بعث سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ببرقية تعزية إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عبّر فيها عن خالص مواساته لضحايا السيول التي اجتاحت بعض المحافظات المصرية من جراء الأمطار الغزيرة التي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا والمصابين، وألحقت أضراراً بالمرافق العامة والممتلكات، سائلا المولى أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته، ويلهم ذويهم جميل الصبر، ويمنّ على المصابين بسرعة الشفاء.وأعرب سموه عن تمنياته بأن يتمكن المسؤولون في مصر من تجاوز آثار هذه الكارثة.
وبدأت مصر حكومة وشعبا لململة نفسها أمس، مع انكسار موجة الطقس السيئ التي ضربت البلاد منذ الساعات الأولى من فجر الخميس، وخلّفت نحو 20 قتيلا، في واحدة من أشد موجات الطقس قسوة التي تضرب البلاد خلال عقود، والتي أجبرت المصريين على البقاء في منازلهم أكثر من 24 ساعة، يصارعون أمطارا غزيرة وصلت إلى حد السيول، وانقطاع الكهرباء والمياه عن المنازل ساعات طويلة.وكانت الأمطار الغزيرة التي وصلت إلى حد السيول قد ضربت معظم المحافظات المصرية على مدار ساعات يوم الخميس، واستمرت في بعض المناطق ليوم الجمعة، وأدت إلى إصابة أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان (100 مليون نسمة) بالشلل التام، إذ تأثرت سلبا حركة المرور والقطارات والموانئ والمطارات، فضلا عن لجوء السلطات المصرية لمنح إجازة رسمية لجميع المدارس والجامعات والعاملين بالدولة، وقطع المياه عن معظم أنحاء القاهرة الكبرى لإتاحة الفرصة لشبكة الصرف الصحي المتهالكة من أجل تصريف مياه الأمطار المتراكمة.وقال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، في تصريحات له خلال تفقّده غرفة عمليات مجلس الوزراء لمتابعة إجراءات مواجهة موجة الطقس أمس الأول، إن هناك 20 حالة وفاة بسبب الطقس السيئ، نتيجة صعق كهربائي وانهيارات جزئية لبعض المباني وحوادث طرق، متقدما بخالص العزاء لأسر الضحايا، ولافتا إلى أن مصر لم تشهد مثل هذه الظروف الجوية منذ نحو 40 عاما.من جانبه، أشاد الرئيس عبدالفتاح السيسي بإدارة الأزمة من جموع المصريين، وكتب عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك": "أثبت المصريون حكومة وشعبا، على مدار الساعات الماضية، قدرتهم القوية ومعدنهم النبيل في التعامل مع الاضطرابات الجوية التي اجتاحت البلاد، فقد أدارت الدولة بأجهزتها التنفيذية ومؤسساتها الأمنية مشهدا بالغ التعقيد إزاء ظروف مناخية ليست معهودة في بلادنا".ووجّه السيسي "الشكر للمسؤولين والأفراد الذين اقتضت المسؤولية منهم متابعة الوضع واحتواء آثاره البالغة... ولا يسعني سوى الفخر بمعدن الشعب المصري الأصيل الذي أظهر أفراده روح تعاون عالية، وفدائية وترابطاً، تقول بوضوح إننا معا يدا بيد أقوى من أي شيء، كما أتقدّم بخالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا، وبكل الأمنيات بالشفاء العاجل للمصابين".
