نحن و«الكورونا»... النصر صبر ساعة
أمامنا أيام حاسمة، وسنتجاوزها بروح التفاؤل، والتكاتف، والانضباط، وسيأتي يوم تحكي فيه الأجيال التي تواجه هذا الوباء، قصصا لأبنائهم وبناتهم عن بطولة شعب فلسطين، الذي استطاع أن يصمد في وجه وباء كورونا، بعد أن صمد ضد أطول احتلال في التاريخ الحديث، وأبشع نظام فصل عنصري عرفته البشرية.
يعيش العالم بأسره معركة طاحنة مع وباء كورونا المستجد، الذي لا يفرق بين غني وفقير، ولا بين وزير وإنسان عادي، ولا بين صغير وكبير، وهي لحظة اختبار للإنسانية جمعاء، ولكل شعب، ولكل فرد، وإذا كان هذا الوباء قد كشف عيوب النظام العالمي ورأسماليته المتوحشة، وتقصيره في توفير الموارد والتجهيزات للقطاع الصحي، وخصوصا الصحة الأولية والوقائية، فإنه عرّى كذلك السياسات النيوليبرالية، والعنصرية، والشعبوية، التي يجب إلحاق الهزيمة بها. ولن يمر هذا الوباء دون أن يحدث ثورة كبرى تحقق إصلاحا شاملا للنظام العالمي بكل جوانبه الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، لكن هذا الوباء، يمثل قبل كل شيء اختبارا للإرادة والقدرة على التفاؤل، رغم صعوبة وقسوة التحدي.فلسطين استطاعت حتى الآن أن تصمد أفضل من كثير من البلدان، رغم شحة الموارد، وحصار الاحتلال وعنصريته، بفضل إرادة أبنائها وبناتها، وبفضل روح التكاتف والتضامن والتراحم، وبفضل الإجراءات المبادرة، الرسمية والشعبية، الحاسمة، وبفضل الانضباط والوعي، والالتزام بقواعد الوقاية والبقاء في البيوت، والحجر المنزلي لمن هو مطالب به.
واليوم أمامنا تحدٍّ لرعاية عمالنا الذين عادوا، وسيعودون من العمل في إسرائيل التي ارتفعت نسبة الإصابات فيها بصورة خطيرة، عمال فلسطين هم عماد المجتمع، ولا بد من مساعدتهم على الالتزام بالحجر المنزلي لأسبوعين، كما لا بد من تجنيد كل الطاقات المجتمعية لإسناد العائلات المحتاجة، والذين يعانون انقطاعاً في دخلهم. بعد أسبوع من الحجر الشامل ومنع الخروج من البيوت تتعاظم الضغوط النفسية، وهذا أمر طبيعي، ويجب التعامل مع ذلك بالصبر، وبث روح التفاؤل، وباستخدام الوقت بشكل مفيد وإيجابي، وربما هي فرصة لكل إنسان، أن ينجز أمورا كان يؤجلها باستمرار لضيق الوقت.ومن ناحية أخرى، تتعاظم كل يوم المبادرات المجتمعية في القرى والمدن والمخيمات والأحياء، لتشكيل لجان طوارئ وجمع تبرعات غذائية وصحية للأسر المحتاجة، وهذا دليل رائع على روح التكاتف الفلسطينية المميزة، ويواصل الأطباء والعاملون الصحيون وفرق الإغاثة، ومعهم العاملون في القطاع الأمني والاجتماعي أداء عملهم بتفان يستحق كل تقدير، أما أهلنا في قطاع غزة المحاصر، والذي يفتقد لأبسط مقومات الحياة، فإنهم يستحقون تخصيص كل الموارد الممكنة لإسنادهم في مواجهة الوباء. وأمامنا أيام حاسمة، وسنتجاوزها بروح التفاؤل، والتكاتف، والانضباط، وسيأتي يوم تحكي فيه الأجيال التي تواجه هذا الوباء، قصصا لأبنائهم وبناتهم عن بطولة شعب فلسطين، الذي استطاع أن يصمد في وجه وباء كورونا، بعد أن صمد ضد أطول احتلال في التاريخ الحديث، وأبشع نظام فصل عنصري عرفته البشرية.النصر صبر ساعة، فلنصبر ولنتسلح بالتفاؤل. * الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية