«كورونا» ماذا فعل بالصحافة العربية؟
«كورونا» كانت آثاره على الصحافة عموما بادية تماما بسبب تراجع الإعلانات وحالة الركود الاقتصادي في معظم الدول، لكن الخسائر لم تتوقف هنا، بل أكملت جريانها لتحصد كيانات إعلامية صمدت وواجهت الكثير من المتاعب والمصاعب المالية، فكيف ستكون حال الصحافة العربية الورقية يا ترى؟ بعد الحد من زحف الفيروس؟ سؤال نضعه رهن العالم الجديد.
لم يكن يخطر في بال أحد أن تتوقف صحف عربية بالكامل عن الصدور والطباعة الورقية بسبب فيروس حقير يقولون إن هذه الصحف الورقية قد تسهم في نشر العدوى عبر ملامسة الورق وانتشارها بين القراء!وأول الدول العربية كان الأردن بعد صدور (أمر دفاع) أي إعلان حالة الطوارئ وقرار من مجلس الوزراء يوم ١٧ مارس ٢٠٢٠ والقاضي بإيقاف طباعة جميع الصحف، وحذت سلطنة عمان حذو الأردن وقررت يوم ٢٢ مارس الحالي وقف الطباعة الورقية للصحف والمجلات والمنشورات بمختلف أنواعها ومنع تداولها وبيعها.كذلك أعلنت صحيفة (الاتحاد) الإماراتية أنها ليست استثناء، على حد وصف رئيس تحريرها حمد الكعبي، فطباعة الصحف وتوزيعها وتداولها يشكل بيئة خصبة لنفاذ الفيروس ووصوله إلى الناس، ولهذا عملت على اقتصار إيصال الصحيفة للمشتركين فقط وإتاحتها على الموقع الإلكتروني مع توفيرها على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
بدورها دعت الحكومة المغربية جميع ناشري الصحف والجرائد الورقية إلى تعليق إصدار ونشر وتوزيع الطبعات الورقية ابتداءً من يوم الأحد الموافق 22 مارس 2020 وحتى إشعار آخر، في هذا الوقت أعلنت صحيفتا (الوطن) و(الراية) القطريتان التوقف عن الصدور. ومثلما ألبست مجلة (الإيكونومست) في عددها الأخير الكرة الأرضية (القناع) وكتبت عليه (مغلق)، كانت الحال مع الصحافة الورقية التي تم (تجميدها) بقرار فيروسي، لم يكن في الحسبان ولا هو مدرج ضمن حزمة المخاطر التي قد تواجهها في المستقبل!ربما جاءت هذه (المحنة) لتعجل بتسريع التحول إلى (الأونلاين) بالكامل، أو لنكن أكثر تفاؤلا، بالدفع نحو تحسين المحتوى الإلكتروني للصحافة وتطوير التواصل مع القراء وسد الفراغ الذي قد تتركه الصحافة الورقية؟نستدرك القول بأن الثمن الذي تدفعه الصحافة الورقية في العالم العربي لم يطل مثيلاتها في أوروبا أو أميركا مثلا، وكأن فيروس كورونا العربي يختلف في جيناته عن الفيروس الغربي!!وقبل أن يغزونا هذا الوباء كانت آثاره على الصحافة عموما بادية تماما بسبب تراجع الإعلانات وحالة الركود الاقتصادي في معظم الدول، لكن الخسائر لم تتوقف هنا، بل أكملت جريانها لتحصد كيانات إعلامية صمدت وواجهت الكثير من المتاعب والمصاعب المالية.كيف ستكون حال الصحافة العربية الورقية يا ترى؟ بعد الحد من زحف الفيروس؟سؤال نضعه رهن العالم الجديد بخلاف نظام العولمة السائد الذي بدأ يتشكل وفق معايير لم تكن في حسابات صانعي التنبؤات، فالقائل إن العالم بعد كورونا ليس كما قبله لم يكن مخطئا بل كان محقا.