بالنسبة للعديد من الديمقراطيين، إنها انتخابات العمر. مع ذلك، أصبح السؤال الذي يشغل بال الحزب الآن هو ما إذا كان المرشح الرئاسي المفترض، جو بايدن، يمكن أن ينجح بالعمل من غرفته عبر الإنترنت.

هذا الهاجس الواضح، كشف عن مدى قلق الحزب فيما يتعلق باستنتاج مؤلم: على الرغم من كل الحجج التي وضعها الديمقراطيون وجميع الأدلة التي جمعوها ضد دونالد ترامب، من المرجح أن ترتفع فرص إعادة انتخابه، أو أن تصبح مرتبطة فقط بطريقة تعامله مع أزمة فيروس كورونا وتداعياتها.

Ad

ويقول لي فرانسيس، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، النائب السابق لرئيس موظفي البيت الأبيض في إدارة كارتر: "إنه المثال الأكثر دراماتيكية حول كيفية عدم التحكم في جدول الأعمال".

ويضيف: "إذا كانت الحياة عادلة، لكان ترامب سيدفع ثمن تعامله الفوضوي مع الوباء. لكن بدلا من ذلك، لم تتلقّ نسب الرضا عنه أي ضربة والصورة السائدة له أصبحت وهو على المنصة في البيت الأبيض متحملا المسؤولية"، وتابع :"إذا بقي كل شيء على ما هو عليه الآن، فمن الممكن جداً إعادة انتخابه".

لن يتضح تأثير فيروس كورونا على شعبية ترامب قبل أسابيع أو أشهر. لكن تأثير الوباء على الحزب الديمقراطي كان قاسياً بالفعل. تم تأجيل الانتخابات التمهيدية، مما سمح لبيرني ساندرز بالاستمرار في السباق وتأخير قدرة بايدن على انتزاع الترشيح حسابياً حتى يونيو، وتحويل تركيزه بالكامل إلى ترامب.

كذلك فإن التركيز العام على الفيروس هو تضييق لنطاق القضايا التي يمكن للديمقراطيين أن يبرزوا تناقضاتهم مع ترامب من خلالها وتهميش لأجندة أوسع تتضمن قضايا ملحة مثل تغير المناخ وتقييد الأسلحة.

وقال حاكم ولاية فيرمونت السابق، هوارد دين، الذي خاض الانتخابات الرئاسية عام 2004: "هده الانتخابات كانت عبارة عن استفتاء على ترامب. لكن الاستفتاء كان يتعلّق بأشياء مثل تغيّر المناخ وكيفية إصلاح نظام الرعاية الصحية وغيرها، الآن سيكون الأمر حول شيء وحيد، سواء كان ترامب كفؤًا وعقلانيًا" خلال أزمة كورونا.

يعتقد معظم الاستراتيجيين الديمقراطيين، مثل دين، أن الوباء سيقلص فرص إعادة انتخاب ترامب، مع ارتفاع حصيلة الوفيات والتأثير المدمر على الاقتصاد. لكن الانتخابات العامة على بعد أكثر من 7 أشهر، وقد ارتفع تصنيف ترامب العام مع انتشار الفيروس، على الرغم من أن نسبة الارتفاع لم تصل الى المستوى الذي وصلت اليه مع الرئيس الجمهوري الأخير جورج دبليو بوش، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية 2011 .

وقال سكوت برينان، عضو اللجنة الوطنية الديمقراطية في ولاية أيوا، الرئيس السابق للحزب في الولاية، "إذا عاد الاقتصاد للعمل بسرعة، فمن الصعب معرفة ما سيفكر فيه الناس".

وفي محاولة للتأثير على الناخبين، قام بايدن بحلّ الصعوبات التكنولوجية التي شابت ظهوره الأول عبر الإنترنت من منزله في ويلمنغتون. وهو الآن يظهر بشكل منتظم، عبر البث عبر الإنترنت، للتحدث عن وباء كورونا وإجراء مقابلات.

لكن فعالية برنامجه المضاد غير واضحة، حيث يتنافس بايدن على الاهتمام ليس فقط مع ترامب، لكن أيضا مع الحكام الديمقراطيين البارزين مثل غافين نيوسوم من كاليفورنيا، وأندرو كومو من نيويورك وغريتشين ويتمان من ميشيغان، الذين - على عكس بايدن - موجودون على خط المواجهة الأمامي مع كورونا.

