قال الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن الأسواق المالية اجتاحتها موجة عاصفة من الخسائر الحادة بنهاية شهر فبراير الماضي وسط تفشي فيروس كورونا عالمياً وزيادة المخاوف من التداعيات الاقتصادية التي قد يخلفها، أضف إلى ذلك انهيار اتفاق "أوبك" وروسيا بشأن خفض الإنتاج، فقد تراجعت الأسهم الأميركية بنسبة 10 في المئة، على أساس شهري، بعد أن عانت تقلبات شديدة على مدار الشهر، مما دفع مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى إعلان خفض طارئ لسعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في 3 مارس. وحسب الموجز، امتد نزيف الخسائر ليشمل الأسواق الأخرى أيضاً، إذ انخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى أدنى معدلاتها المسجلة تاريخياً عند مستوى أقل من 0.5 في المئة في مستهل شهر مارس الجاري وسط تزايد التشاؤم بشأن النمو العالمي، كما انخفض سعر مزيج خام برنت إلى 32 دولاراً للبرميل، أي بخسائر تصل نسبتها إلى 46 في المئة عن المستوى المسجل في منتصف فبراير.
وتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن يكون معدل النمو العالمي أضعف هذا العام من نسبة 2.9 في المئة المسجلة في عام 2019 بما يعني خفضاً لتوقعاته السابقة البالغة 3.3 في المئة بنحو 0.5 في المئة على الأقل، كما تعهد الصندوق برصد 50 مليار دولار لمساعدة البلدان الفقيرة على مكافحة الوباء.
إيطاليا تحت وطأة الفيروس
في منطقة اليورو، تركز محور تأثير الفيروس في الأغلب على إيطاليا التي شهدت أعلى نسبة من حالات الإصابة بالفيروس بما أدى إلى إغلاق منطقة لومباردي الشمالية بأكملها وتزايد المخاوف المتعلقة بقطاع السفر والسياحة الذي يمثل حوالي 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي حين استقر أداء مؤشر مديري المشتريات الإيطالي المركب لشهر فبراير عند مستوى 50.7 "50.4 يناير"، من المتوقع أن يكون التأثير على الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول كبيراً وسط تزايد إمكانية دخول الاقتصاد الإيطالي حالة من الركود خلال العام الحالي بعد أن سجل نمواً متواضعاً بنسبة 0.3 في المئة فقط في عام 2019. ومن جهة أخرى، أعلنت الحكومة الإيطالية تقديم حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 7.5 مليارات يورو "0.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي" لمواجهة فيروس كورونا "بما في ذلك بعض الإعفاءات الضريبية والتمويل الإضافي للرعاية الصحية"، كما وافق الاتحاد الأوروبي على تجاهل تأثيرات الفيروس على عجز الموازنة الذي قد يتجاوز الحد المقرر سابقاً بنسبة 2.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.الاقتصاد الصيني يصاب بالشلل
ارتفع عدد ضحايا فيروس كورونا في الصين إلى 3000 حالة وفاة في أوائل مارس وارتفع عدد الإصابات إلى أكثر من 80600 حالة مؤكدة. وعلى الرغم من أن عدد الحالات الجديدة في الصين تباطأ وفقاً للتقارير، فإن تفشي الفيروس استمر في التأثير بشدة على النشاط الاقتصادي نتيجة الاضطرابات في جانب العرض إذ اضطرت الشركات إلى إيقاف الإنتاج أو تقليصه" وتعطل جانب الطلب "في ظل امتداد فترات الحجر الصحي وفرض القيود على حركة السفر". وأظهر مؤشر مديري المشتريات الرسمي لشهر فبراير تراجع نشاط الصناعات التحويلية إلى مستوى قياسي جديد بلغ 35.7 نقطة مقابل 50 نقطة في يناير.كما انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الخاص "Caixin / Markit" أيضاً إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 40.3. وفي ذات الوقت، انهار أيضاً مؤشر مديري المشتريات الرسمي والخاص لقطاع الخدمات إلى مستوى 29.6 و26.5 نقطة على التوالي. وقام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني لعام 2020 بنسبة 0.4 في المئة ليصل إلى 5.6 في المئة، بينما خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها من 5.7 في المئة إلى 4.9 في المئة.وتم خلال الشهر الماضي تقديم حزمة من التدابير التحفيزية تهدف إلى دعم النشاط الاقتصادي، إذ أعلنت وزارة المالية تخفيضات في الضمان الاجتماعي والضرائب ورسوم الشركات، وقام البنك المركزي بتخفيف القيود على تسهيلات القروض متوسطة الأجل لمدة عام بمقدار 10 نقاط أساس إلى 3.15 في المئة في محاولة منه لخفض تكاليف الاقتراض طويلة الأجل. وتبع ذلك خفض سعر الإقراض الرئيسي لأجل عام بمقدار 10 نقاط أساس إلى 4.05 في المئة. إضافة إلى ذلك، خصصت الحكومة حتى الآن 90 مليار يوان صيني لمكافحة الفيروس بالإضافة إلى تقديم البنك المركزي لتدابير الحفاظ على مستويات السيولة. وفي ذات الوقت، انخفض سعر صرف اليوان الصيني بنسبة 1.7 في المئة لتجاوز مستوى 7 يوان مقابل الدولار الأميركي بنهاية فبراير، لكنه شهد انتعاشاً بعد ذلك إلى 6.93 يوان مقابل الدولار في أوائل مارس على خلفية ضعف الدولار.