بداية، قال الاستشاري والخبير النفطي د. عبدالسميع بهبهاني إن الولايات المتحدة تمتلك قدرة تخزينية تعادل 713.5 مليون برميل، ويمكنها الإضافة من المخازن السطحية إلى هذا المخزون الاستراتيجي نحو 87 مليون برميل من مصادرها ومرافقها التشغيلية والمصافي والبتروكيماويات؛ وكذلك لها قدرة تخزينية تستطيع من خلالها التخزين في كهوفها تحت الأرض 250 مليون برميل من الخام الحلو الخفيف، وتقريبا نحو 385 مليونا من الخام الثقيل والمتوسط.
مخزون الطوارئ
وأضاف د. بهبهاني أن الولايات المتحدة تحاول استيراد النفط وملء خزاناتها من الكمية المتبقية، إضافة إلى 635 مليون برميل المخزنة حاليا، وكذلك تمتلك الولايات المتحدة خزائن في قباب ملحية تحت الأرض في تكساس ولويزيانا، والتي بدأت في مشروع التخزين منذ عام 1975 بعد المقاطعة التي بدأت مع حرب 1973، ويسمى هذا بمخزون الطوارئ الذي لا يتم استخدامه إلا في حالات الطوارئ الملحة.وبين أن الكميات الأميركية المخزنة من النفط حتى آخرها تكفي للاستخدام نحو 43 يوما، وهي لا تستطيع سحب الكمية بشكل كبير بل بنحو 4.5 ملايين برميل يوميا، لافتا إلى أن مخزونها يقدر بنحو 44 مليار دولار، حيث يقدر سعر البرميل من هذا المخزون بنحو 28 دولارا.وأعرب عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة لا حاجة لها لملء خزاناتها إلى الحد الأقصى، وهو 714 مليون برميل نفط، من خلال شرائها من دول أوبك أو الدول التي لها سقف محدد من إنتاج الخام، بل تستطيع شراءها من الشركات المحلية الأميركية التي تحتاج إلى الإغاثة حاليا من تدهور سعر الخام، وهو يعد توجه الرئيس الأميركي حاليا لإنقاذ الشركات الأميركية العاملة في القطاع النفطي من الإفلاس، لأن مخزونات تلك الشركات تقدر بنحو 445 مليون برميل.مفاوضات سرية
وعما إذا كانت هناك مفاوضات سرية بين إيران والولايات المتحدة، لاستغلال الفرصة وشراء النفط من إيران بسعر رخيص في الوقت الحالي، خاصة مع أزمة «كورونا» التي عصفت بأسعار النفط بسبب قلة الطلب على الخام، بعد توقف الصين، المستورد الأكبر في العالم للنفط أوضح د. بهبهاني أن إيران لا حاجة لها لعقد مثل تلك الاتفاقيات، خاصة مع تخفيضها ميزانيتها لمواجهة العقوبات، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن مثل تلك الاتفاقيات السرية لا يمكن إخفاؤها، إذ إن حركة الناقلات تكون معروفة ومرصودة على أي من الموانئ في أي مكان بالعالم.وأشار الى أن مثل تلك الاتفاقيات تفقد مصداقية الحكومة الإيرانية مع شعبها، مضيفا أن إيران تستطيع بيع نفطها في السوق السوداء بدلا من بيعه لأميركا مباشرة، وهي أيضا لن تتفق مع الولايات المتحدة كونها رفضت مؤخرا مساعدات طبية منها لمواجهة وباء «كورونا».وحول جدوى استخراج الولايات المتحدة للنفط الصخري حاليا، قال إن كلفة استخراج هذا النوع من النفوط يحتاج الى سعر يعادل ما بين 35 و40 دولارا للبرميل، وهو ما يعد غير مجد في الوقت الحالي، وقد يتسبب في خسائر للشركات العاملة فيه.تصحيح المسار
من جانبه، ذكر أستاذ هندسة البترول بجامعة الكويت د. أحمد الكوح أن هدف الرئيس الأميركي حاليا يتجه صوب تصحيح مسار الشركات الأميركية العاملة في القطاع النفطي الصخري، والعمل على إنقاذها من الإفلاس، خاصة مع شبه الانهيار الذي أصاب أسعار النفط، لاسيما مع انتشار وباء «كورونا» وقلة الطلب على الخام، بسبب الركود الذي أصاب غالبية المصانع الكبرى حول العالم وخاصة في الصين التي انطلق منها الفيروس.وأوضح أن تصريحات الرئيس الأميركي برغبته في شراء النفط وملء خزانات الولايات المتحدة من النفط، مستغلا انخفاض أسعاره حاليا، لم يذكر من أين سيحصل عليه، ولكن الوقائع تشير إلى أن هدفه هو مساعدة الشركات المحلية الأميركية.وأشار إلى أنه من المستبعد أن يعقد الرئيس الأميركي صفقات سرية مع أي دولة للحصول على النفط بأسعار زهيدة، ولاسيما مع إيران، لأن هناك رقابة مشددة دوليا على صادرات نفطها.وأفاد بأن استخراج النفط الصخري الأميركي حاليا أمر مستبعد، لأن كلفة استخراجه عالية وغير مجدية في ظل الظروف الحالية المصاحبة للأسواق النفطية العالمية، والتي هبطت إلى ما دون 35 دولارا للبرميل، وهي أسعار تعد غير مناسبة لكلفة استخراج النفط الصخري.تباطؤ غير منظور
