في مؤشر على أن الأسواق الآسيوية تتعافى نسبياً، ارتفعت مؤشرات الأسهم الصينية بنهاية تعاملات يوم الثلاثاء الماضي إذ تسعى للتعافي من الموجة البيعية التي تعرضت لها أسواق الأسهم الآسيوية والعالمية، وسط التراجع الملحوظ في عدد الإصابات والوفيات الجديدة بفيروس "كورونا" في الصين.

وسجلت الصين في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة تسع عشرة حالة إصابة جديدة بفيروس "كورونا" عند 80.75 ألف شخص، فضلاً عن سبع عشرة حالة وفاة "خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة" إلى 3136 حالة وفاة.

Ad

وكشفت البيانات الاقتصادية ارتفاع معدل التضخم في الصين بنحو 5.2 في الكويت خلال فبراير الماضي على أساس سنوي، مقارنة بـ 5.4 في المئة خلال يناير وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر عام 2011، كما أشارت البيانات إلى تراجع أسعار المنتجين بنسبة 0.4 في المئة خلال الفترة ذاتها على أساس سنوي، مقابل ارتفاعها بنحو 0.1 في المئة في يناير.

وعند الإغلاق، ارتفع مؤشر "شنغهاي المركب" بنسبة 1.8 في المئة عند 2997 نقطة، كما ارتفع "شنتشن المركب" بنسبة 2.4 في المئة إلى 1887 نقطة.

أيضاً، ارتفعت مؤشرات الأسهم اليابانية في نهاية التعاملات، مع انخفاض الين، وتعهد البنك المركزي الياباني ورئيس الوزراء هناك بالتدخل لدعم الأسواق المضطربة نتيجة تفشي فيروس "كورونا".

وأعلن محافظ البنك المركزي الياباني "هاروهيكو كورودا" أنه كان يفحص التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تحركات الأسواق العالمية غير المستقرة أبداً، مؤكداً استعداد البنك لزيادة الحوافز لمحاربة المخاطر المتنامية من تفشي فيروس "كورونا".

كما أكد رئيس الوزراء الياباني شينزوا آبي، أن الحكومة ستعمل عن كثب مع البنك المركزي وحكومات الدول الأخرى من أجل الاستجابة بالشكل المناسب وتحقيق استقرار الأسواق.

وعند الإغلاق، ارتفع مؤشر "نيكي" الياباني بنحو 0.9 في المئة إلى 19867 نقطة، كما صعد المؤشر الأوسع نطاقاً "توبكس" بنسبة 1.3 في المئة إلى 1407 نقاط.

وهبطت سوق الأسهم الأميركية بشكل حاد، عمقت خسائرها خلال تداولات الاثنين، وخسرت المؤشرات الرئيسية أكثر من 7.5 في المئة من قيمتها في تراجع هو الأكبر على أساس يومي منذ الأزمة المالية العالمية، الا ان افتتاح الاسواق الثلاثاء عوض جزءاً من الخسائر.

وتزامنت خسائر "وول ستريت" مع الضغوط على شركات الطاقة؛ نتيجة الانخفاض الكبير في أسعار النفط، إضافة إلى المخاوف من انتشار فيروس "كورونا" وتأثيره على الاقتصاد العالمي.

«اثنين الهبوط»

انخفض "داو جونز" بأكثر من 2000 نقطة في ختام جلسة أمس الأول، وهي أكبر خسائر يومية بالنقاط على الإطلاق، وتزامن ذلك مع انخفاض أسعار النفط بأكثر من 20 في المئة.

وانخفضت جميع أسهم الشركات المدرجة على مؤشر "S&P 500" سوى تسع شركات، وكانت أسهم شركات الطاقة من أبرز الخاسرين؛ إذ انخفض سهما "إكسون موبيل" و"شيفرون" أكثر من 12 في المئة لكل منهما.

وهبطت البنوك 11 في المئة، وسجلت صناديق المؤشرات المتداولة التي تتبع البنوك الإقليمية أسوأ أداء يومي منذ عام 2009.

