يطرح فيروس «كورونا»، الذي تخطت حصيلة إصاباته عتبة الـ 600 ألف، بينها 27982 وفاة، اختباراً للعلاقات الأوروبية ــــ الأوروبية، إذ أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون ديرلاين، أمس، عن خشيتها من تداعيات أزمة الوباء على التماسك بين دول الاتحاد الأوروبي، في وقت حذر رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي «من أن يفقد التكتل كله سبب وجوده».واعتبرت ديرلاين، السياسية المنتمية إلى حزب المستشارة أنجيلا ميركل «المسيحي الديمقراطي»، أن «معاهدة شنغن للتنقل الحر تمر بوضع حرج، بعد فرض الرقابة على الحدود بين الدول الأعضاء»، لافتة إلى أن «الجميع شهدوا الآن أن الدول نفسها هي الأكثر تضرراً من الإفراط في الانغلاق».
وأشارت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة إلى أن «إغلاق حدود بعض الدول لم يوقف انتشار الفيروس»، مبينة أن «هناك فرصة في هذه الأزمة الكبيرة لكي تعيد أوروبا اكتشاف نفسها من جديد».من ناحيته، دعا كونتي، في مقابلة مع صحيفة «إل سول 24» الإيطالية، الاتحاد الأوروبي «إلى عدم ارتكاب أخطاء فادحة» في عملية مكافحة الفيروس، مؤكداً أن «التقاعس سيترك لأبنائنا العبء الهائل لاقتصاد مدمّر».وشدد كونتي على أنه «ينبغي علينا تجنب اتخاذ خيارات مأساوية في أوروبا، وإذا لم تثبت أوروبا أنها على مستوى هذا التحدي غير المسبوق فإن التكتل الأوروبي كله قد يفقد، في نظر مواطنينا، سبب وجوده».وفي وقت سابق، صرح وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، زعيم حركة «5 نجوم»، بأن بلاده التي تواجه حالة طوارئ صحية - اقتصادية ناجمة عن «كورونا»، تنتظر من شركائها الأوروبيين الولاء.وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقابلة نشرتها الصحف الإيطالية الرئيسية الثلاث، «لن نتغلب على هذه الأزمة دون تضامن أوروبي قوي، على المستويين الصحي والمالي». وأضاف ماكرون: «فرنسا تقف إلى جانب إيطاليا... هناك حديث كثير عن مساعدات من الصين وروسيا، لكن لماذا لا نقول إن فرنسا وألمانيا وفّرتا مليوني كمامة وعشرات الآلاف من السترات لإيطاليا؟».وبسبب الأزمة التي تشهدها المستشفيات في شمال إيطاليا، قرر سلاح الجو الألماني نقل مرضى من هناك إلى ألمانيا لتلقي العلاج، كما نقلت مروحية عسكرية فرنسية مصابين بالفيروس إلى ألمانيا للعلاج.وسلّط وباء «كوفيد- 19» الضوء على الانقسام العميق داخل الاتحاد الأوروبي بين الدول الغنية وسائر الدول الأخرى، في حين يرى محللون أن التضامن القوي بينها وحده يمكن أن يسمح بالتغلب على الكارثة الاقتصادية التي تلوح في الأفق.وكانت الدول الأعضاء تعهدت بوضع خطة اقتصادية منسقة رداً على الأزمة هذا الأسبوع، بعدما فضّلت كل منها في البداية اعتماد سياسات وطنية، لكنها لم تتمكن من اتخاذ أي خطوة بهذا الشأن، إذ أعاد وزراء المالية الكرة، الثلاثاء الماضي، إلى قادتهم... الذين طلبوا بعد قمة الخميس من الوزراء أنفسهم وضع تدابير جديدة خلال 15 يوماً، في غياب توافق في الآراء.وقال إريك موريس، من مؤسسة روبرت شومان، لـ «فرانس برس»، إن «القمة أعادت رسم صورة معسكرين في أوروبا؛ الشمال ضد الجنوب».وبعبارة أخرى، ارتسم تعارض بين البلدان التي تحقق التوازن بين مواردها المالية ونفقاتها، ثم الأكثر قدرة على مقاومة الأزمة، والدول المتهمة بالتراخي، مثل إيطاليا وإسبانيا، التي يُرجح أن تتعرض لانتقادات شديدة بسبب ديونها المرتفعة، والتي تدعو إلى تضامن مالي أكبر.ولقي طرحها، المدعوم من باريس، لإنشاء «أداة» للاقتراض المشترك بين الدول التسع عشرة التي تبنّت العملة الموحدة، اصطُلح على تسميتها «سندات كورونا»، رفضاً الخميس الماضي من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ونظيرها الهولندي مارك روتي، اللذين لا يريدان بأي حال تحميل بلديهما وزر ديون البلدان الأقل احتراساً.وتكتسب التوترات حالياً حدة أكثر من أي وقت مضى، فانتقد رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا موقف لاهاي «الشائن»، إذ ورد أن هولندا تعتزم أن تطلب من المفوضية الأوروبية التحقيق في عدم توافر هامش في ميزانيات بعض الدول الأوروبية يسمح لها بالتصدي للأزمة.
أخبار الأولى
«كورونا» يهدد تماسك الاتحاد الأوروبي
29-03-2020