أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حال الطوارئ في الولايات المتحدة، في وقت صنّفت منظمة الصحة العالمية أوروبا بأنها بؤرة جديدة لفيروس كورونا المستجدّ، بالتزامن مع إغلاق دول كثيرة الحدود والمدارس، وإلغائها فعاليات في محاولة لاحتواء الوباء الذي أصاب أكثر من 138 ألف شخص في العالم، وأودى بحياة أكثر من خمسة آلاف.وفي مؤتمر صحافي الى جانب مسؤولي إدارته المعنيين في حديقة البيت الأبيض، قال ترامب: "من أجل تسخير الطاقة القصوى لموارد الحكومة الفدرالية، أعلن رسمياً حال الطوارئ"، مشيرا إلى أنّ هذا الإجراء سيتيح الاستفادة مما يصل إلى 50 مليار دولار من الأصول لمكافحة الفيروس.
وقال ترامب إن الولايات المتحدة ستشتري كميات كبيرة من النفط الخام للاحتياطيات الاستراتيجية، وأعلن التنازل عن فائدة القروض الطلابية خلال الأزمة، مؤكدا أن "الأسابيع الثمانية المقبلة حساسة".وأقر مجلس النواب الأميركي، فجر أمس، حزمة إجراءات لمساعدة الأميركيين المتضررين من تفشي فيروس كورونا المستجد. وجاءت الإجراءات الجديدة بعد أن منع ترامب هذا الأسبوع جميع المسافرين من أوروبا من دخول الأراضي الأميركية مدة 30 يوماً. وندد الاتحاد الأوروبي بهذا التدبير، إذ إنه يسعى جاهدا لدعم اقتصاد الدول الأعضاء.وأغلقت المدارس الأميركية أبوابها في جميع أنحاء البلاد، ويلزم عدد متزايد من الأميركيين منازلهم، في وقت أصبحت لويزيانا أول ولاية أميركية تُرجئ الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. وأعلنت شركات طيران إجراءات إضافية لعدم انتقال الأشخاص.
قيود على الجيش
ومنعت "البنتاغون" جميع موظفيها العسكريين والمدنيين من القيام برحلات داخلية اعتباراً من غد، للمساهمة في وقف تفشي الفيروس.وتصل هذه الخطوة التي أعلنت أمس الأول لما هو أبعد مما بلغته القيود السابقة على السفر الدولي، وهي تبرز مدى قلق الجيش الأميركي والمسافات التي عليه أن يقطعها لمحاولة حماية أكثر من مليون جندي عامل في أنحاء العالم.وقالت "البنتاغون" إن إحصاء الجيش لعدد جنوده العاملين بالخدمة الذين أصيبوا بفيروس كورونا أقل على الأرجح من العدد الحقيقي. وكان عدد العسكريين الأمريكيين الذين رصدت إصابتهم بالفيروس أربعة حتى يوم الثلاثاء الماضي.214 مليون شخص
وكشف الخبراء الأميركيون عن توقّعات قاتمة في حال لم يبدأ تدخّل سريع لوقف تفشي المرض. وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، إن الولايات المتحدة وضعت سيناريو توقعت من خلاله إصابة ما بين 160 و214 مليون شخص على أراضيها.وقال الخبراء إن الوباء قد يدوم شهورا أو حتى أكثر من عام، مشيرين إلى إمكان وفاة ما بين 200 ألف و1.7 مليون شخص، في حين أشارت الحسابات المستندة إلى السيناريوهات المقترحة إلى أن ما بين 2.4 مليون و21 مليون شخص في الولايات المتحدة قد يحتاجون إلى دخول المستشفى، مما قد يؤدي إلى سحق النظام الطبي في البلاد، الذي لا يضم سوى 925 ألف سرير.لا يحتاج الى فحص
