«كورونا» وأثره على عقود الإيجار
منذ ظهور فيروس "كورونا" في بداية عام 2020، والعالم يعيش أحداثاً عصيبة بسبب ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية والاقتصادية، الأمر الذي جعل منظمة الصحة العالمية تصدر تصريحاً باعتباره وباءً عالمياً.وأمام ذلك، سعت العديد من الدول إلى اتخاذ تدابير احترازية، ومنها الكويت بإجراءاتها السباقة والمتفوقة عالمياً في مواجهة هذا الوباء، ومن ضمن تلك الإجراءات والتدابير إغلاق المحلات والمطاعم والنوادي الصحية والمقاهي، مما ترتب عليه خسائر لأصحاب تلك الأماكن ومن يعملون فيها. وهنا يثور تساؤل حول أثر تلك القرارات على عقود الإيجار، ذلك أن المستأجر يقوم بسداد الأجرة دون انتفاعه بالعين.
قانون الإيجارات الكويتي لم يتطرق إلى مثل هذه الظروف، لذا يبقى أمامنا القانون المدني باعتباره الشريعة العامة، والذي أشار إلى نظرية الظروف الطارئة في المادة 198، التي تنص على أنه "إذا طرأت بعد العقد، وقبل تمام تنفيذه، ظروف استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، جاز للقاضي بعد الموازنة أن يرد الالتزام إلى الحد المعقول".إذاً نظرية الظروف الطارئة هي التي يمكن تطبيقها على الأوضاع الحالية، لتحقق شروطها؛ حيث إن: 1- فيروس "كورونا" يعتبر ظرفاً استثنائياً، عاماً، وغير متوقع الحدوث وقت التعاقد.2- عقد الإيجار من العقود المستمرة. 3- أن يلحق المدين ضرر جسيم وإرهاق كبير من جراء تنفيذ العقد... وهو الأمر الذي أجاز المشرع الكويتي فيه للقاضي أن يتدخل لتحقيق التوازن بأن يرد الالتزام إلى الحد المعقول مراعياً مصلحة الطرفين، كأن يخفض القيمة الإيجارية بنسبة تتفق مع ظروفهما.أيضاً نصت المادة 581 من القانون ذاته على أنه إذا ترتب على عملٍ ما صدر من السلطة العامة نقص في انتفاع المستأجر جاز له طلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة. ويمكن الاستناد أيضاً إلى المادة 215، والتي أجازت وقف تنفيذ الالتزامات مؤقتاً إلى حين زوال الحادث الطارئ، وهو ما استقرت عليه أحكام محكمة التمييز (الطعن 523 لسنة 2001 تجاري جلسة 2003/1/26). ويمكن للمستأجر إنهاء العقد مع تعويض المالك، استناداً لنص المادة 610 من القانون المدني، وفي جميع الأحوال فإن الأمر متروك للسلطة التقديرية للقاضي.وفي ظل غياب القضاء والمحاكم مؤقتاً، لا يبقى أمام الطرفين إلا الحل الودي بالاتفاق، إما بخفض القيمة الإيجارية أو الإعفاء مؤقتاً، وهذا ما قام به العديد من ملاك العقار في الكويت كمبادرة خيرية منهم، فالمسألة اليوم ليست تجارية بل مسألة وطنية تتطلب تكاتف جميع الجهات، وأخيراً لابد من إصدار قرارات من الدولة تكفل حماية الطرفين في ظل الظروف الراهنة، وتطبيقاً للمادة 25 من الدستور التي تنص على أن "تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة..."، كتأجيل استحقاق القروض لملاك العقارات.