البنية التحتية
وقد فجّر غرق شوارع القاهرة والمحافظات الجدل بين المصريين حول تهالك البنية التحتية للبلاد، مما يؤدي إلى شلل شامل يصيب البلاد مع كل موجة أمطار، وطالب بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بإنفاق حكومي سخي على تحديث البنية التحتية وإنشاء شبكة لتصريف مياه الأمطار والاستفادة منها، في حين انبرى البعض الآخر في الدفاع عن أداء الحكومة التي تواجه ظروفا صعبا، لأنها ورثت بنية تحتية متهالكة من نظام حسني مبارك الذي حكم البلاد ثلاثين عاما انتهت بثورة 25 يناير الشعبية.ودخل المتحدث باسم مجلس الوزراء، هاني يونس، على الخط، مؤكدا أن ما شهدته مصر غير مسبوق منذ 40 عاماً، إذ هبطت الأمطار بنسبة 45 مم في بعض المناطق، مشددا على أن بناء شبكة لتصريف الأمطار غير عملي، إذ تحتاج مصر لشبكة تتكلف 400 مليار جنيه، وأنه في حال توافر هذا المبلغ، فالأولى إنشاء شبكة صرف صحي للقرى الأكثر احتياجا في محافظات مصر، وشدد على أن شبكة الكهرباء عادت لتعمل بكفاءتها في معظم الأنحاء بعد قطع التيار عن العديد من المناطق بسبب الأمطار الغزيرة.زيارة حميدتي
وفي محاولة لرأب الصدع بين القاهرة والخرطوم، بعدما ظهر تباين المواقف جليا في تعاطي العاصمتين في أزمة سد النهضة، وصل النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى القاهرة أمس، في زيارة رسمية تستغرق يومين، في ثالث تحرّك رفيع المستوى بين البلدين، بعد أزمة رفض الجانب السوداني لقرار عربي يدعم مصر في أزمة مياه النيل.وعلمت "الجريدة" أن ملف سد النهضة وتلطيف الأجواء سيكونان على رأس أولوية زيارة حميدتي التي يلتقي خلالها الرئيس السيسي وكبار رجال الدولة، وتأتي الزيارة بعدما هاتف رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان الرئيس المصري 7 الجاري، أعقبها زيارة رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل للخرطوم، ونقل رسالة من الرئيس السيسي إلى القيادة السودانية.ملاحقة إثيوبية
وفي وقت أنهى وزير الخارجية المصري سامح شكري، صباح أمس، جولة عربية وأوروبية لجمع تأييد دولي لموقف مصر في أزمة سد النهضة، بدا أن أديس أبابا انطلقت في مسار معاكس لإحباط التحرك المصري على الصعيد الأوروبي، إذ بدأت في إرسال وفود رفيعة المستوى إلى دول أوروبية وإفريقية لإطلاع قادتها على موقف أديس أبابا بشأن مفاوضات سد النهضة.وأفادت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، أمس الأول، بأن الرئيسة الإثيوبية سهلي ورق زودي، بدأت الجولة الإفريقية، بينما يقود الرئيس الإثيوبي السابق مولاتو تيشومي الجولة الأوروبية، التي سيزور خلالها العاصمة الفرنسية باريس، بعد نحو يومين من طلب وزير الخارجية المصري من فرنسا التدخل لإقناع إثيوبيا بالتوقيع على اتفاق سد النهضة النهائي.وتسعى مصر إلى الاستعانة بالمجتمع الدولي بعد انهيار مفاوضات واشنطن نهاية فبراير الماضي، والتي انسحبت منها إثيوبيا فعليا قبل التوقيع على اتفاق نهائي حول تشغيل وملء سد النهضة، وسلّم شكري رسالة من الرئيس السيسي لقادة دول الأردن والعراق والكويت والسعودية والبحرين والإمارات وسلطنة عمان، فضلا عن زيارة بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي وفرنسا، من أجل دعوة أوروبا للضغط على أديس أبابا.من جهته، دعا الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، إلى عقد قمة عاجلة لدول حوض النيل لمناقشة قضايا المياه، وأعرب عقب استقباله الرئيسة الإثيوبية، الجمعة، عن تقدير بلاده لكل الجهود الساعية لضمان الاستخدام العادل والمستدام لنهر النيل، بينما أشادت الرئيسة الإثيوبية بتصديق أوغندا على اتفاق الإطار التعاوني لمياه النيل (اتفاق عنتيبي)، وهو الاتفاق الذي ترفضه مصر والسودان جملة وتفصيلا، لأنه ينهي الحصص التاريخية لدولتي المصب.