كورونا أكثر عدالة منكم! *
![خولة مطر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/982_1671286347.jpg)
طبعا «اشتغلت» عقول أصحاب نظريات المؤامرة، ولكن الأهم هو ما كتبه المختصون والخبراء في الاقتصاد والسياسة ليرسموا صورة قاتمة لوضع الاقتصاد عالميا لا في الدول «المتعثرة» فقط! «ستغليتس» وهو من أهم من كتب عن العولمة، قال وكمن يذكر الجميع بأنه قد كتب الكثير من الأبحاث عن فشل العولمة وربما النظام الاقتصادي الرأسمالي، وقبل أن تكثر الاتهامات بأن مثل هذا التحليل يعيد «نوستالجيا» النظام الاشتراكي، فهذا ليس المقصود أبداً. الكثيرون كتبوا عن الحاجة إلى التفكير في نظام اقتصادي أو هو ربما عقد اجتماعي– اقتصادي لا يغفل الشرائح الواسعة في أي مجتمع، ولا يزيد من العوز والفقر في حين قلة تحكم العالم اقتصاديا لتخلق طبقة جديدة فوق البرجوازية التي تتوحد على اختلاف عرقها ودينها ولونها وجنسها. ما علاقة النظام الاقتصادي بكورونا؟ هو التوحش الذي ساد العالم، هو الكسب على حساب البشر والطبيعة حتى انتفضت تلك الطبيعة كما ثارت الشعوب قبلها، هنا الطبيعة بتفاصيلها تنتقم ممن أساء إليها وإلى كل المخلوقات وربما الطبيعة أكثر عدالة حيث ساوت بين الرؤساء والمشاهير وصناع القرار مع عامة الشعب أو الشعوب. هي المرة الأولى التي يستطيع أن يقول فيها الفرد لرئيسه أو حاكم البلاد «هل ترى الآن ما معنى أن تقع في خانة العجز، حيث لا يستطيع السلطان والجاه والمال إنقاذك من ذاك الفيروس الذي يقول العلماء الصينيون إنه يفتك بالبشر بالمئات والآلاف وقد يطور نفسه إلى ما هو أكثر فتكا وقدرة على مقاومة أي لقاح».وفي حين وجهت أصابع الاتهام في المراحل الأولى إلى الصين وإيران ما لبث الفيروس أن ظهر لهم في عاصمة الأناقة والأزياء وكل ما تحب أن تقتنيه تلك الشريحة نفسها التي ظهرت كالفيروسات هي الأخرى في ميلانو، حتى جاءت الصور لمدينة أشباح وأوصدت المطارات في وجه القادمين منها، وما لبثت أن تبعتها مدن وعواصم دول أوروبية وأميركية. كورونا ليس فيروس عالم ثالث إذاً، بل هو عابر للقارات والدول والطبقات والأجناس، هو الأكثر عدالة في توزيع الموت والألم، وفي ذلك عدالة أيضا أليس كذلك؟ فلا ظلم في المساواة في الموت.* ينشر بالتزامن مع «الشروق» المصرية