نهضت جورجيت بيرتين بورشيه، رئيسة جمهورية سوجيه، لتقدّم الشاي بنفسها في غرفة الجلوس بمنطقة الدوب شرقي فرنسا. وعندما أشارت عقارب الساعة إلى الثالثة، لم تصدر الساعة الضخمة في ركن المنزل النغمات التقليدية، بل ترددت في الغرفة أصداء النشيد الوطني لهذه الدولة "المجهرية".وهنا تساءلت: هل يتردد النشيد الوطني الفرنسي في قصر الرئيس إيمانويل ماكرون كل ساعة؟ أو هل يمتلك الرئيس الفرنسي وسادة طبعت عليها صورته، وهل يحمل وشاحاً للطوارئ معه طوال الوقت؟ غير أن الرئيس الفرنسي لم يلتق نظيرته الزعيمة الثانية لجمهورية سوجيه، التي لا تتعدى مساحتها 128 كيلومتراً مربعاً حتى الآن، رغم أنه تولّى الرئاسة منذ ثلاث سنوات تقريباً.
تقع دولة سوجيه في وادي سوجيه على الحدود بين فرسا وسويسرا، وهي دولة صغيرة لها علَمها الخاص. ورغم أن فرنسا لم تعترف بها رسمياً، فإن سكانها لم يتوانوا عن انتخاب رئيسة لجمهوريتهم الخاصة.ولعل ماكرون لم يسمع بـ "المزحة" الشهيرة المستمرة منذ عام 1947، حين زار أحد المسؤولين منطقة سوجيه، (الاسم الشائع محلياً للمجتمعات التي تعيش في الوادي كثيف الأشجار الذي يقع بمحاذاة الحدود السويسرية)، وقرر أن يعلن تأسيس جمهورية سوجيه.وتحكي بيرتين بورشيه، أن أباها جورج كان يدير مطعماً في بلدة مونتبوا، وكان يهوى المزاح. وفي أحد الأيام كان يطهو الطعام لبعض المسؤولين، وعندما وصل حاكم إقليم الدوب، لوي أوتافياني، سأله أبوها مازحاً إن كان يحمل تصريحاً لدخول أراضي سوجيه.وعندما حكى له أبوها عن تاريخ سوجيه، لم يلبث أوتافياني أن قال له: "أرى أنها أقرب إلى الجمهورية، والجمهوريات يحكمها رؤساء، وسأعيّنك رئيساً لجمهورية سوجيه".ومنذ ذلك اليوم، أصبح جورج رئيساً للمنطقة التي تضم 11 بلدية ويسكنها بضعة آلاف من المواطنين. غير أن وفاة جورج بورشيه في عام 1968، كان من الممكن أن تضع نهاية للمزحة، لولا أن تدخّل قسيس دير مونتبوا وعمدة القرية، وأخبرا أمها، غابرييل، أن المواطنين بالجمهورية انتخبوها رئيسة.
أخر كلام
جمهورية صغيرة بدأت بمزحة واستمرت وراثية
22-03-2020