العلاقة الأميركية - العراقية بخطر... لكن لا يمكن السماح بانهيارها!

نشر في 25-03-2020
آخر تحديث 25-03-2020 | 00:06
جنود أميركيون على الحدود العراقية - السورية
جنود أميركيون على الحدود العراقية - السورية
هل من مستقبل مشترك بين الولايات المتحدة والعراق بعد خوضهما حرباً مأساوية ومليئة بالأخطاء في آخر 17 سنة؟ فيما يسعى العراق إلى تشكيل حكومة جديدة، يدعو البرلمان المحلي إلى طرد القوات الأميركية غداة مقتل العقل المدبّر الإيراني قاسم سليماني في بداية شهر يناير الماضي. قد تتجدد تلك الاضطرابات بسبب رد الأميركيين وحلفائهم، في 13 مارس، على وابل الصواريخ الذي استهدف القوات الأجنبية في العراق من جانب ميليشيات مدعومة من إيران، وقد أسفرت العملية عن مقتل أميركيَين وبريطاني. في عطلة نهاية الأسبوع اللاحقة، بدأت جولة جديدة من القصف وزادت احتمال أن يطلق الأميركيون ردوداً انتقامية. باختصار، أصبحت الشراكة بين البلدين مُهددة.

لكن سيكون انتهاء هذه العلاقة الثنائية حدثاً مأساوياً ومؤسفاً. يبقى الوجود الأميركي مفيداً جداً للعراقيين كونه يتصدى لإيران وتنظيم «داعش». كذلك، ينعكس الدور الأميركي إيجاباً على السياسة العراقية الداخلية، لا سيما الانقسامات الطائفية في صفوف قوى الأمن. ربما يواجه جميع العراقيين، من أكراد وشيعة وسُنّة، مشاكلهم الخاصة مع الولايات المتحدة، لكن لا أحد منهم يعتبر واشنطن منحازة ضده.

للحفاظ على الوجود الأميركي في العراق مستقبلاً، يجب أن توضح واشنطن وبغداد قواعد الالتزام بينهما. على العراق أن يبذل جهوداً إضافية لحماية القواعد الأميركية ومصالح أخرى محلياً. في المقابل، يجب أن تحدّ الولايات المتحدة أي شكل أحادي الجانب من استعمال القوة للدفاع عن نفسها مباشرةً أو لملاحقة الجهات التي تستهدف قواتها. ويجب ألا تحصل أي تحركات أخرى، مهما كانت مبرّرة (كما في 13 مارس)، إلا بعد التشاور والاتفاق بين الحكومتين.

على صعيد آخر، قد يكون التجنيد الإجباري خياراً مفيداً لتجاوز التوتر الطائفي وتقوية الحس الوطني بين الجنود. يمكن تعزيز الوحدة الوطنية أيضاً عبر رفض مظاهر الطائفية، لا سيما في مجال التعيينات في المناصب الحكومية.

تتجاوز تدابير أخرى حدود قوى الأمن. يمكن تعزيز التماسك بين جميع المحافظات العراقية مثلاً من خلال تمرير قوانين عادلة ومنصفة على مستوى الهيدروكربونات وتقاسم العائدات في أنحاء البلد.

يطرح ارتفاع معدل البطالة مشكلة بارزة أخرى، وقد كان سبباً أساسياً لاندلاع تظاهرات كثيرة في أنحاء العراق في السنة الماضية. يمكن تخفيف المشكلة بطرق متعددة، منها خصخصة الكيانات المملوكة للدولة، شرط تطبيقها بالشكل المناسب، لا سيما إذا سُمِح للموظفين بامتلاك الحصص. ويجب أن تبدي الولايات المتحدة وجهات أخرى استعدادها لتقديم مساعدات مالية موقّتة إذا تأكدت منافع هذه الخطوة.

كذلك، لا يمكن أن يشمل العراق جيوشاً متعددة. لذا لا بد من حل الميليشيات. يمكن تجنيد الجماعات البارعة في القتال في إطار خدمات الأمن المسلحة. أما الجماعات الأخرى، فيجب أن تتوقف نشاطاتها شرط أن يتلقى المقاتلون فيها تعويضات وفرصاً للعمل.

يُفترض أن تستفيد الخطوات الآنف ذكرها من التوصيات الأميركية وكميات محدودة من المساعدات التقنية. على واشنطن أن تقدّم مساهماتها في هذا المجال، وعلى بغداد أن تقبل المساعدة. مع وصول حكومة عراقية جديدة إلى السلطة، حان الوقت كي يراجع الأميركيون والعراقيون حساباتهم ويدركوا أنهم يستفيدون من شراكتهم أكثر من انفصالهم، مهما كانت السنوات والعقود الأخيرة صعبة على الطرفَين.

back to top