على وقع أزمة تزداد خطورة في ملف سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان، بدا أمس الاثنين، أن القاهرة تفعل جميع خياراتها المائية لمواجهة واقع دخولها مرحلة الفقر المائي، بغض النظر عن مصير أزمة السد الإثيوبي، نتيجة ارتفاع قياسي في عدد السكان (أكثر من 100 مليون نسمة)، بالتوازي مع محدودية موارد مصر المائية، لذا لم يكن غريبا أن تلجأ القاهرة لمحاولة ترشيد الاستهلاك والبحث عن موارد مائية بديلة.

وزير الري والموارد المائية محمد عبدالعاطي، ترأس مع وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، أعمال اللجنة التنسيقية المشتركة بين الوزارتين، أمس، لـ "بحث سبل إدخال الري الحديث في ظل التحديات المائية التي تواجهها مصر ومواجهة الاحتياجات كافة"، بحسب ما جاء في بيان وزارة الري.

Ad

وتم إقرار تنظيم زراعات الموز في ضوء تقنين زراعة المحاصيل الشرهة للمياه، فضلا عن مناقشة التوسع في مشروع الانتقال إلى نظم الري الحديثة سواء الرش أو التنقيط، مع بحث توفير الحوافز لتشجيع الفلاحين على التحول للري الحديث، وزيادة الإنتاجية ونوعية الحاصلات الزراعية، في ضوء التحديات المائية التي تواجه الدولة المصرية.

وتم التوجيه باتخاذ الإجراءات المتبعة لتطبيق طرق الري الحديثة، خصوصا في الأراضي الجديدة والمستصلحة، ووجه وزيرا الري والزراعة بالعمل على تنفيذ الخطط الموضوعة للتوسع في استخدام طرق الري الحديثة، طبقا لجداول زمنية محددة مع العمل على رفع وعي المواطنين بأهمية وقيمة المياه والجدوى الاقتصادية من تطبيق طرق الري الحديثة.

وقدم مسؤولو وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عرضا حول الجهود المبذولة لترشيد استهلاك المياه، من خلال استخدام أساليب الري الحديثة، والتوسع في استعمال أساليب الري السطحي المطور، وتطوير الري الحقلي بالأراضي القديمة بالدلتا، وتحديث دليل المقننات المائية الفعلية، والاستفادة من حصاد مياه الأمطار، بجانب استعراض مجهودات مركز البحوث الزراعية في الهندسة الوراثية، وتطوير بذور تقلل من استهلاك المياه، وخصوصا في زراعة الأرز.

إجراءات إضافية

في الأثناء، عقد نائب وزير الإسكان لشؤون البنية الأساسية، سيد إسماعيل، اجتماعا أمس، مع قيادات قطاع المرافق بالوزارة، لمناقشة خطة الدولة لترشيد استهلاك المياه، وتعظيم الاستفادة من المياه المتاحة، وتوفير مصادر مياه بديلة، وتم خلال الاجتماع مناقشة سبل توفير الاحتياجات المائية المطلوبة للمشروعات المختلفة، مع تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة.

وأكد مسؤولو قطاع المرافق بوزارة الإسكان، أنه جار العمل على توفير مياه معالجة ثلاثيا من المشروعات الجاري تنفيذها ضمن خطط الوزارة لإنشاء محطات المعالجة في جميع المحافظات، ودراسة إعادة استخدامها والاستفادة منها، بينما شدد وكيل وزارة الموارد المائية والري، رجب عبدالعظيم، على احتياج الدولة لترشيد الاستهلاك المائي، وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة، مع توفير مصادر مياه بديلة لتوفير كمية المياه المطلوبة للشرب والزراعة في جميع المحافظات المصرية.

فقر مائي

وأعلن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي في كلمة له أمام البرلمان المصري أكتوبر الماضي، أن بلاده دخلت مرحلة "الفقر المائي" وفقا للتعريفات الدولية، وذلك لأن الدخول في هذه المرحلة يأتي بعدما يصبح نصيب الفرد أقل من ألف متر مكعب سنويا، في حين يصل نصيب المواطن المصري الى 700 متر مكعب سنويا في أكثر الاحصائيات تفاؤلا، ما استتبع إجراءات لتقليص زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه وفي مقدمتها الأرز وقصب السكر.

وتخشى مصر أن يؤثر سد النهضة الذي يدخل الخدمة في يوليو المقبل، على حصة القاهرة التاريخية في مياه النيل والمقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وبعد مفاوضات مضنية استمرت نحو ثمانية أعوام، انتهى الأمر إلى فشل ذريع بعد انسحاب إثيوبيا من جولة التوقيع على اتفاق نهائي أعدته الإدارة الأميركية بعد نحو أربعة أشهر من التفاوض في واشنطن برعاية أميركا والبنك الدولي، ما أدى إلى اندلاع أزمة غير مسبوقة في شرق إفريقيا، مع تصاعد التراشق الإعلامي والسياسي بين القاهرة وأديس أبابا.