لكن العقود الآجلة ارتفعت، وصعد مؤشر "داو جونز" الصناعي بأكثر من 800 نقطة بعدما سجل أكبر تراجع يومي على الإطلاق، نتيجة خسائر شركات قطاع الطاقة ومع انتشار فيروس "كورونا".

وعن أداء العقود الآجلة للمؤشرات، ارتفع "داو جونز" الصناعي بنسبة 3.5 في المئة "+841 نقطة" إلى 24718 نقطة.

كما ارتفع "S&P 500" الأوسع نطاقاً بنسبة 3.6 في المئة "+98 نقطة" عند 2846 نقطة، وصعد "ناسداك" بنحو 3.9 في المئة "+312 نقطة" إلى 8265 نقطة.

وهبط العائد على سندات الخزانة الأميركية أدنى 0.5 في المئة خلال جلسة الاثنين قبل إغلاقها عند 0.57 في المئة، كما تراجع العائد على السندات لأجل ثلاثين عاماً أدنى 0.9 في المئة.

وقال المحلل لدى "سي إن بي سي" جيم كريمر، إن ما حدث يوم الاثنين أكثر فوضوية مما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية.

ما وراء هذه الخسائر؟

يرى محللون أن مزيجاً من القلق الشديد من تفشي فيروس "كورونا" وتأثيره على الاقتصاد العالمي، إضافة إلى فشل اجتماع "أوبك" الأخير في تعميق خفض الإنتاج تسببا في هلع لدى المستثمرين.

وصرح المحلل الاقتصادي محمد العريان بأن سوق الأسهم الأميركية "وول ستريت" ربما يهبط بنسبة 30 في المئة من أعلى مستويات سجله في فبراير.

أضاف "العريان" أن فيروس "كورونا" يتسبب في هلع لدى المستثمرين، مشيراً إلى فقدانهم الثقة في قدرة الاحتياطي الفيدرالي على تغيير الأمور.

وأكثر ما يعقد الأمور أن فيروس "كورونا" يواصل انتشاره، إذ أصاب أكثر من 108 آلاف شخص وتسبب في وفاة ما يقرب من 3900 آخرين، وأعلنت الحكومة الإيطالية توسيع نطاق الحجر الصحي ليشمل كافة أنحاء البلاد.

ولم يكن الأمر وليد اللحظة يوم الاثنين، بل إن الأسواق العالمية تضررت خلال الجلسات الماضية حتى خسرت أسواق الأسهم حول العالم ما يقرب من تسعة تريليونات دولار من قيمتها، بحسب تقديرات "بنك أوف أميركا".

ففي أميركا، ظهر "كورونا" في 33 ولاية على الأقل، وبدأت الشركات الأميركية الكبرى تشجع الموظفين على العمل من المنازل.

وبالتزامن مع ذلك، هناك صورة قاتمة بشأن تباطؤ الاقتصاد الصيني؛ إذ انخفضت صادرات بكين 17 في المئة خلال يناير وفبراير مقارنة بنفس الشهرين عام 2019 كما تراجعت الواردات بنسبة 4 في المئة.

وسجلت الصين أيضاً أول عجز تجاري منذ الحرب التجارية مع الولايات المتحدة التي بدأت قبل عامين، ويتوقع محللو "أوكسفورد إيكونوميكس" تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني إلى 2 في المئة خلال الربع الأول مقارنة بالربع الأخير من عام 2019.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن، إجراءات "جذرية" يعتزم اتخاذها للتخفيف من التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا المستجد.

وأوضح ترامب خلال مؤتمر صحافي عقده مع فريقه الموكل له إدارة الأزمة الناجمة عن تفشّي وباء كورونا أن الإجراءات التي سيعلن عنها قد تتضمّن "اقتطاعات محتملة في الضرائب على الرواتب"، وهو أمر سيناقشه مع مسؤولي الكونغرس.