على وقع أزمة متصاعدة تهدد استقرار شرق إفريقيا، بدا السباق المصري الإثيوبي على أشده، لحشد موقف دولي مؤيد لإحدى الدولتين في ملء سد النهضة، إذ واصلت الدبلوماسية المصرية جولاتها العربية والأوروبية والإفريقية، أمس الاثنين، على أمل تكوين موقف دولي واسع يؤيد مصر قبل أن تتحرك رسمياً على الصعيد الأممي ضد إثيوبيا، التي انسحبت فعلياً من مفاوضات واشنطن ورفضت توقيع الاتفاقية النهائية حول تشغيل وملء السد نهاية فبراير الماضي.

وبعد جولته العربية والأوروبية، يتوجه وزير الخارجية سامح شكري، اليوم الثلاثاء، إلى عاصمة بوروندي بوجمبورا في مستهل جولة إفريقية خارجية تشمل كلاً من جنوب إفريقيا وتنزانيا ورواندا والكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والنيجر، بهدف تسليم رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى قادة تلك الدول الإفريقية، حسبما أعلنت «الخارجية» المصرية، أمس الاثنين، وعلمت «الجريدة» أن الهدف الوحيد من جولة شكري هو شرح الموقف المصري في ملف سد النهضة للدول الإفريقية.

Ad

وتوجهت وفود من «الخارجية» المصرية إلى الجزائر وتونس وموريتانيا أمس الأول الأحد، والتقت الوفود المصرية وزراء خارجية الدول العربية الإفريقية، وسلمتهم رسائل الرئيس السيسي إلى قادة البلدان الثلاثة بشأن مفاوضات سد النهضة، فضلاً عن استعراض محددات وثوابت الموقف المصري في هذا الشأن.

تحركات الدبلوماسية المصرية على الساحة الإفريقية، تزامنت مع تحركات مضادة من أديس أبابا، إذ تواصل الإثيوبية سهليور قزودي جولتها الإفريقية التي بدأت الخميس الماضي، في حين يقود الرئيس الإثيوبي السابق مولاتو تيشومي الجولة الأوروبية، في محاولة إثيوبية على ما يبدو لإحباط التحركات المصرية.

تحركات شعبية

في غضون ذلك، تعقد لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، اجتماعا طارئا اليوم الثلاثاء، لتوجيه طلب لحكومة مصطفى مدبولي بضرورة إيقاف التعامل مع الشركات العالمية التي تتعامل مع الجانب الإثيوبي في بناء سد النهضة، ومع أي تعاقدات مستقبلية مع هذه الشركات.

وأكدت اللجنة البرلمانية أن تحركها يأتي في إطار التحرك البرلماني والشعبي في حماية الأمن المائي المصري، والتمسك بالحقوق والثوابت المصرية في هذا الشأن، بالتوازي مع بدء القاهرة جولات دبلوماسية في مختلف دول العالم لإطلاعها على المستجدات في ملف سد النهضة، وشرح حقيقة الموقف المصري.

وسبق أن استقبل وزير الموارد المائية والري، محمد عبدالعاطي، وزيرة الدولة للهجرة نبيلة مكرم، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان كريم درويش، في مقر وزارة الري المطل على نيل الجيزة أمس الأول الأحد، لمناقشة ملف سد النهضة، إذ أشارت نبيلة مكرم إلى مجهودات الجالية المصرية في زيادة الوعي العام في الخارج بالتحديات المائية المصرية، وتوضيح موقف القاهرة في ملف سد النهضة.

ونظمت الجالية المصرية بالولايات المتحدة وقفة أمام البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن، أمس، دعماً لمصر في مفاوضات سد النهضة، وحث الإدارة الأميركية على بذل المزيد من الجهد لدعم المفاوضات وحماية حقوق مصر المائية، ورفع المصريون لافتات تشدد على تمسكهم بحق بلادهم في مياه النيل الذي يمثل شريان الحياة للمصريين، وأن حصة مصر في مياه النهر مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى المصريين ولا تقبل أي نقاش.

شكوى أممية

من جهته، حلل الخبير الدولي في مياه النيل وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، لـ «الجريدة»، مغزى التحركات المصرية، قائلا: «من الواضح أن مصر تتعامل مع سيناريو العناد الإثيوبي بكل حزم، عبر إعلان إغلاق باب التفاوض بعد التوصل إلى اتفاق نهائي يتضمن تنازلات من جميع الأطراف، ويجب أن توقعه أديس أبابا، كما تعمل على حشد الرأي العام الدولي استعداداً لخطوة باتت متوقعة وقريبة جدا وهي تقديم شكوى رسمية أمام مجلس الأمن ضد إثيوبيا، ويتم النص فيها على إيقاف العمل بسد النهضة إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي ملزم لجميع الأطراف».

وتابع شراقي أن «مصر لجأت في الفترة الأخيرة إلى ثلاث دول من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الصين، وفرنسا التي زارها سامح شكري أخيراً، فضلاً عن الولايات المتحدة التي تنسق معها مصر في ملف النهضة بشكل علني، وذلك لضمان عدم وجود أي اعتراض جوهري داخل مجلس الأمن حين التقدم بالشكوى المصرية، والتي قد تصل في حال تمريرها إلى فرض عقوبات دولية على إثيوبيا، فضلا عن إمكانية تحويل مجلس الأمن للقضية إلى المحكمة الدولية لحسمها».

عكارة النيل

في غضون ذلك، لا تزال آثار موجة الطقس السيئ التي ضربت البلاد يومي الخميس والجمعة الماضيين تلقي بظلالها، إذ تسببت بتصريف مياه الأمطار في مجرى نهر النيل مما أدى إلى تغير مياه النهر مع ظهور «العكارة»، والتي أدت بدورها لقطع المياه عن معظم أحياء الجيزة وبعض أحياء القاهرة على مدار اليومين الماضيين، بسبب ارتفاع نسبة العكارة إلى مستويات قياسية، والتي أجبرت محطات تنقية المياه على التوقف لإجراء عملية غسيل عكسي للمرشحات.

انتخابات المحامين

وبعد انتخابات شرسة على رئاسة نقابة المحامين (واحدة من أعرق النقابات في مصر والعالم العربي)، أعلن رجائي عطية فوزه بمقعد نقيب المحامين أمس الاثنين، لكن اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات لم تعلن النتيجة حتى عصر أمس، بسبب انتظار نتيجة فرز الأصوات في بعض اللجان الفرعية.

المؤشرات الأولية تشير إلى انتصار عريض لعطية على حساب النقيب الحالي سامح عاشور، ووقعت مناوشات بين أنصار عطية وعاشور، مما دفع رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات بالتهديد بإلغاء إعلان النتيجة، مؤكداً أنه لن يشرف على أي انتخابات للمحامين مرة أخرى بسبب الاشتباكات بين أنصار المرشحين الأبرز.