ما السر؟ لماذا نجحت الحكومة في التعاطي مع هذه الأزمة؟ أو على الأقل كي لا نقول نجحت قبل زوال هذا الوباء، لماذا تميزت حكومة دولة الكويت والجهات التنفيذية في تعاطيها إلى الآن مع هذا الوباء؟نعم هناك بعض الثغرات أو الهفوات وهو أمر طبيعي في أي عمل، فأي عمل تصاحبه الأخطاء بلا شك، خصوصا إن كان هذا العمل في ظروف متسارعة وخارجة عن سيطرة العالم أجمع.
طيب، ما السر في هذا التميز، إن كانت الحكومة نفسها الحكومة والدولة نفسها الدولة، وقيادات الوزارات هم نفسهم القيادات؟ ما الأمر الذي تغير وجعل من هؤلاء الذين كنا نتذمر يوميا من أنهم السبب في تراجع الكويت عن جاراتها، وتأخر الكويت في الكثير من المحافل، ما سرهم اليوم؟من السذاجة طبعا أن نعزو هذا التميز إلى غياب مجلس الأمة، رغم محاولات البعض الحثيثة لتعزيز هذه القناعة، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق، فالأزمة اليوم تتطلب في طبيعتها جهوداً من الجهات التنفيذية، وليس لهذا المجلس أو أي برلمان في العالم دور مفترض سوى مساندة الجهات التنفيذية أو سن التشريعات والقوانين، إن تطلب الأمر، لتسهيل عمل الحكومة، وهو الأمر الطبيعي والاعتيادي، أما محاولة تصوير بأن غياب المجلس هو سبب تميز الحكومة فلنا في أكثر من مناسبة كويتية غاب فيها مجلس الأمة عبرة، لعل أوضحها غياب مجلس الأمة في عام 1986 إلى عام 1992 ولم تتميز الحكومة حينها في إدارة الدولة على الإطلاق.أعتقد جازما بأن سبب التميز في هذه المرحلة هو مجموعة من العناصر، إلا أن أهم عنصر غائب هو "الواسطة والاستثناء والمحاباة والمحسوبية" لا أعلم إن كان هناك كلمة تجمعها في مصطلح واحد أم لا، إلا أن غياب هذه المصطلحات في الأزمة الحالية هو سبب نجاحنا.فاليوم لا يستطيع وزير الصحة مثلا أن يستورد معدات صحية لمواجهة هذا الوباء إن لم تكن المعدات الأفضل، أما في الظروف الاعتيادية فبالإمكان استيراد معدات أقل جودة إرضاء لوكيل معين، ولا يستطيع وزير الداخلية أن يستثني منطقة أو ديوانا من حظر التجول في مثل هذه الظروف، في حين أنه في الظروف الطبيعية يستثني ديوانا وجار الديوان وفريج الديوان كلهم ويكون (اللا مانع) سيداً للموقف.والأمر أيضا يسقط على كل الجهات من تجارة وجمارك وأي جهة أخرى، لأننا نتعامل اليوم مع مسألة مفصلية حساسة لا مجال فيها للمجاملة أو الواسطة أو الاستثناء، وهو الأمر الذي جعل الحياة تسير وفق هذه المنظومة المميزة.كم آمل أن تستمر هذه المنظومة بعد زوال هذا الوباء قريبا، إن شاء الله، وحينها سندرك كم يمكننا أن نحقق رضا الكويت كل الكويت دون واسطة أو مجاملة أو استثناء.
مقالات
العنصر الغائب
26-03-2020