دخل العالم في سباق محموم بين فيروس «كورونا» المستجد المعروف بـ «كوفيد- 19»، وبين العلماء حول العالم، الذين يعلمون بجد وبسرعة فائقة لإنتاج لقاح ينهي ما يبدو أنه أصعب واخطر أزمة صحية، وربما اجتماعية، تشهدها البشيرية منذ 100 عام. في هذا السياق، أجريت أمس في مدينة سياتل الأميركية على الأرجح أول تجربة سريرية للقاح محتمل لكورونا. ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤول حكومي أميركي، اشترط عدم نشر اسمه، لأن الخطوة لم تعلن رسميا، ان مؤسسة المعاهد الصحية الوطنية في الولايات المتحدة تمول التجربة المذكورة المشتركة مع شركة «مودرنا». وأوضحت «أسوشيتد برس» أن التجربة ستجرى على 45 شابا متطوعا في حالة صحية جيدة، يفترض أن يأخذ أولهم جرعة تجريبية. وذكر التقرير أنه ليس ثمة احتمال لإصابة المختبرين بالمرض، لأن تلك الجرعات لا تحتوي على الفيروس نفسه. وأضاف أن هدف التجربة في هذه المرحلة التأكد من أن اللقاح لا يؤدي إلى أي آثار جانبية مقلقة، لتمهيد الطريق لتجارب واسعة النطاق. جاء ذلك، بينما أعلنت السلطات الصينية تحقيق تقدم كبير في تركيب لقاح يعمل عليه علماء في شنغهاي، مشيرة إلى أنه من المقرر بدء اختباراته السريرية في أبريل. وقال رئيس لجنة العلوم والتكنولوجيا في شنغهاي، جان تسوان، في مؤتمر صحافي عقده أمس، إنه تم تحقيق تقدم كبير في تركيب لقاح على أساس تكنولوجيا «mRNA»، الذي يعمل عليه العلماء المحليون، مضيفاً أنه «من المفترض بدء اختباراته السريرية منتصف أبريل». وأفاد المسؤول الصيني بأن العلماء بدأوا للتو تجارب أولية للقاح خصوصا على الرئيسيات (نوع من الثديات) لتدقيق المعايير مثل درجة السمية ومدى الفعالية. وأشار جان تسوان إلى أن الاختبارات التي أجريت على الفئران سمحت بتنمية أجسام مضادة معينة تكافح الفيروس. وفي وقت سابق أمس، أعلنت شركتا «BioNTech SE» الألمانية و»Fosun Pharmaceutical» الصينية في شنغهاي اتفاقا على التعاون الاستراتيجي لتركيب لقاح «BNT162» القائم على تكنولوجيا «mRNA» المطور ألمانيا والخاص بمكافحة فيروس كورونا. وأشار بيان صادر عن الشركتين إلى أنهما ستتعاونان لتطوير هذا اللقاح وإجراء اختباراته السريرية داخل الصين وتسويقه لاحقا.

