عم الحزن عالمنا، تغير نظام الحياة، توقف الطواف حول الكعبة، توقفت الدراسة، ونظر بابا الفاتيكان إلى ساحة تخلو من المصلين سامعاً أنين الشعب الإيطالي، واختبأ مليار شخص من سكان الكرة الأرضية في منازلهم التزاماً بالحجر، بعدما حصد فيروس متناهي الصغر لا يرى بالعين المجردة، انطلق من مدينة ووهان الصينية، أرواح الكثيرين، فانتفضت دول استجابة لانتشار «كورونا» لتتخذ التدابير القسرية خوفاً من انزلاقها إلى مراحل «بؤر انتشار المرض» أو أن تصير «ووهان» أخرى، ومنها فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة (كاليفورنيا) والعراق ورواندا واليونان وكولومبيا ونيوزيلندا، في مقابل دول أخرى بدأت بنبرات معتدلة ثم تصاعدت وأصبحت قاسية في تطبيق الحجر، ومنها إيران وألمانيا والمملكة المتحدة.أما حظر التجول، فقد أقرته المملكة العربية السعودية والكويت ومانيلا بالفلبين، وبوركينا فاسو وصربيا وموريتانيا وفقا لصحيفة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى بلغاريا وكازاخستان وأذربيجان... فكيف انتقل هذا الفيروس من الصين واستوطن إيطاليا حاصداً الأرواح، حتى أصبحت بؤرة لانتشار هذا الوباء في أوروبا، ثم تبعتها إسبانيا؟ هذا السؤال لم يجد له إجابة وافية حتى الآن.
دولة الكويت في اعتقادي استجابت وتفاعلت مع أزمة كورونا بشكل تدريجي ومدروس، فابتدأت بنبرات معتدلة ثم تدرجت إلى الحزم، فتعاونت المؤسسات الأمنية بنمط منسق لتطبيق الحظر الجزئي، وتعامل أهل الكويت مع الإجراءات بفعالية وانتظام، بل أصبح كل مواطن يشعر أنه جزء من منظومة تطبيق القانون، أما «الخارجية» الكويتية فقد باتت تحمل على عاتقها مسؤولية الآلاف المؤلفة من طلبة ومواطنين يشعرون بالهلع من أخبار انتشار المرض، لكنهم راضون وواثقون بأنهم في أيدٍ أمينة، وقد حسم الأمر الشيخ أحمد الناصر عندما صرح بضرورة استكمال البنى والمنظومة الصحية بشكل فاعل ومناسب لاحتواء القادمين قبل وصولهم.ووزارة الصحة بقيادة الشيخ د. باسل الصباح قد أثبتت أنها تمتلك القدرة على إدارة الأزمات الصحية، والسبب يكمن في تمكين الوزارة للطاقم التمريضي والطبي من العمل كفريق لاحتواء أزمة انتشار هذا الفيروس، وقد تقسو ظروف الحياة خلال القادم من الأيام، وقد نتنازل عن الكثير، ولكن يبقى دورنا كمواطنين مهم جداً عبر الامتثال للإجراءات المتخذة والالتزام بالحجر المنزلي لمن عاد من السفر. ويبقى السؤال والاستفسار الخاص بالتعليم، أي حول قبول دول الخليج واعترافها بالتعليم الإلكتروني، الأمر الذي سهل التحاق الطلبة بمؤسساتهم التعليمية أثناء الحجر، وفي المقابل ترفض الكويت الاعتراف بهذا النمط من التعليم رغم إقرار الجامعات المرموقة به، فأرجو من وزير التربية إنشاء الجهاز الخاص بالتعليم الإلكتروني وإدراج اسماء الجامعات المتخصصة بهذا النوع من التعليم وإقراره... وللحديث بقية. كلام من ذهب ملاحظة سمو الأمير، حفظه الله، لفتت الأنظار، فبعدما شكر سموه الوزراء على جهودهم وأبدى إعجابه بالشعب الذي امتثل لأوامر الحظر الجزئي، اقترح اقتراحاً رائعاً، ألا وهو استغلال فترة الحظر لإصلاح الطرق... وهي الخطوة التنموية الأولى خلال أزمة كورونا، والتي تعكس قناعة سموه باستمرار النهج التنموي.
مقالات
مليار... في الحجر المنزلي
25-03-2020