وقال طبيب البيت الأبيض إن ترامب خالط شخصا ثانيا في مطلع الأسبوع الماضي تبيّن لاحقا أنه مصاب بفيروس كورونا، لكنّه أكد أنه ليس في حاجة للخضوع لفحص أو حجر صحي.وتناول ترامب العشاء في الأسبوع الماضي مع مجموعة ضمت وزير الاتصالات البرازيلي فابيو واغنغارتن الذي يقول مسؤولون برازيليون إنه تم التأكد من إصابته بـ "كورونا".وقال د. شون بي. كونلي إن ضيفا آخر على العشاء الذي أقيم في مارا لاجو اختلط بالرئيس لفترة وجيزة ثم بعد ثلاثة أيام بدأت تظهر عليه أعراض الإصابة بـ "كورونا"، وتأكدت إصابته بعدها.وقال كونلي، في بيان بوقت متأخر أمس الأول، إن المخالطة "منخفضة الخطورة"، وإن الرئيس لا يحتاج إلى البقاء "قيد الحجر في المنزل".وتابع "مخالطة الرئيس للحالة الأولى كانت محدودة للغاية (تصوير ومصافحة)، وعلى الرغم من أنه خالط الحالة الثانية وقتا أطول فإن كافة المعاملات بينهما كانت قبل ظهور أي أعراض".بريطانيا
الى ذلك، تعتزم الحكومة البريطانية سنّ قوانين للطوارئ هذا الأسبوع لحظر التجمعات العامة في محاولة للحد من انتشار الفيروس، في تصعيد لخطة الأزمة التي قال منتقدوها إنها شديدة التراخي.وقاوم رئيس الوزراء بوريس جونسون حتى الآن ضغوطا لتطبيق بعض الإجراءات الصارمة المطبقة في بلدان أوروبية أخرى لإبطاء انتشار الفيروس.لكن تم أمس الأول تعليق كافة مبارايات الدوري الإنكليزي حتى الرابع من أبريل، في وقت أرجأ المنظمون أحداثا رياضية أخرى، مثل ماراثون لندن.وقال مصدر بالحكومة "صغنا تشريعا للطوارئ لمنح الحكومة السلطات المطلوبة للتعامل مع فيروس كورونا بما في ذلك سلطات منع التجمعات العامة وتعويض المنظمين". وأضاف: "سننشر هذا التشريع خلال الأسبوع الحالي".وقالت وسائل إعلام بريطانية إن حظر التجمعات العامة قد يسري اعتبارا من مطلع هذا الأسبوع، وقد يؤثر على أحداث منها مهرجان غلاستونبري للموسيقى وبطولة ويمبلدون للتنس وسباق الخيل المعروف بالسباق الوطني الكبير.وكان جونسون قد اعلن عن خطة من 4 مراحل لمواجهة الفيروس، المرحلة الأولى هي احتواء الفيروس التي فشلت، الأمر الذي فرض على الحكومة الانتقال حاليا للمرحلة الثانية، وهي مرحلة تأخير انتشار الفيروس وتركز على إغلاق المدارس والجامعات ورياض الأطفال والتجمعات الكبيرة، علاوة على عمل الموظفين من منازلهم. نقاط هذه المرحلة لم يعلن تطبيقها فلم تصدر الحكومة قرارا بإغلاق المدارس أو الكليات، ولكنها اكتفت بالإعلان عن وقف الرحلات المدرسية خارج البلاد، داعية كبار السن إلى البقاء في منازلهم مع إعطاء حرية الخيار للموظفين في الذهاب إلى أعمالهم أو البقاء في منازلهم، متعهدة بإلزام أصحاب الأعمال على دفع رواتب الموظفين العاملين من منازلهم.وتشجع إجراءات هذه المرحلة على توفير مسافات بين أفراد المجتمع وتلزم الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض الفيروس بعزل أنفسهم في منازلهم، من دون إجراء فحوص، ما لم يتطور الوضع إلى تداعيات خطيرة تتطلب العلاج في المستشفى.أما المرحلة الثالثة، التي ستدخل حيز التنفيذ في حال فشلت المرحلة الثانية في مواجهة الفيروس وتأخير انتشاره فإنها تعتمد على إيجاد حلول طبية والبحث عن علاج لتخفيف آثار الفيروس على المواطنين والاقتصاد. وأخيرا تركز المرحلة الرابعة على تخفيف مخاطر الفيروس عبر تقديم الخدمات بالحد الأدنى والذي يعني إغلاق محلات تجارية ومولات ومطارات وعزل مدن، مع الحفاظ على تقديم وزارة الصحة خدماتها للمواطنين بشكل لا يعرض المواطنين والعاملين في المراكز الطبية للخطر.وقال وزير الصحة السابق جيريمي هانت إن القرار "يدعو للدهشة " لعدم الاقتداء بدول أخرى في إغلاق المدارس، وإلغاء الفعاليات الكبيرة، وفرض قيود صارمة على الحدود.أوروبا
