فيروس كورونا، كما عرّفته منظمة الصحة العالمية، هو من الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي التي تنقل نتيجة مخالطة شخص مصاب عن طريق قطيرات الجهاز التنفسي التي يفرزها أثناء السعال أو العطس أو عن طريق قطيرات اللعاب أو إفرازات الأنف.

ولهذا الفيروس أثر من الناحية القانونية على الوضع الراهن في العالم عامة، وفي البلاد خاصة، وذلك بعد تطوره وسرعة انتشاره، مما أدى إلى قيام الحكومة، ممثلة بوزارة الصحة، باتخاذ جملة من الإجراءات حيال القادمين من بعض الدول، وكذلك على بعض الأنشطة التجارية في البلاد التي تشتد فيها التجمعات كإغلاق المقاهي والمطاعم والصالونات وصالات السينما والأفراح، نتيجة الأحداث الاستثنائية التي وقعت على نحو مفاجئ، مما شكّل حالة يمكن تسميتها بـ "القوة القاهرة" في البلاد.

Ad

والإجراءات التي اتخذتها الحكومة حيال هذا الوباء تأتي لمواجهته وخشية انتشاره على نطاق أوسع، حفاظا على الصالح العام، إلا أن هناك مصالح خاصة للأفراد والشركات يجب حمايتها في عدة مجالات، ومنها ما يتعلق بمسألة إعفاء المستأجرين من أداء الأجرة أو تخفيضها الى حدود تتناسب مع عدم حالة الانتفاع للنشاط التجاري في البلاد.

ولا يقتصر الأمر على حالة الإعفاء من الأجرة، بل يمتد الى حالات أخرى كالتي تتعلّق باستيراد البضائع من خارج البلاد، وحالت القوة القاهرة من إمكان عملية الاستيراد، والأمر كذلك، في أعمال المقاولة، فإن كان عدد من العاملين خارج البلاد ولا يمكنهم الدخول الى البلاد بسبب القرارات التي اتخذتها الدولة من منع الدخول تفادياً لعدم انتشار الوباء، فلا يمكن تسليم الأعمال في الوقت المحدد لها نتيجة وقوع هذه القوة القاهرة.

وسبق لقضاء محكمة التمييز أن قررت في عدد من أحكامها حماية لحقوق المتضررين من أي أحداث مفاجئة، سواء فيما يتعلق بالانتفاع بالإيجارات أو حتى في عدم إمكان أداء الالتزامات نتيجة القوة القاهرة، حيث أكدت محكمة التمييز "أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 581 من القانون المدني على أنه "إذا ترتب على عمل صدر من السلطة العامة في حدود القانون نقص كبير في انتفاع المستأجر، جاز له أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة، ما لم يكن عمل السلطة لسبب يعزى إليه... وكل ما سبق ما لم يقض الاتفاق بغيره ".

ومؤدى ذلك، وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لذات القانون – أن الأعمال الصادرة من السلطات العامة، ومثلها القرارات الصادرة من جهة الإدارة، والتي يترتب عليها حرمان المستأجر من انتفاعه بالمأجور أو الإخلال بالانتفاع به، تعتبر من قبيل القوة القاهرة التي لا يكون المؤجر ملتزماً بضمانها، لكنه يتحمل تبعتها، فيكون المستأجر تبعاً لجسامة الإخلال بالانتفاع أن يطلب فسخ الإيجار وإنقاص الأجرة، ولكن بشرط ألا يكون عمل السلطة ناجما عن عمل يعزى إلى المستأجر (راجعا إليه)، وأن يكون هناك نقص كبير بالانتفاع، وكل هذا ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على غيره، وأنه من المقرر أن الأجرة تكون مقابل الانتفاع بالمأجور، وتستحق باستيفاء المنفعة أو بإمكان استيفائها، فإن زالت المنفعة أو اختلت سقطت الأجرة أو انقضت".

كما أشارت المذكرة التفسيرية للقانون المدني إلى أنه بشأن انفساخ العقد، فهو نظام قانوني مؤداه أن يحدث، بعد انعقاد العقد، ما يجعل تنفيذ الالتزام الناشئ عنه مستحيلا لسبب أجنبي عن المدين، فينقضي هذا الالتزام بسبب استحالة تنفيذه، وتنقضي معه الالتزامات المقابلة إن وجدت، ويتفرغ العقد بالتالي من مضمونه، فيزول.

وغني عن البيان أنه في حالة زوال العقد نتيجة استحالة تنفيذ الالتزام الناشئ لسبب أجنبي عن المدين، سواء كانت الاستحالة كلية أو جزئية، لا يستحق الدائن تعويضاً ما عمّا يناله من ضرر بسبب تفويت الصفقة عليه كلياً أو جزئيا، فالفرض أن المدين هنا لم يخطئ، وبهذا يتميز انفساخ العقد عن فسخه.

وتعرض المادة 216 لأثر انفساخ العقد، وهو كالفسخ تماماً يؤدي إلى حل الرابطة العقدية بأثر رجعي يستند إلى وقت نشوئها، الأمر الذي يتعين معه إرجاع المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها عند إبرامه، على أن الأثر الرجعي للانفساخ لا يكون إلا في الحدود التي ترسمها المواد 211 و212 و213 في شأن الفسخ.