في ردّ سريع على الهجوم الصاروخي الدامي، الذي استهدف مساء أمس الأول قاعدة التاجي العسكرية، شمال بغداد، وأسفر عن مقتل جندي ومتعاقد أميركيين وثالث بريطاني، شنت طائرات يعتقد أنها أميركية ضربة جوية في شرق سورية ليل الأربعاء - الخميس، وقتلت 26 مسلحا من فصائل شيعية عراقية مدعومة من إيران.وجاء الهجوم غير المسبوق بعد أيام من زيارة سكرتير الأمن القومي الإيراني الجنرال علي شمخاني بغداد، في زيارة رأى مراقبون أنها تهدف إلى سد الثغرات التي أحدثتها تصفية الجنرال الإيراني قاسم سليماني في يناير الماضي بغارة أميركية قرب مطار بغداد.
كما جاءت بعد أيام على تقارير عن بدء سحب أميركا مئات الجنود مع تراجع التوتر مع إيران الذي بلغ ذروته عقب مقتل سليماني. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القصف الذي وقع في منطقة الحسيان بمدينة البوكمال الحدودية شرق سورية، استهدف "كتائب حزب الله" وحركتي "النجباء" و"سيد الشهداء"، و"لواء حيدريون"، في قاعدة "الإمام علي"، التي تضم قوات إيرانية وأخرى موالية لها. وتوقع مصدر مسؤول من الفصائل العراقية الموالية لإيران تعرض مقار تابعة للفصائل أو "الحشد" لهجمات جديدة. وفي دمشق، اكتفت وسائل إعلام رسمية سورية، بالقول إن طائرات مجهولة ضربت أهدافا جنوب شرقي مدينة البوكمال، حيث يوجد منفذ حدودي استراتيجي مع العراق، لكن ذلك لم يسفر سوى عن أضرار مادية.
التحالف
وكانت القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، أكدت في بيان أن 18 صاروخا من نوع "كاتيوشا" استهدفت قاعدة التاجي العسكرية، مما أسفر عن مقتل الجنديين الأميركي والبريطاني والمتعاقد الأميركي، وإصابة نحو 12 من قوات التحالف.واعتبر قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي، الجنرال كينيث ماكنزي، أمس، أن "حزب الله ــ العراق" المرتبط بإيران هو التنظيم الوحيد المسلّح، القادر على شنّ هجوم على قاعدة التاجي.ورغم اعتباره أنه "لا خطر وشيكا مباشرا من إيران، لكن خطر الوكلاء مستمر"، ماكينزي أنه "على إيران أن تفهم أنها ستتحمل مسؤولية ما تقوم به الميليشيات التابعة لها".بومبيو
وشدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ونظيره البريطاني دومينيك راب، في مكالمة هاتفية، على أنه "يجب محاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات".ولاحقا، كتب بومبيو، في تغريدة على "تويتر"، أمس الأول، "لن يتم التسامح بشأن الهجوم المميت".لندن
وفي لندن، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن فردا من الفيلق الطبي بالجيش الملكي البريطاني قتل في الهجوم، ووصف وزير الدفاع البريطاني بن والاس الهجوم بأنه "عمل جبان وانحطاطي".رئاسة الجمهورية
وفي بغداد، دانت رئاسة الجمهورية أمس "الاعتداء الإرهابي"، وأكدت في بيان أن الاعتداء "أدى إلى خسائر في الأرواح وإصابات لعدد من المدربين والمستشارين ضمن قوات التحالف، التي تعمل بالعراق في نطاق محاربة الإرهاب بدعوة من الحكومة العراقية".ووصف البيان الاعتداء بأنه "استهداف للعراق وأمنه"، مؤكدا "ضرورة إجراء التحقيقات الكاملة للوقوف على خلفياته وتعقب العناصر المسؤولة عنه".عبدالمهدي
بدوره، وصف القائد العام للقوات المسلحة رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي الهجوم بأنه "تحد أمني خطير جدا وعمل عدائي"، ووجه بفتح تحقيق "فوري لمعرفة الجهات التي أقدمت على هذا العمل العدائي والخطير وملاحقتها وإلقاء القبض عليها وتقديمها للقضاء".الحلبوسي
من ناحيته، دان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أمس الاعتداء، مشددا على أن تواجد قوات التحالف الدولي في قاعدة التاجي جاء "بطلب من الحكومة العراقية وموافقتها لتدريب القوات الأمنية العراقية، وتقديم الدعم والإسناد في محاربة داعش الإرهابي وملاحقة فلوله".وطلب الحلبوسي من عبدالمهدي اتخاذ إجراءات حازمة وصارمة تجاه أي استهداف يطال المعسكرات والقواعد العسكرية العراقية التي تضم قوات التحالف.البارزاني
كما أدان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني القصف، واعتبر انه يمثل سابقة تعرض الوضع في البلد للخطر.معاملة الإرهابيين
وعلق المحلل الأمني الخبير بالجماعات الإرهابية هشام الهاشمي على تصريحات صالح وعبدالمهدي والحلبوسي قائلا: "هناك جديد على صعيد التعريف، فقد اعتبرت الرئاسات الثلاث العراقية، ومعها قيادة القوات المسلحة العراقية، عملية استهداف قاعدة التاجي بأنها اعتداء إرهابي، وهذا وفقا لما جاء في بيان بعثة الأمم المتحدة والخارجية الأميركية وقيادة التحالف الدولي، هذا التعريف بمنزلة إعلان الحرب على المسلحين".وأضاف أن "القائد العام للقوات المسلحة قد يصرح ببيان رسمي يناقشه مع الرئاسات العراقية الأخرى، بإعلان أن تلك الفصائل المتمردة تعامل معاملة الجماعات الإرهابية، وأن كثيرا من قيادات الفصائل خارج هيئة الحشد الشعبي قد تغيب عن المشهد القادم لأسباب عديدة، أهمها الملاحقة القضائية الدولية والمحلية".وأشار إلى أنه "منذ الفجر اجتماعات مكثفة بين قيادات عراقية من القوات المسلحة ودوائر المعلومات وأخرى من التحالف الدولي لتشخيص الخلية التي نفذت ضربة التاجي ومعرفة هويتها الفصائلية، المؤشرات تؤكد أن أميركا وقوات التحالف لن يكتفوا بغارات البوكمال في سورية، وأن الرد على الأرض العراقية قد يكون قريبا".وتوقعت مصادر عراقية أن تبادر واشنطن إلى تصفية شخصية إيرانية رفيعة، مضيفة أن سليماني قُتِل رداً على سقوط متعاقد أميركي بصاروخ في شمال العراق، وأن واشنطن قد تحتاج إلى عمل قوي لترميم قوة الردع.