رغم انشغال اللبنانيين القابعين في بيوتهم، بأخبار "كورونا" وما سجله العدّاد من إصابات جديدة، فإن خبر إطلاق سراح المواطن الاميركي من اصل لبناني، عامر فاخوري طغى على ما عداه من أخبار. وكشفت مصادر سياسية رفيعة لـ "الجريدة"، أمس، أن قرار الإفراج عن فاخوري، الذي كان يعمل آمراً لسجن الخيام خلال فترة احتلال اسرائيل لجنوب لبنان، "قرار سياسي وأتى من أعلى المراجع في الدولة اللبنانية"، مشيرة الى ان "سفيرة الولايات المتحدة الأميركية الجديدة لدى لبنان دوروثي شيا، انتهزت فرصة تقديمها أوراق اعتمادها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون لتطلب منه بشكل مباشر رغبة الإدارة الأميركية الإفراج عن فاخوري".
وأضافت المصادر أن السفيرة الأميركية طرحت أيضا خلال جولاتها البروتوكولية على رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة حسان دياب، مسألة استمرار توقيف فاخوري، طالبة الإفراج الفوري عنه.وذكرت أن "السفيرة شيا أخذت على عاتقها إعادة فتح ملف تسليم فاخوري إلى واشنطن بناءً على توجيهات من الخارجية الأميركية"، لافتة الى انها "استكملت ما سبق أن بدأه وكيل الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأميركية من اتصالات ولقاءات خلال الاشهر الماضية وتحديدا اجتماع الثلاث ساعات مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في منزل الاخير".ورأت المصادر ان "المحكمة العسكرية (المحسوب رئيسها على "الثنائي الشيعي") لم تكن لتقدم على قرار خطير كهذا لو لم تأته إشارات أو إيحاءات معينة من حزب الله وكأنه أدار أذنه الطرشاء للموضوع". وتابعت: "أتى البيان الذي اصدره حزب الله من قبيل رفع العتب ليس إلاّ لحفظ ماء وجهه امام جمهوره رغم اعتباره أن هذا اليوم هو يوم حزين، وأنه كان على القضاة أن يستقيلوا قبل أن يصدروا حكماً كهذا باسم الشعب اللبناني".
شغب في سجن «رومية»
قام عدد من السجناء المحكومين في سجن "رومية" المركزي، مساء أمس الأول، بأعمال شغب بذريعة الاحتجاج على القرار القضائي الصادر بإطلاق عامر الفاخوري من الحجز.وعمل المحكومون على خلع الأبواب وإشعال النار في بعض طوابق السجن، معلنين انتفاضتهم على السلطة، ومطالبين بتمدد حالة الاحتجاج في بقية السجون. واتى قرار الإفراج عن فاخوري في وقت يطالب سجناء "رومية" وبقية السجون بالعفو العام عن الجرائم العادية.
كما اعتبر المكتب السياسي لحركة "أمل" في بيان، أمس، أن "تاريخ العميل فاخوري الاجرامي، من عمالة وتعذيب وإخفاء جرائم، لا يمحوه مرور الزمن، لا في قانون العقوبات ولا في قانون الله"، مضيفا أن "الافراج عن فاخوري قرار نرفضه وسنقف بوجهه كما كل الشعب اللبناني لانه لا يشبه لبنان وتضحياته وتاريخه المقاوم". إلى ذلك، قال رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط في "تغريدة" أمس: "في أوج الأزمة الصحية والاقتصادية، محامي الشيطان في مركز القرار والمزدوج الولاءات، يجد الفتوى المناسبة للإفراج عن العميل فاخوري. ما نفع كل التشكيلات القضائية والحديث عن استقلالية القضاء مع تقديري لرئيس مجلس القضاء الأعلى وللقضاة الذين حاكموا العميل. انها جرعة السم للرئاسة".في موازاة ذلك، ميّز مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسان الخوري، الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة أمس الاول، والذي قضى بكف التعقبات عن فاخوري. وطلب من محكمة التمييز العسكرية نقض الحكم وإصدار مذكرة توقيف بحقه وإعادة محاكمته من جديد بالجرائم المنسوبة اليه، وهي خطف وتعذيب وحجز حرية مواطنين لبنانيين داخل معتقل الخيام، وقتل ومحاولة قتل آخرين. وقد سجل طلب التمييز صباح اليوم (أمس) في قلم محكمة التمييز العسكرية". واستند القاضي الخوري في تمييزه إلى ما اعتبره خطأ في توصيف المحكمة العسكرية للجرم، إذ اعتبرت الأخيرة أنّ الجرم آني وسقط بمرور الزمن العشري، في حين لفت الخوري، في مذكرة الطعن، إلى أن الجرم الذي ارتكبه فاخوري "جرم متمادٍ لا يسقط بمرور الزمن"، مذكرا بأن لبنان ينضوي تحت المعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي تتقدم على القانون.