من ناحيته، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت د. عبدالمحسن المطيري إن الطلب على النفط شهد تباطؤا غير منظور في الفترة الاخيرة، خاصة مع انتشار وباء «كورونا» حول العالم، والذي ادى الى قلة الطلب على الخام، الأمر الذي أدى الى زيادة كبيرة في المعروض النفطي العالمي، مضيفا أن قلة الطلب هذه لم تشهدها الاسواق النفطية منذ الازمة المالية العالمية التي عصفت بالأسواق المالية والنفطية في أواخر 2008. وأوضح د. المطيري أن استمرار أزمة النفط ستؤدي الى ضغط على الشركات الأميركية الأمر الذي قد تضطر معه الحكومة الأميركية الى العمل على مزيد من دعم تلك الشركات المهددة بالإفلاس، في ظل الأزمة، خاصة شركات النفط الصخري التي يستحيل عملها في ظل ظروف الاسعار الحالية للخام. وأشار الى أن امتداد زمن الأزمة سيؤدي حتما الى إعلان الشركات الأميركية العاملة في قطاع النفط الصخري إفلاسها إذا لم تتمكن الحكومة الأميركية من إيجاد مخرج لأزمة الأسعار.وأفاد بأن تأثير «كورونا» على أسعار النفط جاء من منطلق تعطل كل القطاعات المعتمدة على النفط، مثل قطاعات النقل الجوي، وهي الأكثر اعتمادا عليه في مجال عملها، بعد تعطل غالبيتها في أوروبا والولايات المتحدة، في إطار إجراءات الحد من انتشار «كورونا».نظرة وهمية
بدوره، قال مدير مكتب الجرائم المالية والتجارية في الولايات المتحدة الاميركية د. جمال عبدالرحيم انه بسبب انهيار الأسواق المالية في نيويورك، ضخت الولايات المتحدة مؤخرا تريليون ونصف تريليون دولار في السوق، وطبعت أربعة تريليونات دولار دون ان يقابلها ناتج قومي معتدل له في القيمة.وأضاف عبدالرحيم أن ترامب يعتقد وهو خاطئ ان حصوله على النفط بالأسعار الرخيصة وتخزينه يوفر تريليونات الدولارات على دافعي الضرائب حسب ما قاله قبل يومين. وأشار الى ان "نظرته الوهمية هذه ستؤدي الى تباطؤ عجلة الإنتاج، فالدول المستهلكة للصناعات الاميركية ستحتاج الى دولار اي العملة الصعبة من احتياطيها". وذكر أن الدول المستهلكة تأكل من احتياطياتها بوتيرة اسرع نتيجة لحرق أسعار النفط وبالتالي، لن يمكنها من شراء واستيراد البضائع المصنعة سواء في اميركا او اوروبا وشرق اسيا كاليابان والصين، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار اقتصاد الدول التي تعتمد في مصروفها على جني الضرائب وبهذا ستغلق الكثير من المصانع الأمر الذي سيؤدي الى الانخفاض الحاد في البورصات.ولفت الى انه عندما يبدأ هذا الانخفاض الحاد في البورصات فستعيد نسبة ضمان الأصول مقابل القروض الممنوحة، فيلجأ الدائنون إلى المدينين طلبا إما لزيادة الضمان بشكل عاجل، أو لإعلان الإفلاس، وبعد ذلك تصبح تلك الضمانات ملكا للبنوك. فلا يحتاج البنك لهذه الأسهم والعقارات وغيرها من الأصول، لذلك فسوف يبيعها، مشيرا الى ان ذلك سيتسبب في المزيد من الهبوط وهذا ما حاول بنك الكويت المركزي تفاديه عندما طلب من البنوك التأجيل في بيع الأصول المرهونة.ولفت عبدالرحيم الى انه في هذه الحالة سيزداد اختلال التوازن بين العرض والطلب، ثم الانخفاض اللاحق في الأسعار، حتى يبدأ رد الفعل المتسلسل للإفلاس وتصفية الأصول.وقال عندئذ ستتوقف البنوك عن إقراض المصانع والشركات، وإقراض البنوك والمؤسسات المالية بعضها لبعض، لأنها ستفقد الثقة بأي كان بما فيها الحكومات أو أي مؤسسة مالية دولية، وهو ما سيوقف حرفيا أي نشاط اقتصادي، فينهار النظام المالي.وفي هذا الاطار حذر عبدالرحيم الحكومة الكويتية من ضخ الاموال العامة في أسواق المال حسب طلب التجار لانها ستنتهي بملكية أوراق لا قيمة لها مقابل خسائر للمال العام بشكل حتمي فضلا عن تربح المضاربين في الأسواق.وأضاف ان لهذه الاسباب اعرب الكونغرس الاميركي عن انزعاجه من خطوة المملكة العربية السعودية لزيادة ضخ النفط من جهة وحرق أسعاره في السوق العالمي.