تشكيليان مصريان يواجهان «كورونا» بـ «فاكهة محرّمة» و«مبني للمجهول»
الأول يحتفي بالنساء... والثاني يتعاطف مع البنايات المهدمة
في وقت يسيطر رعب كورونا على جميع الأنشطة الثقافية والفنية في دول العالم كافة، ومن بينها مصر، قرر اثنان من الفنانين التشكيليين، هما حلمي التوني، وإسلام زاهر، افتتاح معرضيهما خلال الأيام القليلة الماضية.
المعرض الأول يحمل عنوان "فواكه مُحرّمة"، ويستضيفه غاليري بيكاسو في منطقة الزمالك بالقاهرة حتى 21 الجاري، ويقدم من خلاله الفنان المعروف حلمي التوني النساء في سياق واحد مع الفاكهة، حيث أطلق على لوحاته عناوين منها "سيدة الرمّان" و"سيدة الفراولة"، و"سيدة التين"، منطلقا من الفلكلور الشعبي الذي يصف جمال النساء باستخدام أوصاف الفاكهة وثمارها.والفنان التوني معروف بأسلوبه المميز في الرسم، وخصوصا رسمه لحواء في قوالب إبداعية متنوعة، عبر عدد كبير من اللوحات والمعارض التشكيلية التي ترصد حياة المرأة، وهو مشروع يميّز ريشته كفنان باستمرار، حتى أن هذا يتجلى أيضاً في اللوحات التي تستخدم كأغلفة للكتب والروايات.ويضم المعرض الجديد نحو 34 لوحة، وفي مكوناتها تتناغم نساء بورتريهاته في عوالمهن الحالمة التي تتسع للموسيقى والحب والفاكهة، وكذلك للطرب الشعبي الذي ينتمي إليه المطرب الراحل محمد عبدالمطلب، حيث زيّن إحدى لوحاته بعبارة "يا حاسدين الناس مالكم ومال الناس"، وهي مطلع أغنية شهيرة لعبدالمطلب.
ويتشابك الموروث الشعبي مع الموسيقى والألوان في أعمال ذات طابع فريد، يشكّل بصمة مميزة لأعمال الفنان الكبير، كما أنه غالبا ما ينطلق من تفاصيل وأجواء ذات طابع محلي، وهو ما يظهر بوضوح في عدد كبير من لوحات معرضه الجديد، حيث يرصد النوافذ الخشبية التقليدية باعتبارها شباك عبور المرأة إلى الحياة والعالم الخارجي من حولها.وكعادته احتلت الألوان المبهجة مساحة كبيرة من اللوحات التي عكست أجواء الحياة الصافية في البيوت المصرية البسيطة، وما تحمله من حكايات استلهمها الفنان وتنضح بها أعماله البديعة.
حالة درامية
من ناحية أخرى، يحتفي "غاليري مصر" ببدء عرض المجموعة الفنية الجديدة للفنان إسلام زاهر تحت عنوان passive construction أو ما ترجمته بالعربية "البناء السلبي"، أو ما اختاره الفنان عنواناً بالعربية لمعرضه الذي افتُتح الأحد 15 الجاري وهو "مبني للمجهول"، وهو معنى مجازي دقيق يعبر من خلاله عن البنايات التي يجري هدمها في وقت يحلم بسطاء (مجهولون) بعدم هدمها ليسكنوا فيها.وعن هذا المعرض يقول مدير غاليري مصر، الفنان محمد طلعت: "يُقدم الفنان المتميز إسلام زاهر مجموعة غاية في الروعة من الأعمال التي تعكس رؤية الفنان المغايرة وإحساسه الفني بمشاهد ربما مررنا بها جميعاً، لكن إحساسه الفني التصويري خلق منها حالة إبداعية عميقة الطرح متشابكاً بين الواجب والأوجب، وأعني هنا مشاهد البنايات المخالفة التي تطاردها المحليات بالهدم كواجب، لكن إحساس الفنان خلق حالة درامية إنسانية شديدة الرهافة بتخيّله هذه البنايات بحالها، وقد أوجد بين فراغات ومظاهر الهدم أناساً بسطاء حلموا بأن تأويهم هذه البنايات، فترك المشهد كما هو وأدخل عليه رؤيته للآخر الذي شعر به وتخيّله وحاول أن يكون هو في رسالة للفن غاية في الرقي والجمال".في حين أوضح إسلام زاهر أن الفكرة استوحاها من أغنية "أصداء" لفريق الروك الإنكليزي Pink Floyd وما تضمنته مشاهد الفيديو الخاصة بها التي صُورت من داخل المدرج الروماني لمدينة Pompeii (بومبي)، واستعرضت نكبة المدينة الأثرية ورفات سكانها الذين حَنَّطَتهم رواسب البركان الترابية وحِممِه الملتهبة، بعد أن باغتتهم ثورته الكارثية.وتابع: "ظلت كلمات الأغنية وموسيقاها مع اللقطات الاستثنائية للمدينة القديمة وسكانها المنكوبين عالقة في ذهني لتمتزج بمَشاهد الطريق... شوارع بلا أسماء وصراع عبثي لا يهدأ بين الهدم والبناء، وقد أصبحت البنايات المتهدمة تشبه جحور الحيوانات الصغيرة، وتخيلتها وقد زحف إليها أناس رماديون من دون ملامح وكأنما العدوى قد انتقلت من المبنى المحروم من الاكتمال إلى سكانه! وكأنهم سيجدون أيضاً من ينقّب عنهم في المستقبل". ويستمر العرض حتى 9 أبريل المقبل.
لوحات حلمي التوني تنطلق من الموروث الشعبي بألوان مبهجة
نكبة مدينة بومبي أوحت للفنان إسلام زاهر فكرة معرضه الجديد
نكبة مدينة بومبي أوحت للفنان إسلام زاهر فكرة معرضه الجديد