Ad

وفي الولايات المتحدة، عمت الفوضى المطارات مع تدفق الأميركيين العائدين إلى وطنهم، بسبب قرار الادارة بمنع السفر من اوروبا في وقت ارتفعت الاصابات الى 3806، والوفيات الى 69. وحث المسؤولون الأميركيون الناس على التحلي بالصبر في الوقت الذي واجه فيه المسافرون العائدون للولايات المتحدة، في مطلع الأسبوع، طوابير وفترات انتظار طويلة في المطارات الرئيسية حتى يتم فحصهم لرصد أي حالات إصابة بالفيروس. وقال الطبيب انطوني فوسي، كبير خبراء الولايات المتحدة في الأمراض المعدية، إنه «يجب على الأميركيين الاستعداد لزيادة حماية أنفسهم بشكل أكبر مما نفعله كبلد. على المسنين والمصابين بأمراض مزمنة توخي الحذر بشكل خاص». وقال فوسي إنه لا يتوقع فرض قيود على السفر الداخلي في المستقبل القريب، ولكنه حذر مثلما فعل في الأسبوع الماضي من أن تفشي الفيروس قد يتزايد قبل تحسن الوضع. وسئل فوسي عما إذا كان يعتقد بضرورة أن تفرض السلطات إغلاقا للبلاد مدة 14 يوما في محاولة لوقف انتشار الفيروس، فقال «أنتم تعرفون أنني أفضل ذلك بقدر ما يمكننا». ورأى أن فكرة إغلاق المطاعم في الولايات المتحدة «ربما تكون مبالغا فيها في الوقت الحالي ولكن كل شيء مطروح». وأضاف أنه هو شخصيا لن يذهب إلى أي مطعم، «إذا بدا أنك تبالغ في رد فعلك فربما أنك تفعل الصواب». من ناحيته، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأول، اتصالا هاتفيا بالمديرين التنفيذيين لمتاجر السلع الغذائية وسلاسل الإمدادات. وطالب البيت الأبيض بعد الاتصال الهاتفى الشعب الأميركي بعدم تخزين المواد الغذائية الأساسية اليومية. وأعلنت السلطات في كل من مدينة نيويورك وولاية واشنطن عزمهما إغلاق المطاعم والحانات والمقاهي باستثناء طلبات التسليم إلى باب المنزل. وقال بيل دي بلاسيو عمدة مدينة نيويورك انه من اليوم «يجب إغلاق جميع النوادي الليلية ودور السينما وأماكن الحفلات الموسيقية». وقال جاي إنسلي حاكم ولاية واشنطن انه سيوقع على «إعلان الطوارئ على مستوى الولاية لإغلاق المطاعم والحانات ومرافق المتعة والترفيه مؤقتًا». وذكر إنسلي أيضًا ان «جميع التجمعات التي تضم أكثر من 50 مشاركًا محظورة».

عربياً وخليجياً، سجّلت البحرين أمس أول حالة وفاة بالفيروس لمواطنة تبلغ من العمر 65 عاما، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة، وهي الوفاة الأولى في منطقة الخليج. وقالت الوزارة إن المتوفاة «لديها أمراض وظروف صحية كامنة». ومعظم المصابين في البحرين وعددهم 214 عادوا من إيران، أما العراق، فقد تحول الى اول دول عربية تفرض حظر تجول جزئي. وبعد اعلان فرض الحظر في العاصمة العراقية بغداد، أعلنت محافظة البصرة الجنوبية الحدودية مع الكويت أمس حظر التجول حتى صباح الأحد. واستثنيت السلع والمواد الغذائية والبضائع من قرار حظر التجوال. وكانت وزارة الداخلية العراقية طمأنت بأن حركة تنقل البضائع تجري بـ»انسيابية عالية»، داعيةً الأهالي إلى «عدم الذعر». كما اعلنت سلطنة عمان تعليق صلاة الجمعة في المساجد، بينما قالت وزارة الداخلية المغربية إن المغرب سيغلق المطاعم وقاعات السينما والمسارح، والقاعات الرياضية، والأندية العامة والحمامات وغيرها من الأماكن الترفيهية. وفي الرياض، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن المملكة ألزمت شركات القطاع الخاص منح إجازات مرضية للحوامل والمرضى الذين يعانون أمراض الجهاز التنفسي وأمراض المناعة أو الأمراض المزمنة أو الأورام. وأضافت الوكالة أنه سيتعين على الشركات أيضا ضمان أن يقوم كل موظفيها العائدين من الخارج بعزل أنفسهم مدة 14 يوماً. وفي الجزائر، أعلن مجلس الأمة الجزائري (البرلمان) تعليق نشاطه اعتبارا من أمس حتى إشعار آخر، بينما وسّعت الحكومة الجزائرية، تعليق كل الرحلات الجوية والبحرية من فرنسا وإليها، الى كامل أوروبا.

وفي ايطاليا اكثر الجول الأوروبية تضررا، وثاني دولة متضررة بعد الصين بـ 24.747 ألف مصاب، توفي منهم 1809، قال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، إن الوباء لم يبلغ ذروته وتتطلب مكافحته تضحيات وأسابيع قاسية «لأننا نواجه حالة طوارئ لم يعرفها أحد منذ نهاية الحرب العالمية». وشدد كونتي على عدم التراخي قائلا «نمر بالفترة الأكثر خطورة، وسنواجه أسابيع قاسية، وعلينا أن نكون متحدين» إذ «يخبرنا العلماء أننا لم نبلغ بعد ذروة مستوى العدوى».

