هل يمكن اعتبار كوريا الجنوبية مثالاً في مكافحة «كوفيد - 19»؟

نشر في 12-03-2020
آخر تحديث 12-03-2020 | 00:03
عامل  يقوم بتطهير قطار للمساعدة في منع انتشار الفيروس التاجي ، في محطة مترو مترو سيول
عامل يقوم بتطهير قطار للمساعدة في منع انتشار الفيروس التاجي ، في محطة مترو مترو سيول
بعد أن أصبحت كوريا الجنوبية إحدى أكثر الدول تضررا بفيروس كورونا المستجد خارج الصين، تمكنت من خفض عدد الإصابات بشكل كبير، في حين سجلت إحدى أدنى نسب الوفيات في العالم.

وبلغ عدد الحالات المؤكدة لديها 7755 إصابة، هي رابع أعلى حصيلة في العالم، لكنها لم تسجل سوى 60 وفاة، وهو رقم أدنى بكثير من المعدل العالمي الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية.

ما هي الخطوات التي اتخذتها كوريا الجنوبية، وهل يمكن اعتبارها مثالا يحتذى في مكافحة الفيروس؟

بدلا من اتباع التدابير الصينية القاضية بعزل مدن طالها الفيروس، تبنّت كوريا الجنوبية نموذج إتاحة المعلومات والمشاركة العامة والفحوص على نطاق واسع.

يتم الاتصال بجميع الأشخاص الذين اختلط معهم المرضى المصابون بـ "كورونا" المستجد وإجراء فحوص لهم.

ترصد تحركات الشخص المصاب في الأيام الـ 14 السابقة، من خلال استخدامه بطاقة الائتمان المصرفية، وصور الكاميرات المغلقة وتتبّع الهاتف النقال. وتنشر تلك المعلومات على مواقع حكومية مع رسائل نصية تحذيرية ترسل إلى الأشخاص عندما يتم رصد إصابة جديدة في المنطقة التي يعملون أو يعيشون فيها.

ويثير هذا الإجراء قلقا إزاء مسألة الخصوصية، لكنّه يمكّن الناس من التقدم لإجراء فحوص.

تبلغ كلفة الفحص قرابة 160 ألف وون (134 دولارا) لكنه يُتاح بالمجان لمن يُشتبه بإصابتهم ومن خالطوا أصحاب الحالات المؤكدة، أو الذين تأتي نتيجة فحصهم إيجابية، مما يشجع المشاركة.

أجرت كوريا الجنوبية اختبارات تشخيص بشكل أسرع من أي دولة أخرى، حوالى 10 آلاف فحص يوميا، ويقول الخبراء إنها ساعدت السلطات في الرصد المبكر للمرضى وتتبّع بؤر الوباء.

يمكن لكوريا الجنوبية إجراء أكثر من 15 ألف فحص تشخيص يوميا، وأجرت 220 ألف فحص حتى أمس. لديها أكثر من 500 مختبر مخصصة لإجراء الاختبارات، بينها أكثر من 40 مرفقاً يمكن الحصول على الخدمة فيها عبر المرور بالسيارة (درايف ثرو)، مما يقلل من الاحتكاك بين المرضى والأطقم الصحية.

حضت السلطات المواطنين على لزوم منازلهم وتجنّب اللقاءات وتقليص التواصل مع الآخرين في حملة أطلق عليها "النأي الاجتماعي"، فصارت الشوارع هادئة والمتاجر والمطاعم شبه فارغة، حتى في الأجزاء التي تعجّ بالحركة عادة في سيول.

وألغيت عشرات الفعاليات من حفلات لفرقة كي-بوب الشهيرة إلى ألعاب رياضية، وارتدى معظم الناس الأقنعة الواقية، عملا بتوصيات الحكومة.

وكوريا الجنوبية دولة ديموقراطية، لكنها أيضا مجتمع مدني ملتزم، وهو ما يشير إليه المحللون كعامل في التصدي للفيروس.

هناك العديد من العوامل وراء النسبة المتدنية بشكل غير اعتيادي للوفيات 0.77 في المئة مقارنة مع 3.4 في المئة على مستوى العالم. الرصد المبكر يسمح بالعلاج المبكر، والفحوص الواسعة النطاق تعني رصد الحالات الخفيفة أو من دون أعراض ظاهرة، وهذا يرفع العدد الإجمالي للاصابات المسجلة، وبالتالي تتدنى نسبة الوفيات.

إضافة إلى ذلك، فإن المصابين في كوريا الجنوبية لديهم قواسم فريدة: غالبية الإصابات هي لنساء ونصف المصابين هم دون سن 40 عاما.

يقول المسؤولون أن ذلك مرده إلى أن أكثر من 60 بالمئة من الإصابات مرتبطة بكنيسة مسيحية تُعتبر طائفة سرية.

ومعظم أعضاء الكنيسة نساء والغالبية في العشرينيات والثلاثينيات من العمر.

لكنّ الأرقام العالمية تشير إلى أن الفيروس أكثر فتكا بين الأجيال الأكبر سنّا، والرجال بشكل خاص.

back to top