بدأت اليابان، أمس الأول، مهمتها غير المسبوقة بإعادة تنظيم دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، وذلك غداة اتخاذ القرار الصعب بتأجيلها مدة عام، على خلفية فيروس كورونا المستجد، بينما أبقى رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ خيارات الموعد الجديد العام المقبل مفتوحة.وأدى التأجيل، وهو خطوة غير مسبوقة تمس الحدث الرياضي الأكبر عالمياً، إلى تقلبات في جميع الجوانب التنظيمية للألعاب، بما في ذلك المواقع الرياضية، والأمن، وحجز التذاكر والإقامة.
وفي حين أعلن الطرفان الدولي والياباني أن الألعاب ستقام في العام المقبل، وفي موعد أقصاه صيف 2021، ترك باخ الباب مفتوحا أمام احتمال إقامة الدورة في فصل الربيع.وقال الألماني، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف من لوزان حيث مقر اللجنة الدولية: "الأمر لا يقتصر فقط على أشهر فصل الصيف. جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، قبل أو خلال فصل الصيف 2021".وفي نقلة رمزية للصعوبات، التي تواجهها طوكيو الآن، تحولت ساعة العد التنازلي الأولمبية في المدينة من عرض عدد الأيام المتبقية لانطلاق الألعاب، إلى عرض تاريخ اليوم والوقت الحاليين.وقال المتحدث باسم اللجنة الأولمبية البارالمبية الدولية كريغ سبينس، "إن الأمر صعب جدا، فبعد سبع سنوات من الاستعدادات، وعلى بعد أشهر قليلة من الانطلاق تجد نفسك مضطرا أن تبدأ مرة أخرى من الصفر، ولكن الآن مع وقت أقل لإنهاء الاستعدادات".وعلقت اليابان آمالا كبيرة على أولمبياد طوكيو 2020، واعتبرته حكومتها "ألعاب إعادة البناء" وفرصة لتظهر للعالم أنها عادت من "الكارثة الثلاثية"، التي ضربتها في عام 2011، عندما تسبب زلزال مدمر في حدوث تسونامي وكارثة نووية في فوكوشيما.واعتبر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن تأجيل الألعاب سيسمح بإقامتها العام المقبل "في شكلها الكامل، كدليل على تغلب البشرية على الفيروس الجديد"، الذي أصبح وباء عالمياً تسبب حتى الآن بأكثر من 20 ألف وفاة معلنة.وقال متحدث باسم الحكومة اليابانية إن رئيس الوزراء كرّر الرسالة ذاتها في اتصال أمس الأول مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرا إلى أن الأخيرين اتفقا معا على أن الألعاب ستكون "دليلا على أن البشر هزموا فيروس كورونا المستجد".
ترحيب الرئيس الأميركي
ولقي قرار التأجيل ترحيب الرئيس الأميركي، الذي كتب الأربعاء عبر حسابه على "تويتر": "تهاني الى رئيس وزراء اليابان آبي، واللجنة الأولمبية الدولية، على قرارهما الحكيم جدا بإقامة الألعاب الأولمبية في عام 2021. ستحقق نجاحا كبيرا، وأتطلع قدما للتواجد هناك".وسبق للرئيس الأميركي ان كان من أبرز الداعين في الأسابيع الماضية، الى إرجاء الأولمبياد الصيفي حتى العام المقبل.كما لقي التأجيل ترحيب منظمة الصحة العالمية على لسان مديرها العام الإثيوبي تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الذي حيا الأربعاء إقدام آبي واللجنة الأولمبية الدولية على "التضحية من أجل حماية صحة الرياضيين"، مقرا بأن القرار المتخذ "صعب لكنه عاقل".وباتت الألعاب الأولمبية، التي تقام مرة كل أربع سنوات، وصمدت أمام المقاطعات والهجمات والاحتجاجات الأمنية، الحدث الرياضي الأبرز المتأثر بفيروس كورونا المستجد، الذي جمّد النشاط الرياضي حول العالم، ودفع لإبقاء أكثر من ثلاثة مليارات شخص في منازلهم لمكافحة تفشيه.ولم يسبق أن تم تعديل أي موعد لدورة أولمبية صيفية لسبب غير الحرب العالمية. وتم إلغاء دورات 1916 (بسبب الحرب الأولى)، و1940 و1944 (بسبب الحرب الثانية).انتقادات كثيرة
وتعرضت اللجنة الأولمبية الدولية لانتقادات كثيرة بسبب تأخرها في إعلان تأجيل الألعاب، في ظل تفشي وباء "كوفيد-19"، قبل أن تخضع، الثلاثاء، باتخاذ قرار تأجيل دورة للمرة الأولى في التاريخ الحديث للأولمبياد (منذ 1896).وأوضح باخ أن التبعات المالية لتأجيل أكبر حدث رياضي "لم يتم التطرق إليها وليست الأولوية"، بل حماية "حياة" البشر، إذ كان من المتوقع ان يشارك في الدورة أكثر من 11 ألف رياضي، إلى جانب 90 ألف متطوع ومئات الآلاف من المسؤولين والمتفرجين من جميع أنحاء العالم.وأوقفت مسيرة الشعلة الأولمبية، التي كان من المقرر أن تبدأ اليوم من فوكوشيما.ويتعين على المنظمين الآن مواجهة مجموعة من الأسئلة: هل لا تزال المواقع الرياضية متاحة؟ ماذا نفعل مع حاملي التذاكر والمتطوعين؟ كيف سيتم تكييف الألعاب مع جدول رياضي مزدحم في عام 2021؟ وحتى ما سيكون مصير القرية الأولمبية التي من المقرر أن تتحول الى مجمع سكني بعد الألعاب، وتم بيع العديد من شققها.إنفاق 12.6 مليار
وأنفقت اليابان واللجنة المنظمة 12.6 مليار دولار على الألعاب حتى الآن، ويقول الخبراء إنهم قد يحتاجون إلى إنفاق نصف ذلك تقريباً لإعادة تنظيم الحدث.وأشار رئيس اللجنة المنظمة طوكيو 2020 رئيس الوزراء السابق يوشيرو موري، الذي تعافى من مرض السرطان، إلى معاركه الصحية كمصدر إلهام للأوقات الصعبة القادمة.وقال موري (82 عاما): "ليس لدينا خيار سوى أن يكون لدينا أمل. أنا نفسي عانيت من السرطان... لكن نجوت بفضل دواء جديد. أنا هنا، على قيد الحياة"، متابعا: "دعونا نأمل بهذه الأشياء".