت الحياة.

● ما رؤيتك للقضية الفلسطينية ذاتها ومأ آلت إليه حاليا؟

- لن أتحدث بلغة المتشائم، الذي يرى أن كل الألوان مصبوغة باللون الأسود، ودعني أحدثك بنظرة المتشائل الذي يرى الأمور نصف نصف، وأن نصف الكوب مملوء، وما دمنا ننفذ إرادة الله على الأرض سيأتي اليوم الذي تنهض فيه الأمة من كبوتها وتعيد الاعتبار لها رغم كل ما يحاك لها من شر، من الداخل كان أم من الخارج.

● كيف ترى التجديد في القصيدة، كون الشعر جزءاً عضوياً من الهوية الوطنية؟

- التجديد بحد ذاته ليس أمراً معيباً أو مخيفاً لدرجة رفضه، وهو مطلوب في كل مراحل الحياة، ويجب أن يتم ذلك وفق أولويات المرحلة وطبيعة القضية، مع التمسك بثوابت الرسالة السامية وعدالتها، لذلك يجب أن يكون تطورا مدروسا وفق أدبيات المرحلة، وعبر مراحل النضال الفلسطيني كان الشعر سلاح الثوار في خنادق النضال والمقاومة، لأنه كان يشحذ الهمم ويثير العزيمة على الاستمرار في معارك التحرير، ولذلك هو مكون عضوي من مكونات المعركة المستمرة حتى النهاية، وهذا ينعكس بشكل مباشر على الهوية الوطنية.

وقد شهدت القصيدة الفلسطينية طفرة جمالية في الفترة الأخيرة، انطلقت من عمق القضية الفلسطينية إلى الفضاء الإنساني بكل مناحيه.

● هل خفت مصطلح الشعر السياسي، أو شعر المقاومة؟.

- الشعر هو الشعر في كل مراحله، ولكن لكل قصيدة ثوب ترتديه كيفما تكون هي، وحسب ظروف ميلادها، وخطابها، وفكرتها، وهدفها. فحياة الإنسان الفلسطينى حياة متعددة الأبعاد والوجود، ساعد ذلك على تطور ملامح القصيدة الفلسطينية لتشمل الوضع الفلسطينى المعقد.

القصيدة الملحمية

● ما إسهامات الشعر الغنائي والملحمي في هذا الإطار؟

- منذ فجر المقاومة الأول كان للشعر الغنائي الدور البارز والأهم في شحذ همم الفلسطينيين في كافة الساحات والميادين، ولعل أهم فترة تعاظمت فيها القصائد الغنائية هي فترة ارتكاز الثورة الفلسطينية في بيروت،

ولا يوجد فلسطيني واحد لم يستمع لأغاني الثورة الفلسطينية، وبالتحديد عراب الأغنية الوطنية الفنان الكبير أبوعرب، رحمه الله، وفرقة العاشقين والفالوجة وغيرها من قصائد وأغنيات المشروع القومي العربي، للكثير من كبار المطربين الفلسطينيين والعرب.

● ما أحدث إبداعاتك؟

- صدر لي ديوان شعريّ جديد بعنوان "حتى آخِر المطر"، ومن قصائده قصيدة فاطمة:

"وَالْكُلَّ مَزْرُوعٌ هُنَا حَتَّى رَوَائِحُ مَاضِينَا الْجَمِيلِ أَنْفَاسُكِ ضَحِكَاتُكِ هَمَسَاتُكِ نَظَرَاتُكِ حَتَّى دُخَانُ الأَطْعِمَةِ وَسَجَائِرُ التَّبْغِ الثَّمينِ مَنْ يَمْحُو فِينَا مَاضِينَا الشَّقِيِّ مَنْ يَمْحُو أَحْلَامَ الْعَصَافيرِ الَّتي مَنْ يَمْحُو طَعْمَ الْقُبْلَةِ الأُولَى مَنْ يَعْزِفُ اللَّحْنَ الْحَزينَ". كما كتبت أحدث قصائدي بعنوان "ولا زال الحلم يروادني"... وفيها أقول:

"في وطني تسكن عصفورة والغصن في قفص ذهبي وفضاء بلادي بلادي أغنية واللحن لعاشق عربي أحلامي لا تبدو كبيرة ولا أرجو أن أبقى نبي أحلامي أن أحيا حرًا في ربوع الوطن العربي".

لم تمت الحياة

من قصيدة فِي القُدْس لم تمت الحياة:

فِي القُدْسِ

بِرْوَازٌ وَصُورَةٌ

وَمَشَاهِدُ مُتَنَاقِضَةْ

عَلَى جِدَارِ الصَّمْتِ

ترى العُرُوْبَةَ عَارِيَةْ

فِي القُدْسِ

حِكَايَاتُ الطُّفُولَةِ

وَمَعَالِمُ أُخْرَى

فِيهَا فَتَاةٌ ترتَدِي

ثَوْب الكَرَامَةِ ثَائِرَةْ

وَطِفْلٌ يَحْتَضِنُ الحِجَارَةْ

فِيْهَا تَلَاقَى الأَنْبِيَاءُ

فِيْهَا البُرقُ شَاهِدٌ

وَالصَّخْرَةْ

فِيْهَا البِشَارَةُ

وَدربُ مَنْ مَرُّوْا إِلَى السَّمَاءْ

فِيهَا جُيُوشٌ لا تهب

وَالكَفُّ كَفٌّ مِنْ غَضَبْ

تَارِيخُهَا نَبْضُ العُرُوبَةِ

فَالقُدْسُ لَا تَخْشَى اللَّهَبْ

فِيْهَا سنابل قَمْحِنَا

مَرْوِيَّةً بِدُمُوْعِ الصَّبَايَا

فِي كُلِّ سُنْبُلة

عِشْرُونَ وَرْدَةً

وَقُنْبُلَةْ

وَجدي يَنْثُرُ الحَيَاةْ

فِي القُدْسِ لَمْ تَمُتِ الحَيَاةْ

فِيهَا نُصلِّي وَنَبْتَهِلُ

فِيهَا المَآذِنُ وَالقِبَابُ

فِيهَا الصَّلِيبُ مَعَ الهِلَالْ

أحجاره مطهرة

جِدَارُهَا عُكّازُ أَمَلْ

نِسَائِهَا تَلِدُ الفِدَاءَ

شَبَابُهَا مجد وَعِزَّةٌ

أَطْفَالُهَا قِنْدِيلُ زَيْتٍ

شُيُوخُهَا نَبْضُ الوَطَنْ

مِنْ رَحِمِهَا تَلِدُ الحَيَاةُ

فِي القُدْسِ لَمْ تَمُتِ الحَيَاةْ.

القصائد الغنائية تعاظمت في فترة ارتكاز الثورة الفلسطينية ببيروت
back to top