أولاً وأخيراً: حلال لكم حرام علينا
حالة من الغضب الشديد سادت بين أوساط المواطنين بسبب تأجيل جلسات مجلس الأمة بحجة حماية النواب من فيروس كورونا الذي سجل عدداً من الإصابات في الكويت في الوقت الذي ترك فيه هؤلاء النواب عشرات الآلاف من المواطنين يواصلون أعمالهم في الوزارات والهيئات الحكومية، والتي تشهد تجمعات تفوق بكثير الـ٥٠ نائباً والـ١٦ وزيراً الذين يجتمعون في قاعة عبد الله السالم المجهزة بكل الإمكانات، وتتوافر لهم كل سبل الرعاية الصحية والفحص الطبي قبل عقد الجلسات، ولكن فضل الغالبية العظمى من نوابنا الاكتفاء بالتصريحات الرنانة والتغريدات الساخنة التي اعتدنا عليها. لقد تسبب تعطيل عمل مجلس الأمة في احتقان داخل البلاد، فالنائب الذي يجلس في بيته خوفاً من الاختلاط بالناس والتعرض للإصابة بالفيروس ليس أفضل من المواطن الموظف الذي يذهب إلى عمله يومياً ولا يخشى تفشي كورونا، فالجميع متساوون أمام الدستور، وكان الأولى بالنواب أن يكونوا قدوة لغيرهم، ويواجهوا الأزمة على أرض الواقع، لا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والبيانات المعلبة وتوجيه النقد واللوم للحكومة التي تعمل جاهدة على تفادي المرض القاتل، وتعقد اجتماعات متواصلة، ولا تخاف مثلهم من الإصابة بالفيروس.
ونحن هنا نطالب بالمساواة بين المواطنين والمسؤولين حتى نظل أقوياء وصفوفنا موحدة في مواجهة هذا الوباء الذي حل في عدد كبير من دول العالم، فالأولى بمجلسنا الموقر أن يواصل جلساته، ويكثف جهوده، ويمد يده للحكومة، ويقدم الاقتراحات والتشريعات التي تساهم في الحد من انتشار هذا المرض، وكذلك يعمل على إقرار القوانين المهمة المدرجة على جدول أعماله، والتي ينتظرها المواطنون، خصوصاً أن دور الانعقاد الحالي لم يتبق فيه الكثير من الوقت، ولا يحتمل تعطيل الجلسات تحت أي ذريعة. فهذه الأيام للعمل والتكاتف وبذل المزيد من الجهود، وليست أياماً للتراخي والكسل والهروب من المسؤولية، نسأل المولى عز وجل أن يوفق الجميع لما فيه خير ومصلحة البلاد والعباد.