تأخر الوقت كثيراً كي نقول "زهب الدوا قبل الفلعة"، أي جهّز الدواء قبل أن يدمي الرأس، ويا ليت هناك طاقة أمل يمكن من خلالها أن نتلافى الأيام السوداء القادمة.قولوا ما شئتم عن مبالغة المقال في التشاؤم، لكنّ هذا هو الواقع اليوم الذي طالما كانت الإدارات السياسية المتعاقبة والناس من بعدها تتجنب مواجهته، وفضلت تلك الحكومات التسويف وتأجيل الحلول، حتى وقعت الفأس في الرأس.
بالبند العريض جاء في مقال ديفيد فلكنج، بجريدة "بلومبرغ"، "سقوط إمبراطورية الخليج النفطية يلوح بالأفق".الكاتب يستند في مقاله إلى دراسة لصندوق النقد الدولي نشرت قبل شهر، ويذكر أن حرب أسعار النفط، التي أدت إلى تهاوي سعر البرميل لعشرين دولاراً، ستعجّل بإفراغ الخزائن المالية لدولنا بحدود سنة 2027، مقال هذا الكاتب جاء بعد عشرات المقالات والدراسات التي تحذّر من هذا اليوم، هل تذكرون مقالة لكاتب في "فورن افيرز"، نشرت قبل ربع قرن، وترجمت أجزاء منها، يقرر صاحبها أن الاقتصاد والسياسة بالخليج في إجازة! لا أعلم إن كان هناك من يذكرها عند أهل السلطة. من كان يقرأ ومن كان ينصت!لا يمكن اليوم تجنّب الأزمة التي ستنهي أحلام الأمس، ولكن يمكن أن نخفف من أضرارها المدمرة، متى عزمت السلطة على مواجهة الواقع، وركنت جانباً الاسترضاءات السياسية للعديد من الجماعات التي وجدت في نهج السلطة الاسترضائي أداة لتحقيق مكاسب آنية لجماعات محددة على حساب المستقبل، فهناك تصورات مطروحة على الحكومة، هي بالتأكيد ليست الوصفة المنقذة، ولكنها قد تخفّف الضرر القادم لا محالة، وهي كالآتي أنقلها لكم:"إلغاء الهيئات وتوكيل مهامها للوزراء المختصين ووكلائهم دون ميزات مالية إضافية.تقنين البعثات الدراسية للتخصصات المطلوبة لسوق العمل فقط.إعادة النظر في البعثات الداخلية التي تستنزف مئات الملايين دون جودة تعليم حقيقية.استبدال التموين والدعوم بدعم نقدي مباشر للأسر، ويسري ذلك على دعم الطاقة ومشتقاتها.بدء تطبيق نظام الشرائح لاستهلاك الكهرباء والماء، بحيث يتمتع أصحاب الدخول المتوسطة والاستهلاك المعتدل بالدعم، أما أصحاب الدخول المرتفعة والاستهلاك المفرط فيتم نقلهم إلى شرائح مادية أعلى تتناسب مع حجم استهلاكهم ودخلهم المادي.إعادة دراسة استحقاق الدعوم، مثل دعم العمالة الوطنية لمن تفوق رواتبهم مبلغاً محدداً. فمن غير المعقول أن يحصل رئيس بنك وصرّاف في نفس البنك على دعم العمالة، فالأول قد يتجاوز راتبه 12 ألف دينار، والثاني لا يتجاوز 600 دينار.تنظيم وتقنين العلاج بالخارج للحالات التي لا يوجد لها علاج في الداخل فعلاً.تخصيص جميع القطاعات الحكومية غير المنتجة بنظام الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وتمليك المواطنين أسهم تلك الشركات، مع منع بيع تلك الأسهم لفترة طويلة.إعادة النظر في قانون الخدمة المدنية العقيم الذي يساوي بين جميع الموظفين بغضّ النظر عن الأداء وجودة الشهادة. كذلك إعادة النظر في إلزامية التوظيف ومنع إنهاء الخدمات، بغضّ النظر عن إنتاجية الموظف".هل هناك أمر ناقص في تلك التصورات؟ طبعاً، تعديل التركيبة السكانية هو أهمّ الحلول... لا وقت للتفكير والتردد الآن. المهم المباشرة بالتنفيذ فوراً.
أخر كلام
ربما نتدارك الأمر
24-03-2020