بعد مرور أسبوع على إعلانه استعداد واشنطن لتزويد الجيش التركي بالذخيرة في عملياته العسكرية بسورية، كشف المبعوث الأميركي إلى سورية جيمس جيفري، أمس، أن واشنطن وحلف شمال الأطلسي يدرسان ما يمكن فعله لمساعدة تركيا في معركة إدلب، مؤكداً أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة.وأجرى جيفري برفقة السفير الأميركي في تركيا ديفيد ساترفيلد سلسلة محادثات مع مسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الأوروبي، تناولت الأزمة في إدلب وتداعياتها على الحلف، وتحديداً عما يمكن فعله لمساعدة تركيا من الجو والإجراءات التي قد تُتخذ إذا انتهكت موسكو ودمشق اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ ليل الخميس- الجمعة.
واستبعد جيفري استخدام القوات البرية حال انتهاك وقف إطلاق النار، مؤكداً على حاجة أنقرة لتوضيح موقفها من شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية S400. ومع إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن إدارة نظيره الأميركي دونالد ترامب خففت موقفها بشكل كبير من شرائه منظومة "باتريوت"، أكد وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو تلقي أنقرة معلومات أميركية استخباراتية برية وبحرية وجوية تتعلق بإدلب، مبيناً أن شراء S400 ليس عقبة في سبيل نشر أنقرة للصواريخ الأميركية.إلى ذلك، أوضح جاويش أوغلو أن الجيش التركي سيتكفل "بالرقابة" على الجزء الواقع شمالي الممر الآمن حول طريق M4 السريع في إدلب، على أن يخضع الجزء الجنوبي منه لرقابة القوات الروسية، متهماً دمشق بأنها خرقت وقف إطلاق النار، وموسكو حذرتها بصرامة، وفي حال استمرارها فإن الرد سيكون قوياً.
دعم أوروبي
وطالب إردوغان، خلال لقائه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، حلفاءه الغربيين بالمزيد من الجهود لمساعدته في النزاع في سورية والتعامل مع ملايين اللاجئين الهاربين من المعارك، محذراً من مرحلة دقيقة تتطلب التضامن الواضح معه "من دون تمييز ومن دون شروط سياسية بدون مزيد من التأخير".وأشاد ستولتنبرغ بدور تركيا لأنها الأكثر معاناة بين الحلفاء من "الهجمات الإرهابية" و"استقبال اللاجئين"، مؤكداً أن الحلف سيواصل دعمها، لكنّه أبدى "قلقه البالغ" إزاء ما يحدث عند حدود اليونان.إدلب ودير الزور
وأفاد المرصد السوري باستقدام القوات التركية، أمس، رتلاً مؤلفاً من نحو 100 آلية عسكرية دخل من معبر كفرلوسين الحدودي مع لواء اسكندرون، نحو مواقعها في إدلب، موثقاً دخول 750 آلية ومئات الجنود منذ بدء وقف إطلاق النار ليل الخميس- الجمعة، بإجمالي أكثر من 4150 شاحنة وآلية عسكرية تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة ورادارات وأكثر من 9200 جندي خلال الفترة الممتدة من الثاني من شهر فبراير حتى الآن.وفي تطور لافت، طلب الرئيس التركي من نظيره الروسي فلاديمير بوتين تبادل إدارة حقول النفط في دير الزور بدلاً من "الإرهابيين"، لافتاً إلى أنه يدرس العرض وقد يتقدم بعرض مماثل للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أبقى قواته شرق سورية لحماية حقول النفط.وفي ظل تعمق الخلاف حول مصير عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يحاولون دخول اليونان، أعلن إردوغان أمس عن استضافته في أسطنبول الثلاثاء المقبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إضافة إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في قمة رباعية لمناقشة قضية الهجرة.وإذ أكد إردوغان، خلال عودته من اجتماعه الطارئ في بروكسل مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، أنه لا يفكر حالياً في إغلاق المعابر إلى أوروبا وأن على اليونان فتح حدودها، أوضح وزير خارجيته، أمس، أن تركيا تأمل التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لحل أزمة الهجرة بحلول 26 مارس، معتبراً أنه ينبغي تطبيق تحرير تأشيرة السفر لدوله وتحديث الاتحاد الجمركي للمساعدة في ذلك.وشدد جاويش أوغلو على ضرورة إعادة تقييم الاتفاق المبرم في مارس 2016، على ضوء التطورات الأخيرة في سورية، وخصوصاً إدلب، حيث نزح نحو مليون شخص هرباً من العنف، مؤكداً استعداد تركيا للعمل "بشكل بناء لرسم خريطة طريق وتتوقع من الاتحاد الأوروبي أن يكون صادقاً".ووجّه إردوغان، الذي يتهم بانتظام الدول الأوروبية بعدم الوفاء بوعودها، انتقادات حادة للحكومة اليونانية ورئيسها كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي تلقى من بروكسل 700 مليون يورو لتعزيز الأمن عند الحدود ومواجهة موجة الهجرة.مرحلة جديدة
وخلال اجتماع بروكسل الطارئ، الذي انتهى دون إصدار بيان مشترك أو مؤتمر صحافي، كما كان مخططاً، ذكّر الاتحاد الأوروبي تركيا "باحترام تعهداتها" الواردة في اتفاق 2016. ورغم انتقادها لسماح إردوغان للمهاجرين باجتياز حدود اليونان، تعهدت ميركل بالعمل جاهدة على نقل اتفاق الهجرة المبرم معه إلى مرحلة جديدة، مؤكدة ضرورة الاستمرار في التعاون مع تركيا "لإزلة الأسباب الأساسية الداعية إلى الهجرة".وأوضحت ميركل أنها ستلتقي ميشيل ودير لايين، لمناقشة الاتفاق الذي عملت عليه منذ 2015 ولا تزال، والتطورات الأخيرة في المنطقة، مشيرة إلى أن "اليونان تستحق كامل الدعم والتضامن، لأنها هي أقرب دولة في الاتحاد الأوروبي إلى الحرب السورية والأزمة الليبية والتوتر في لبنان ومشاكل الحدود البحرية".