من المبادئ القضائية التي استقرت عليها محكمة التمييز الكويتية أنها اعتبرت الظروف الطارئة السابقة على العقد ليست ظرفاً استثنائياً، وبالتالي لا يمكن في هذه الحالة تطبيق نظرية الظروف الطارئة. ومثالاً على ذلك فإنها بجلسة 18/4/1999 وفي الطعن رقم 402 لسنة 98 تجاري 2 اعتبرت أن الإقرارات التي صدرت بعد الغزو العراقي الغاشم، وبعد الأزمة الاقتصادية لا تُطبق عليها نظرية الظروف الطارئة، إعمالاً لنص المادة 198 من القانون المدني الكويتي، والتي تضمنت شروط تطبيق هذه النظرية، والمتمثلة في:1 – أن يطرأ حادث يندر حصوله، بحيث يكون شاذاً، ولا يقع بحسب المألوف مثل الحروب والزلازل والفيضانات.
2 – أن يكون الحادث الاستثنائي عاماً، أي يشمل جميع الناس، كما هو الحاصل مع انتشار فيروس «كورونا».3 – يجب أن يكون الحادث الاستثنائي العام غير متوقع، وغير ممكن تفاديه أو دفعه عند إبرام العقد، بمعنى أنه لم يكن في الحسبان وقت إبرام العقد، ولم يكن بوسع المتعاقدين توقعه في الوقت المذكور.4 – أن يترتب على الحادث الطارئ أن يكون تنفيذ التزام المدين مرهقاً، بحيث يهدده بخسارة فادحة، أي يجب أن يكون شديداً يقترب من الاستحالة، ولكنه ليس مستحيلاً.5 – يجب أن يقع الحادث الاستثنائي (الظروف الطارئة) بعد إبرام العقد وقبل تمام تنفيذه، فلو وقعت الظروف الطارئة قبل إبرام العقد، لا تطبق النظرية.مما يقودنا إلى تساؤل مهم، وهو: متى يتم تقدير وقت وقوع الظروف الطارئة؟ وقد أجابت أحكام محاكم النقض الفرنسية بأنها قد اعتبرت أن شرط الوباء يجب أن يكون ظهوره بعد انعقاد العقد.فالعقود القديمة قبل ظهور الوباء تطبق عليها نظرية القوة القاهرة، أما العقود التي تحدث بعد القوة القاهرة، فلا تطبق عليها هذه النظرية.ونحن نرى الآن أنه أصبح من اللازم استقرار محاكم التمييز الكويتية على علاج هذه الإشكالية لتحديد التاريخ المعتمد للقوة القاهرة أو الظروف الطارئة، لما قد يترتب عليها من آثار قانونية، على التزامات العقود.فهل ستستقر أحكام محاكم التمييز الكويتية على تاريخ إعلان الصين حالة الطوارئ، أم الإعلان الذي صرحت به منظمة الصحة العالمية، أم التاريخ الذي صرحت به الكويت باتخاذ الإجراءات الاحترازية عندما اتخذت قرارها بتعطيل الدوائر الحكومية والمدارس وأغلب دوائر القطاع الخاص؟هذا هو السؤال المفصلي الذي سيحسم الإشكالات القانونية الناتجة عن فيروس «كورونا».* أستاذة القانون الخاص- كلية القانون الكويتية العالمية
مقالات
«كورونا» والسؤال المفصلي
24-03-2020