احتفت الجزائر والوسط الثقافي العالمي بالذكرى الـ 90 لميلاد الفنان التشكيلي الجزائري محمد خدة الذي يعد من رواد الفن الحديث في الجزائر وأبرز من استخدم جماليات الخط العربي في لوحاته، حتى بلغت شهرته الاقاصي مما حتم على محرك البحث "غوغل"، أن يكرمه أيما تكريم من خلال رسم له في صفحته الرئيسية.

Ad

مرسم غراندشومير

ولد خدة في 14 مارس عام 1930 بمدينة مستغانم المطلة على البحر المتوسط غربي البلاد، وهي عاصمة ولاية مستغانم.

وعمل في طفولته في مطبعة لمساعدة والديه الكفيفين، ومنذ صباه اتجه للرسم والألوان حيث شرع في تعليم نفسه الرسم عن طريق المراسلة قبل الالتحاق بمدرسة للفنون في مدينة وهران.

وفي عام 1953، انتقل إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث عمل في مرسم غراندشومير المعروف في العاصمة الفرنسية وعاش هناك 10 سنوات، وبعد الاستقلال عاد إلى بلاده عام 1962، حيث أقام أول معرض له في الجزائر باسم "السلام الضائع" في عام 1963.

حركات فنية

وبعد التحول السياسي الذي شهدته الجزائر في أعقاب حصولها على استقلالها عن المستعمر الفرنسي ظهرت فيها حركات فنية جديدة في النصف الأخير من ستينيات القرن الماضي مثل حركة "الوشم"، وما يعرف باسم "مدرسة الإشارة" وكان محمد خدة من أعمدة الأخيرة.

الحرف العربي

واتجه خدة في أسلوبه الفني إلى مزج تقنيات الرسم الغربي مع انسيابية الخط العربي ليمثل بذلك جيلا من الفنانين الجزائريين الذين عملوا معا لإيجاد توليفة بين إرث الخط العربي والمدرسة التجريدية الغربية، كما اهتم بالعمارة الإسلامية والنحت، وكان يعشق شجرة الزيتون التي يعدها عنصرا بارزا في البيئة المتوسطية بشكل عام والجزائرية بشكل خاص.

وغلبت على لوحات خدة الألوان الترابية وتشكيلات تعلو فيها كتابات وزخارف الخط العربي مساحات لونية مجردة.

توظيف الحرف

حول توظيف الحرف العربي كعنصر في الفن التشكيلي، قال خدة في تصريحات صحفية: لم أستعمل الحرف قط من أجل الحرف نفسه، فهي حروف ترقص بالألوان فتقول ما لا يقوله نص بنيته من الحروف.

وبدأ خدة حياته الفنية عندما كان مهتما بالرسم التشخيصي ومحاولة إتقان الرسم بطريقة أكاديمية، لكنه انتقل لاحقا إلى الرسم اللاتشخيصي، محاولا تأصيل فنه باستثمار جماليات الفن الإسلامي الذي يغلب عليه النزوع التجريدي ونبذ التصوير والتشخيص.

ويعد خدة أحد الأعضاء المؤسسين لـ "الاتحاد الوطني للفنون البصرية" الذي أسس عام 1964، وساهم في تصميم عدد من اللوحات الجدارية الجماعية خلال سبعينيات القرن الماضي.

تخطيطات للكتب

وأقام الفنان الجزائري العديد من المعارض داخل الجزائر وخارجها، كما عرف أيضا برسم لوحات وتخطيطات للكتب فزينت أعماله طبعات عدد من روايات كبار الكتاب الجزائريين أمثال رشيد بوجدرة، واهتم خدة أيضا بتصميم الأزياء والديكورات لمسرحيات جزائرية، ومن أشهرها تصميمه لديكورات مسرحية "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" التي أخرجها المخرج زياني شريف عياد عن قصة شهيرة للأديب الجزائري الطاهر وطار، كما صمم الكثير من المسرحيات التي أخرجها المخرج عبدالقادر علولة.

المتاحف العالمية

ويقتني عدد من المتاحف العالمية أعمالا فنية لخدة، كما هي الحال مع المتحف الوطني للفنون الجميلة بالجزائر، ومتحف الفن الحديث بباريس.

وكان محمد خدة جمع أعماله الفنية في كتابين هما "معطيات من أجل فن جديد" و"صفحات متناثرة مترابطة".

وتوفي الفنان محمد خدة في العاصمة الجزائرية يوم 4 مايو 1991، وفي عام 2015، أطلقت الجزائر جائزة للفنون التشكيلية تحمل اسمه.

واحتفى العديد من المغردين في الجزائر والشرق الأوسط بذكرى ميلاد الفنان الراحل محمد خدة وأبرزوا احتفال غوغل به.