المهاجرون إلى أوروبا... الكل يريد أن يكون سورياً

نشر في 09-03-2020
آخر تحديث 09-03-2020 | 00:04
مهاجرة تحمل ابنها قبالة جزيرة ليسبوس اليونانية امس الأول (أ ف ب)
مهاجرة تحمل ابنها قبالة جزيرة ليسبوس اليونانية امس الأول (أ ف ب)
مع قصر تحركهم على البر وانسداد الأفق أمامهم، يعتقد السوريون المتكدسون على حدود تركيا مع اليونان أن آمالهم في العثور على ملاذ في الاتحاد الأوروبي تقع تحت رحمة ألوف المهاجرين الآخرين ولهم أوطان آمنة نسبياً.

وعلى الحدود تفوق أعداد الأفغان والباكستانيين عدد السوريين الذين نزحوا عن بيوتهم هرباً من الحرب الأهلية الطويلة. ويقول السوريون إن أغلب رفاقهم من المهاجرين ركبوا موجة الهجرة لأسباب اقتصادية ويدعون بعد ذلك أنهم سوريون.

ويحاول ألوف المهاجرين الوصول إلى اليونان منذ تخلي تركيا في 28 فبراير عن محاولة إبقائهم في أراضيها تنفيذاً لاتفاق توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي في 2016 مقابل مساعدات بمليارات اليورو.

وأكدت تركيا أنه لم يعد بمقدورها احتواء مئات الآلاف من المهاجرين الذي تستضيفهم وخاصة في ضوء احتمال تدفق المزيد من اللاجئين الفارين من اشتباكات عنيفة في شمال غرب سورية، غير أن اليونان تحاول منعهم من دخول أراضيها.

وفي كشك مجاور، قال مهاجرون من شمال إفريقيا إنهم جاءوا إلى الحدود دون وثائق هوية حتى يمكنهم ادعاء أنهم سوريون لتعزيز فرص حصولهم على حق اللجوء إذا استطاعوا الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.

وأشار وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الأربعاء، إلى أن السوريين يمثلون ما بين 20 و25 في المئة فقط من بين 136 ألف مهاجر وصلوا إلى أوروبا منذ توقفت تركيا عن منعهم من الرحيل.

ومع الرغبة في مستقبل أفضل، يرى المهاجرون سبباً وجيهاً آخر للتظاهر بأنهم سوريون. ففي ألمانيا، التي تمثل مع السويد الوجهة المفضلة في أوروبا بينهم، يحصل كل السوريين تقريباً على شكل ما من أشكال الحماية ويُسمح لهم بالبقاء، غير أن الرفض مصير أكثر من 20 في المئة من طالبي اللجوء الأفغان.

وخلافاً لعام 2015 حين أظهرت اليونان تعاطفاً مع المهاجرين فإنها تقابلهم أخيراً بالرفض، في تحوّل يعزوه خبراء إلى "السياق الجيوسياسي" للأحداث و"الإنهاك" الذي يشعر به السكان من سنوات الأزمة الاقتصادية.

وفي وقت كانت الحرب السورية في ذروتها عام 2015، وصل نحو مليون لاجئ إلى الجزر اليونانية في بحر إيجه المحاذي لتركيا، عبر أغلبيتهم إلى أوروبا الوسطى. وانتشرت حينها صور لنساء جزيرة ليسبوس وهن يطعمن الرضع اللاجئين من زجاجات الحليب.

وفي 2016، تم ترشيح مجموعة من سكان الجزيرة لجائزة نوبل للسلام على خلفية دورهم في إغاثة طالبي لجوء، في خطوة اعتبر المسؤولون حينها أنها تقدّم "مثالاً مضيئاً".

وبعد خمس سنوات من أزمة 2010 الاقتصادية، أمل اليونانيون أن حكومة ألكسيس تسيبراس اليسارية، مع رؤيتها الإنسانية بشأن اللاجئين، ستضع حداً لإجراءات التقشف، لكن ذلك لم يحصل، بل على العكس، زاد فقرهم واستمرت معاناتهم، مما أفسح المجال لسلوكيات عنيفة، بحسب أستاذة العلوم السياسية في جامعة أثينا فيليبا حاجيستافرو.

ويرى الباحث بالمعهد اليوناني للعلاقات الدولية كوستاس فيليس أن "نزوح مئات الآلاف من حرب سورية ومن تنظيم داعش كان عفوياً في 2015، أما اليوم، فإن تدفق المهاجرين إلى اليونان، والأقل بكثير من ذلك الحين، تديره تركيا".

وأمر رئيس الوزراء المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي سبق أن شدد سياسة الهجرة منذ وصوله إلى السلطة في يوليو، بإرسال تعزيزات من الشرطة والجيش على طول نهر إيفروس (ميريتش بالتركية) الحدودي، لردع "الغزو" والتصدي لـ "التهديد" الذي تواجهه اليونان.

وتناقل وزراء وإعلاميون وسكان هذه المصطلحات أيضاً، مما أدى إلى انتشار لغة عدائية تفيد "القوميين واليمين المتطرف"، بحسب فيليس. ويجوب سكان من إقليم إيفروس الحدود مراراً لمنع السلطات من السماح للمهاجرين بالعبور.

وفي جزيرة ليسبوس، تضاعفت الاعتداءات على منظمات غير حكومية تساعد المهاجرين وعلى صحافيين. ووصف الاتحاد الأوروبي اليونان بأنها "درع" القارة العجوز، في دعم واضح لأثينا.

وباتت اليونان في 2019 البوابة الأولى لدخول طالبي اللجوء إلى أوروبا، بينما يبقى الوضع في مخيمات اللجوء المزرية متوتراً. وتنتقد منظمات غير حكومية للدفاع عن اللاجئين قرارات الحكومة بتعليق إجراءات طلبات اللجوء، والبدء بتنفيذ "طرد فوري" للمهاجرين، لكن السلطات تجيب بأن "المشكلة حالياً ليست مشكلة هجرة أو لاجئين".

وشدد المتحدث باسم الحكومة ستيليو بيستاس على أن "اليونان أثبتت أنها تستقبل أشخاصاً مضطهدين من مناطق حرب، كما فعلت مع السوريين في عام 2015"، مضيفاً أن "المشكلة الحالية هي أن تركيا تستخدم مواطنين من أفغانستان وباكستان وإفريقيا لمحاصرة اليونان. وهذا ما نريد وضع حد له. سنبقي الحدود مغلقة بقدر ما يجب".

back to top