يعد كتاب «هتاف المنسيين»" بمثابة رحلة بحثية وميدانية في عالم المهرجانات، خاضها الشاعر يسري حسان منذ أكثر من عامين، ورصد من خلال رحلته الظاهرة من جميع جوانبها الفنية والاجتماعية والثقافية، ولماذا انفجرت وانتشرت في السنوات القليلة الماضية، لتلبية أذواق شعبية مطروحة في الواقع، وتم إهمالها بقوة واسعة وعميقة.

ونظم منتدى بتانة الثقافي حفل توقيع ومناقشة للكتاب بحضور المؤلف، وأدار اللقاء الشاعر شعبان يوسف.

Ad

ضد المنع

يقع الكتاب في 244 صفحة، بينها 165 خصصت لكلمات عدد كبير من "أغاني المهرجانات"، أما الصفحات الخمسون الأولى فجاءت على شكل مقالات تناقش الكثير من القضايا المتصلة بالظاهرة نفسها، كما يحاول الكتاب أن يناقش بموضوعية ظاهرة تلك الأغاني، ويبحث في أسباب انتشارها ومن أين جاءت؟ وهل هي شر مطلق أم أن "فيها حاجة حلوة"... وهو في كل الأحوال، ضد فكرة المنع والمصادرة.

طريقة للتعبير

وقال حسان: "إذا أخذنا بالتعريف المعتمد لفكرة الشعبية فهي أغان شعبية، بمعني أنها مأخوذة من الناس لتعبر عن الناس، فربما طريقة التعبير تخون صاحبها في بعض الحالات، فتأتي على قدر من الابتذال وسوء الأدب".

وأضاف حسان في تصريحات صحفية أن "ما ننكره في الأغاني نمارسه في حياتنا، بمعني أنه في الأوساط الشعبية، ربما يعتبره البعض قدراً من الانفلات اللفظي، الذي يمارس في الحياة العشوائية، وبالتالي فإن أغاني المهرجانات تعكس هذا الانفلات أيضًا، والذي لا يبدو غريبًا على الوسط الشعبي، وهناك البعض يرى أن ما يقال في الممارسات الحياتية العامة بين الناس، لا يجب أن يقال بهذا الشكل الواضح والصريح في الفن، وبشكل عام فإن المهرجانات فن شعبي من الناس الشعبيين والناس والبسطاء وعنهم".

أول رصد

ويعد الكتاب أول رصد توثيقي لأغنيات المهرجانات في مصر، بعدما انتشرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.

وأغاني المهرجان نمط موسيقي يعبر عن حالة الكرنفال الذي يتيح مشاركة أكثر من مطرب في أغنية واحدة تدمج موسيقى الراب والشعبي والتكنو في أغنية واحدة. وأشار حسان إلى أنه أمضي أياماً كثيرة يسمع ويشاهد أغاني المهرجانات، ويقرأ عن أصحابها وقصص حياتهم ورحلات كفاحهم.

مجتمع شعبي

وأوضح أنه ابن مجتمع شعبي، وبالتالي لا يمكن له أن يتخذ موقفاً متعالياً من الظاهرة التي يستسهل البعض تصنيفها في إطار "الغناء الشعبي"، لافتاً إلى أن تحليل المحتوى والخطاب الذي تتضمنه أغنيات المهرجانات لا يبرر دعاوى مصادرتها أو منع أصحابها من التعبير.

ويرى حسان أن من أهم أسباب ظهور أغنيات المهرجانات؛ سهولة صناعتها وتداولها، وهي في أغلب الأحيان تعتمد على جملة لحنية واحدة وبرامج يوفرها الإنترنت للصوت والمونتاج.

وساعدت عملية الاستعانة بفناني المهرجانات في أعمال درامية على إتاحة أعمالهم وتداولها بشكل كبير، ولا يرى الكتاب أن موسيقى المهرجانات تعبير عن ذوق فاسد، لكنها نتيجة تدهور متواصل في صناعة الفنون، ويحلل عبر فصوله أنواع أغنيات المهرجانات ويوثق نصوصها.

وينتهي المؤلف إلى الاعتراف بأن الهجوم على المهرجانات لن يفيد، فهي بكل أشكالها ليست خطراً على الدولة ولا خطراً على الشباب والنشء ولا خطراً على الذوق العام، وأن الخطر الحقيقي نسيانها ونسيان أناسها والتعالي عليهم.

أزمة «شاكوش»

يشار إلى أن مؤلف الكتاب ناقد مسرحي، وكاتب يشغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة "المساء"، وتولى لعدة سنوات رئاسة تحرير مجلة "مسرحنا"، المكرسة للنشاط المسرحي، وهو من أبرز شعراء العامية في مصر.

وتزامن صدور الكتاب مع أزمة أثيرت حول أغاني المهرجانات، وكان المطرب هاني شاكر نقيب الموسيقيين في مصر، أصدر الشهر الماضي قرارا بمنع أغاني المهرجانات في الأماكن العامة والفنادق، بعد ما أثارته مشاركة الثنائي حسن شاكوش وعمر كمال في حفل نقلته الفضائيات من استاد القاهرة، وتم الإعلان عن سحب تصريح الغناء من بعض مطربيها، الذين تم اعتماد عضويتهم بالنقابة في وقت سابق