«علماني» من النجف لرئاسة حكومة العراق... يغضب طهران
شنَّ حلفاء طهران في البرلمان العراقي هجوماً شديداً أمس، على رئيس الجمهورية برهم صالح إثر تكليفه مرشحاً جديداً لتشكيل الحكومة، هو محافظ النجف السابق عدنان الزرفي، المتهم بعلاقته الوطيدة مع الولايات المتحدة، ودعمه الطويل لمنظمات شبابية علمانية تدخل مواجهات مستمرة مع تيارات التشدد الديني.وفجر أمس، اتجه الزرفي، وهو حالياً نائب بارز في البرلمان، إلى قصر السلام، والتقى رئيس الجمهورية والقضاة، وذلك بعد أن قال كل من عمار الحكيم ومقتدى الصدر إنهما انسحبا من اجتماع شيعي شامل، وإنهما يخولان الرئيس صالح ممارسة صلاحياته الدستورية، لترشيح رئيس وزراء من عنده، بعد فشل الكتلة الكبيرة في الاتفاق على مرشح.وطلب حلفاء إيران مهلة حتى الصباح ليحاولوا تنظيم مواقفهم، مما جعل صالح ينتظر حتى ظهيرة الثلاثاء، حيث كلَّف الزرفي وسط بيانات غاضبة من ممثلي الميليشيات، انتقدت موقف الرئيس، واتهمت في الوقت نفسه المكلف الجديد بأنه «من صبيان أميركا».
وينتمي الزرفي إلى جيل الانتفاضة العراقية التي اندلعت ضد صدام حسين بعد تحرير الكويت في مارس 1991 ، وهاجر بعدها إلى الولايات المتحدة، ثم عاد مع طاقم الحاكم الأميركي بول بريمر عام 2003 ، ليصبح محافظاً للنجف في ظروف صعبة، وساهم حينئذ بدور بارز مع حكومة د. أياد علاوي أثناء المواجهات الشرسة بين الدولة وميليشيا جيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر.وبقي الزرفي في دورة لاحقة حاكماً للنجف بين 2009 و 2014، واستطاع ترميم علاقاته بقيادات من طراز الصدر نفسه، وتقديم سياسته كمنهجٍ براغماتي وسطيٍّ شجع الصدر والحكيم ورئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، على دعمه بشكل غير مباشر لتولي تشكيل الحكومة المؤقتة التي ستشرف على انتخابات مبكرة في غضون عام، وتواجه مهمة عسيرة مع الميليشيات التي تقمع الاحتجاجات وتقصف بنحو منتظم مقار الجيش الأميركي في العراق.وليس من السهل أن يحظى الزرفي بقبول كامل وسط أوساط المحتجين، غير أن انتقادات حلفاء إيران الشديدة إليه، ستخلق حالة تضامن معه على الأرجح.وتقول بعض المصادر إن القيادات الشيعية المستقلة عن طهران واجهت مأزقاً بعد فشل محمد توفيق علاوي، مطلع الشهر الحالي، في تشكيل الحكومة، واضطرت إلى قبول شخصية علمانية وسطية كعدنان الزرفي، الذي اشتُهر بدوره الأمني كذلك حين عمل مع الاستخبارات لمكافحة تنظيم القاعدة والميليشيات الإيرانية بين 2006 و2009.وإذا حظي الزرفي بقبول القيادات الكردية فإن أوزان البرلمان ستميل لمصلحته، لكن داعميه سيكونون في مواجهة مباشرة مع فصائل شيعية شرسة تعتبر ترشيحه انقلاباً رسمياً ضدها، ما لم تخضع إيران لقواعد العمل الجديدة التي فرضتها ستة أشهر من الاحتجاجات الشعبية المتواصلة.