«كورونا» و«الدراسة».. كيف تسير العملية التعليمية في الصين؟
تجربة التعلم عن بعد ستقلل الحدود الشخصية بين الطلبة والمدرسين
«لا تحذف تاريخ المتصفح الإلكتروني الخاص بك».. هكذا يحذر لين كاي ابنه البالغ من العمر أحد عشر عاماً بينما كان يستعد لحضور محاضراته التي يلقيها مدرسوه في بث مباشر على الإنترنت.الأب لديه كل الحق في أن يشعر بالقلق، حيث قامت السلطات الصينية بإغلاق المدارس والجامعات لأجل غير مسمى لكبح انتشار فيروس «كوفيد 19» بين المواطنين، ولكن وزارة التعليم الصينية تقول رغم ذلك «إن الدراسة لا يجب أن تتوقف»، ووفقاً لتعليمات الوزارة يجب أن يخضع التعلم عن بعد لمراقبة أولياء الأمور.ولذلك فـ «كاي» الذي لاحظ أن ابنه مشتت الانتباه بسبب ألعاب الإنترنت، يريد أن يُعلمه أنه سيراقب متصفحه الإلكتروني.
لا يوجد عذر
«هناك طرق أخرى لفرض الانضباط»، هكذا يقول الأستاذ بجامعة ووهان للتكنولوجيا ليو ويهوا والذي يتصل بطلابه من خلال بث الإنترنت، فنظراً لأن القيام باختبارات في الفصول أصبحت مستحيلة الآن، فهو يركز بشكل أكبر على مشاركات الطلاب في المناقشات أثناء محاضرات البث الإلكتروني لتقييم أدائهم، ويتم استخدام برنامج «دينج توك» التابع لعملاق التكنولوجيا «علي بابا» وبرنامج «كيتانج» الخاص بشركة «تنسنت».كما يقول يو تشيو المدرس بمدرسة ثانوية في بكين، إن سرعة الإنترنت البطيئة في المنزل لا تعتبر مبرراً كافياً للتهرب من الاستذكار، فإذا كانت الاتصالات لا تسمح بإجراء مكالمات الفيديو، فلا يزال بإمكان الطلاب تنزيل ملفات الصوت والواجبات المطلوبة منهم.وفي ظل تشجيعها للرقابة الأبوية، أصدرت بلدية بكين قراراً يخول أحد الأبوين العاملين من البقاء بالمنزل لمتابعة الأبناء دراسياً مع استمرار الرواتب. وفي المناطق الأكثر فقراً والتي يفتقر أهلها لوجود إنترنت منزلي، يتم بث الدروس الخاصة بالطلاب عن طريق التلفاز من الثامنة صباحاً وحتى العاشرة مساء كل أيام الأسبوع باستثناء السبت والأحد، وهي خدمة حكومية تقوم ببثها شبكة التعليم الصينية.يتم بث محاضرات تلاميذ الصف الأول الابتدائي في أول اليوم، قبل أن تتبعها محاضرات الطلاب الأكبر سناً في الظهيرة والمساء، وتغطي تلك البرامج المواد الرئيسية مثل الرياضيات واللغة الصينية.طلاب الثانوية
أكثر التلاميذ تأثراً بحالة الاضطراب التي تسببت فيها كورونا هم طلاب السنة الأخيرة في المدرسة الثانوية، وهي السنة التي تسبق اختبار «gaokao» وهو «الاختبار الوطني للقبول الجامعي» والمعروف بصعوبته، مما يشعر الآباء بالقلق من أن التعلم عبر الإنترنت باعتباره بديلاً سيئاً عن التعليم بالفصول.وينتظر كاي شيوان وهو أحد الطلاب الذين سيخضعون لاختبار «gaokao» هذا الصيف في مدينة «تشانغجياكو الشمالية»، إعادة افتتاح مدرسته بفارغ الصبر، ويقول: «أنا ببساطة أكثر إنتاجية في الفصول الدراسية». ليس كل زملاء شيوان يوافقونه الرأي، حيث يرى كايكسوان أن بعض الطلاب يدرسون بالمنزل بنفس قدر دراستهم في المدرسة، وأن الطلاب الآخرين يشعرون بالسعادة لتهربهم من الدراسة.يقول يوي المعلم ببكين إنه «عندما يتم إعادة افتتاح المدارس والجامعات قد تكون الفصول الدراسية مختلفة»، ويتوقع أن تكون علاقة الطلاب بالمدرسين أقل هرمية مما هي عليه الآن، لأن تجربة الصين في التعلم عن بعد ستعمل على تقليل الحدود الشخصية بين الطلبة والمدرسين.فالمدرسون في السابق كانوا يترددون في مشاركة طلابهم تفاصيل التواصل الخاصة بهم على تطبيق «وي تشات» وهو تطبيق مراسلات يعتمد عليه الطلاب في الاستفسار من المدرسين عما يحتاجون إليه، أو حتى لطلب تعليقات المدرسين على أدائهم، وإذا كان السيد يوي محقاً، فإن كسر هذا الحاجز بين الطلاب ومدرسيهم سيكون من النتائج الجيدة لهذا الوباء.