ويقول داري سراغو، الاستراتيجي الديمقراطي في كاليفورنيا، إن بايدن ليس له سيطرة على هذا على الإطلاق. ويضيف: "يبدو الأمر وكأنك في حانة وتندلع مشاجرة عليك إيقاف غريزتك الفورية. لا يمكنك التحكم في النتيجة المباشرة للشجار".

إحدى مشاكل الديمقراطيين هي أن معركة الأمة مع "كورونا" وموقف ترامب في مركزها قد تستمر لأشهر. الحدث السياسي الأهم للحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي، المقرر في يوليو، أصبح موضع شك في حالة استمر "كورونا" بمنع حشود كبيرة من التجمع. وقال مسؤولو المؤتمر الأسبوع الماضي أن التخطيط له يمضي قدماً. لكن العديد من الديمقراطيين يخافون من سيناريو أسوأ الحالات التي يؤدي فيها الوباء إلى نسف المؤتمر الديمقراطي، على عكس المؤتمر الجمهوري المقرر في أغسطس.

ويقول بوب مولهولاند، عضو الموتمر الوطني الديمقراطي عن كاليفورنيا: "المؤتمر مهم، لأنه سيسمح بان يتابع 50 إلى 60 مليون أميركي، معظمهم ممن لم ينتبهوا دقيقة واحدة إلى الانتخابات التمهيدية، خطاب مرشحنا الذي يمكن أن يقودنا إلى الفوز".

وأضاف: "إذا اضطررنا إلى إلغاء المؤتمر، وكان لدى ترامب تجمّع مع 40 ألف شخص يصرخون ويهتفون... هذا سيمنحه ميزة على حسابنا".

واقترح جاي جاكوبس، رئيس الحزب الديمقراطي في نيويورك، الأسبوع الماضي التفكير في تأجيل مؤتمر الديمقراطيين حتى أواخر أغسطس، معتبرا ان الجميع سيكون منهكًا في حال انحسر الوباء في أواخر الربيع.

في الحد الأدنى، فإن الوباء سيقصر الإطار الزمني الذي سيدير ​​به الديمقراطيون حملتهم. كما انه يغيّر التوقعات بشأن صدى أي قضية أخرى ممكن أن تطرح باستثناء "كورونا".

لقد استغل أنصار شعار "الرعاية الطبية للجميع" الوباء كوسيلة لتسليط الضوء على مخاوفهم بشأن الرعاية الصحية. وقد ربط النشطاء في مجال السيطرة على الأسلحة قضيتهم بالوباء، من حيث مخاطر تزايد العنف المنزلي وتخزين الأسلحة غير الآمنة، حيث يقضي الأميركيون ساعات أطول في المنزل. كذلك طرح أنصار قضية التغير المناخي "الصفقة الخضراء الجديدة" كأداة للتعافي الاقتصادي، معتبرين أن استجابة العالم الهائلة لـ "كورونا" ممكن أن تكون نموذجا للتعبئة في قضية المناخ.

ويقول بيتر أمبلر، المدير التنفيذي لمجموعة فيفوردس للسيطرة على الأسلحة، إن السيطرة على الأسلحة - القضية التي كانت ذات يوم محط تركيز رئيسي في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية "مختبئة في سياستنا وثقافتنا بطريقة لن تتبخر".

ويضيف: "أعتقد أنه من المهم في مثل هذا الوقت بالنسبة للأشخاص الذين يهتمون بالمناخ أن يستمروا في الكفاح من أجل حلول لتغير المناخ، لأن هذا التحدي لن يزول، وكذلك الأشخاص الذين يهتمون بإصلاح الهجرة لمواصلة النقاشات، لأنه من الواضح أن نظام الهجرة لدينا بحاجة إلى الإصلاح، وكذلك عندما يتعلق الأمر بالعنف المسلح".

مع ذلك، هناك القليل من الأدلة حتى الآن على أن أزمة "كورونا" تسلّط الضوء أكثر على هذه القضايا.

ويقول كأحد المحللين الاستراتيجيين الذين عملوا في مجال تغيّر المناخ لعدة سنوات، "أي من هذه القضايا لا يحدث الآن... ولا يصح أن نخفف التركيز على الشيء الذي يؤثر ويغير حياة الناس بطريقة تستمر طوال العمر".