الى ذلك، ارتفعت أعداد الإصابات والوفيات في أوروبا جراء الفيروس. وأعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، أمس الأول، أن القارة بات لديها الآن "عدد إصابات ووفيات مسجّلة يفوق (العدد) في سائر دول العالم مجتمعةً، من دون احتساب الصين".ووصف الوضع بأنه "مرحلة مأساوية" وحذّر من أنه لا يزال من "المستحيل" تحديد المرحلة التي يبلغ فيها الفيروس ذروته في العالم.وسجّلت إيطاليا، الدولة الأكثر تأثراً بالفيروس في أوروبا، أعلى حصيلة يومية أمس الأول مع 250 وفاة خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، في حين أعلنت إسبانيا حال التأهب بعد أن تجاوز عدد المصابين لديها 5700 شخصاً بزيادة 1500 شخص عن امس الأول.وأغلقت عدة دول أوروبية حدودها أمام الأجانب، وكذلك أقفلت الشركات غير الأساسية والمطاعم والفنادق والمتاحف وحظرت التجمعات العامة.وكانت بولندا آخر دولة أوروبية تغلق حدودها مع تسجيلها وفاة ثانية جراء الفيروس.من جهتها، أغلقت فرنسا الدولة الأكثر استقطابا للسيّاح، برج إيفل ومتحف اللوفر جراء ما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "أسوأ أزمة صحية في فرنسا منذ قرن".وأغلقت السلطات الدنماركية حدودها، أمس، مما يعني أن السياح وغيرهم من الأجانب الذين ليس لديهم سبب مهم للزيارة لن يتم السماح لهم بالدخول حتى 13 ابريل.وقالت اليونان، إنها ستعلق كل رحلات الطيران من إيطاليا وإليها بعد تسجيل حالتي وفاة جديدتين بـ "كورونا"، مما رفع العدد الإجمالي للوفيات بالمرض إلى ثلاث.وفي كلمتها الأسبوعية المتلفزة عبر الإنترنت، حافظت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل على الهدوء ولم تتراجع عن قرارها بعدم إغلاق الحدود او فرض اجراءات الاغلاق وتعطيل العمل. وإذ قالت إن تطوير لقاح وأدوية مضادة لفيروس كورونا المستجد سيستغرق بعض الوقت، طالبت ميركل كل فرد بالعمل، من خلال سلوكه الشخصي، على حماية الأشخاص الذين لهم تاريخ مرضي من التعرض للعدوى، مؤكدة أنه من المهم لهذا الغرض تعليق الأنشطة الاجتماعية على نطاق واسع "حيثما أمكن هذا".ودعت ميركل المواطنين إلى تجنب الفعاليات غير الضرورية حتى داخل الوسط العائلي، "وبهذا نساعد الناس بطريقة ملموسة جدا، ويصبح بمقدورنا أن نظهر التضامن في المجتمع".إيران وأميركا الجنوبية
