قانونية تقليص ساعات العمل
منذ أن صدر القرار رقم 41 لسنة 2006 بشأن قواعد وأحكام وضوابط العمل الرسمي بالجهات الحكومية، وما تبعه من تعاميم وقرارات وأهمها التعميم رقم 2 لسنة 2018 بشأن تحديد مواعيد العمل الرسمية والقرار رقم 15 لسنة 2017 بشأن قواعد وأسس وإجراءات ومواعيد تقييم أداء الموظفين، وما تضمنه من تخصيص 20 في المئة في حساب مدد التأخير بعد انتهاء فترة السماح الممنوحة للموظف من الجهة الإدارية، إلا أن هذه القرارات وإن كانت نظرياً تصب في خانة مصلحة سير العمل وضبطها في تحقيق الأهداف نحو تقديم خدمة أفضل للمراجع إلا أنها في حقيقة الأمر أتت بنتائج مخيبة وتعكس ما كان يرمي إليه المُشرع.وأظهرت النتائج، عبر الإحصائيات المنشورة خلال الأعوام الأخيرة، عن تأثير تلك القرارات على المرفق الحكومي بشكل عام وعلى الموظف بشكل خاص، تأثيره على الجهات أولاً، حيث قلت نسبة الحضور وازدادت الإجازات الطبية مما أدى إلى بطء في أداء الأعمال مستفيدين من السماح بتحويل تلك الإجازات الطبية إلى إجازات دورية، أما تأثيره على الموظفين فهو كما أثبتت الدراسات عن حصول العديد من الموظفين على تقدير سنوي أقل من الممتاز، حيث تجاوزت ساعات التأخير أكثر من 35 ساعة، ويعود ذلك بسبب إلغاء فترة السماح الممنوحة له في الشهر مما ترتب عليه منع الموظف من الحصول على الامتياز مهما كان أداؤه مرتفعاً. التشدد في الحضور والانصراف بدلاً من البحث عن المرونة يضعف الولاء الوظيفي للموظف، ليصب تركيز الأخير في الحضور والانصراف وكيفية الحفاظ على النسبة المرصودة له في التقييم مع العمل بحد أدنى كضمانة للحصول على تقدير ممتاز، وهذا الحاصل حاليا في الدوائر الحكومية دون أن ينتبه لها أعضاء مجلس الخدمة المدنية وضرورة إعادة النظر في كيفية تحفيز الموظف نحو أداء أفضل.
من جانب آخر، تدارست بعض الأنظمة الحديثة في الإدارة حول تنمية الولاء الوظيفي وتطويره، ومنها ما هو قريب في المنطقة كأنظمة الخدمة المدنية بالامارات وأنظمة الخدمة المدنية بالسعودية وكذلك بعض الجهات الحكومية الكويتية، ومنها الهيئة العامة للبيئة، واتخذوا قرارا جريئا باستحداث نظام الدوام المرن، حيث نص قانون الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية للإمارات، على سبيل المثال، في المادة 74 منه على أنه يجوز لرئيس الجهة الاتحادية أن يعتمد لائحة تنظيم الدوام المرن وفقاً لحاجة العمل، هذا النص أتاح للجهات أن تقسم فترات العمل على ألا يتعدى حضور الموظف بعد الساعة 8.30 صباحا.الهيئة العامة للبيئة في الكويت أيضاً طبقت هذا النظام، حيث يبدأ العمل الرسمي بها عند 8 صباحا، وأتاحت ساعة مرنة للموظف يعوضها بعد انتهاء أوقات العمل الرسمي، على ألا يتعدى حضوره 9 صباحاً.هذه المرونة وهذا الحافز يشجع الموظف على الحضور، وستنتج عنه آثار إيجابية مستقبلية على الدولة، خاصة مع ما نشاهده حالياً من تحديد وقت واحد لجميع الجهات الحكومية، وتطبيق هذا النظام بالفعل ضرورة وليس ترفاً، لما يواجه الموظف يومياً من ازدحام في الطرق، ومن ضغوطات أسرية تحتم على بعضهم توصيل الأبناء للمدارس.فهل يستجيب الديوان لهذا المطلب؟ أتمنى ذلك.* باحث قانوني