أما في اسبانيا، حيث تم تسجيل 1000 إصابة جديدة خلال الساعات الـ 24 الماضية، ليرتفع عدد الإصابات الى 8794 مصابا توفي منهم 297، فقال وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي-مارلاسكا، إن إغلاق حدود إسبانيا من بين الخيارات المطروحة. وانتشرت قوات الطوارئ العسكرية في 7 مدن مهددة بأكبر انتشار للفيروس، ومنها مدريد، وفالنسيا، واشبيلية، وسرقسطة، لضمان الالتزام بحظر التجول. وكان رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز اعلن السبت «حال الطوارئ» مدة 15 يوما في انحاء اسبانيا، وفرض حظر التجول مع بعض الاستثناءات. وأمس قام متخصصون عسكريون، يرتدون سترات واقية، بتعقيم محطات القطارات، بينما أمر أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون كمامات طبية المارة بالعودة إلى منازلهم. وأعلن رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا، أن البرتغال ستغلق حدودها مع إسبانيا أمام السياح مدة شهر على الأقل.

وفي فرنسا، حيث سجل 5423 مصابا و127 وفاة، أعلن المدير العام لشؤون الصحة الفرنسي جيروم سالومون، أن الوضع «مقلق جداً ويتدهور بسرعة كبيرة» معبراً عن قلقه من احتمال «استنفاد» قدرات المستشفيات على استقبال مرضى. وقال سالومون إن «عدد الحالات بات يتضاعف كل ثلاثة أيام»، لافتاً إلى أن «هناك مرضى في حالة صعبة، في العناية الفائقة، ويقدر عدد هؤلاء بالمئات». وأضاف: «هناك مخاوف من أن تؤدي سرعة انتشار الوباء إلى استنفاد قدرات النظام الاستشفائي الفرنسي، وهو ما نريد تفاديه بأي ثمن»، مشددا على الوضع الصعب في مناطق الالزاس (شرق) وإيل دو فرانس. وتابع «لذلك علينا القيام بكل ما بوسعنا حتى يتباطأ هذا الوباء»، داعيا مرة جديدة إلى تحلي المواطنين بالمسؤولية، والتزامهم بتدابير الوقاية بشكل صارم، وعبر عن أسفه لخروج الكثير من سكان باريس بأعداد كبيرة الأحد رغم التوصية الرسمية بالبقاء في منازلهم، ورغم الأمر الحكومي بإغلاق الحانات والمطاعم في جميع أنحاء البلاد.

وفي المانيا، باشرت الشرطة الألمانية، صباح أمس، فرض تدابير الإغلاق الجزئي للحدود مع خمس دول بينها فرنسا. وبعد ايام من التريث أغلقت آلاف المدارس ودور الحضانة في ألمانيا أبوابها أمس في معظم الولايات الألمانية. وفي إجراء جديد، أعلنت ألمانيا تعليق الرحلات الجوية القادمة من إيران والصين.

وفي الصين التي اعلنت احتواء المرض، قالت وزارة الخارجية الصينية أمس، إن حالات الإصابة من خارج البلاد أصبحت تمثل الخطر الرئيسي. وقال التلفزيون الرسمي إن بكين سجلت 6 حالات إصابة جديدة واردة من الخارج، بينهم 4 أشخاص قادمين من إسبانيا واثنان من بريطانيا.

ووضع الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي جزيرة لوزون، التي تضم العاصمة مانيلا، أكبر جزر البلاد وأكثرها سكانا قيد «الحجر الصحي المجتمعي الموسع»، في محاولة لوقف انتشار الفيروس. وسجلت الفلبين 140 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، مع 12 حالة وفاة حتى مساء أمس الأول. وستبدأ الحكومة بإلزام الناس بالبقاء في منازلهم والاعتماد على خدمات توصيل الطعام والإمدادات الطبية، بينما سيتم تعليق الأعمال ووسائل النقل باستثناء الخدمات الضرورية. وأعلن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الفلبيني ميغيل زوبيري إصابته، ليكون بذلك أول مسؤول حكومي بارز يصاب بالفيروس. وقال زوبيري إنه لم يكن يعاني أعراضا، ولم يكن يعاني حمى أو سعالا ولم يكن يشعر بالوهن. وكان زوبيري ضمن عدة سياسيين خضعوا للحجر الأسبوع الماضي، بعد أن ثبت إصابة شخص خلال جلسة استجواب بالمجلس.