وسجّلت إيران التي أصبحت بؤرة رئيسية للفيروس، ارتفاعاً كبيراً في أعداد الإصابات والوفيات خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، في وقت أُفيد بتسجيل أول إصابات في كينيا وإثيوبيا هي الأولى في غرب إفريقيا.ونقل التلفزيون الإيراني عن مسؤول بوزارة الصحة قوله إن عدد الوفيات ارتفع إلى 611 حالة وفاة، بينما وصل إجمالي عدد المصابين إلى 12729 مصابا.وأعلنت فنزويلا "حال التأهّب"، بعد تأكيد إصابتين، وأعلنت وقف المدارس، وأغلقت كولومبيا حدودها مع فنزويلا، ومنعت دخول الأجانب الذين زاروا أوروبا وآسيا في آخر 14 يوما، كما أعلنت الأوروغواي حال طوارئ صحّية و"إغلاقا جزئيا للحدود" لفترة غير محددة، بعد تأكيد أول 4 إصابات بالفيروس على أراضيها.وكذلك فعلت روسيا التي أغلقت حدودها مع بولندا والنرويج ابتداء من منتصف ليل السبت - الأحد، في حين أن حدودها مغلقة مع الصين. وفرضت موسكو قيودا على سفر الأجانب إليها لأي سبب، باستثناء مواطني بيلاروسيا والوفود الرسمية. وامتد الفيروس إلى المزيد من الدول الإفريقية، إذ سجلت كل من ناميبيا ورواندا ومملكة "إي سواتيني" أولي حالات الإصابة بها.وفي ناميبيا، أعلن وزير الصحة، دانيال نجاميجي، في مؤتمر صحافي، أن زوجين إسبانيين أصيبا بالفيروس، في حين تم تسجيل أول حالة في رواندا لمواطن هندي من مومباي.السعودية
وقررت المملكة العربية السعودية تعليق الرحلات الجوية الدولية لأسبوعين اعتبارا من اليوم، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).وحسب وزارة الداخلية سيتم "اعتبار ذلك إجازة رسمية استثنائية للمواطنين والمقيمين الذين لم يتمكّنوا من العودة بسبب تعليق الرحلات، أو تم تطبيق الحجر الصحي عليهم بعد عودتهم إلى المملكة، سواء كان ذلك في مقار مخصصة من وزارة الصحة، أو وجّهوا منها بعزل أنفسهم في منازلهم".وتقوم المملكة بترتيب إجراءات قدوم من يرغب بالعودة من المواطنين، حيث ستعلن الإجراءات المتعلقة بذلك خلال أسبوع من تاريخه.وأعلنت الإمارات، أمس، وقف إصدار التأشيرات باستثناء الدبلوماسيين الأجانب، وإيقاف الرحلات الجوية إلى لبنان والعراق وسورية وتركيا.وفي الدوحة، أعلن مكتب الاتصال الحكومي، أن قطر قررت تعليق إصدار تأشيرات الدخول الفورية للقادمين من عدة دول أوروبية.كوريا والصين
في كوريا الجنوبية التي كانت أكبر بؤرة للمرض خارج الصين، تجاوز عدد المتعافين من المرض أخيراً عدد الإصابات الجدد للمرة الأولى، وكذلك سُجّل أدنى عدد من الإصابات الجديدة خلال 3 أسابيع.وقالت الصين إنها تخطت "ذروة" الوباء، بعد أن سجلت أكبر عدد إصابات ووفيات جراء المرض.وأفادت بكين أمس عن 11 إصابة جديدة فقط بالفيروس، لكنّ أربعا منها فقط كانت محلية وجميعها في إقليم هوبي الذي كان بؤرة تفشي الفيروس، الحالات السبع الأخرى جميعها لأناس عادوا إلى الصين من الخارج، وتحديدا من إيطاليا والولايات المتحدة والسعودية.وتشير هذه الأرقام إلى أن الصين تواجه الآن تهديدا أكبر من حالات العدوى الوافدة من الخارج، وأنها تواصل إبطاء انتشار الفيروس على المستوى المحلي.بلبلة عالمية
وسيعقد قادة دول مجموعة السبع قمة استثنائية عبر الفيديو غدا، لمناقشة تنسيق جهودهم لمكافحة الوباء العالمي.وتمّ إرجاء أو إلغاء أحداث رياضية وثقافية كثيرة، فتأثرت فعاليات بارزة بهذه الإجراءات من مسارح برودواي إلى الدوري الإنكليزي لكرة القدم.وأصاب الفيروس عددا من الشخصيات المعروفة من بينهم ممثلون في "هوليوود" ومسؤولون سياسيون، وكذلك زوجة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.