تراجعت أسعار النفط الخام العالمية أكثر، أمس، في أعقاب أكبر خسائر فصلية وشهرية على الإطلاق للخام، إذ تضاغفت مخاوف تخمة المعروض بفعل ارتفاع فاق التوقعات في المخزونات الأميركية واتساع هوة الخلاف داخل "أوبك".

وأسعار النفط قرب أقل مستوياتها منذ عام 2002 وسط أزمة فيروس كورونا العالمية، التي أدت لتباطؤ اقتصادي عالمي وخفضت الطلب على الخام. وأنهت التعاملات الآجلة على الخام الربع الأول منخفضة نحو 70 في المئة، بعد خسائر قياسية في مارس.

Ad

وبحلول الساعة 0643 بتوقيت غرينتش، نزل خام القياس العالمي برنت بواقع 1.02 دولار ما يعادل 3.9 في المئة إلى 25.33 دولارا للبرميل. وفقد خام غرب تكساس الوسيط 35 سنتا ما يوازي 1.7 في المئة إلى 20.13 دولارا للبرميل، بعد أن تخلى عن مكاسب سابقة قال محللون إنها ناجمة عن تكوين مراكز في بداية الربع الجديد.

وأظهرت بيانات معهد البترول الأميركي أن مخزونات الخام الأميركية زادت 10.5 ملايين برميل الأسبوع الماضي متخطية كثيرا التوقعات بارتفاع 4 ملايين برميل.

من جانبه، ارتفع سعر برميل النفط الكويتي 1.37 دولار ليبلغ 25.70 دولارا في تداولات أمس الأول مقابل 24.33 دولارا في تداولات يوم الاثنين، وفقا للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية.

وأُصيب نحو 800 ألف شخص بالفيروس في أنحاء العالم، وتوفي أكثر من 38 ألفا و800 شخص، وفقا لإحصاء "رويترز".

وأجج المعنويات المتشائمة في السوق الخلاف داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بعدما عجزت السعودية، وبقية الدول الأعضاء في المنظمة، أمس الأول، عن الاتفاق على عقد اجتماع في أبريل لمناقشة هبوط الأسعار.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأول، إنه سينضم إلى السعودية وروسيا إذا تطلب الأمر لعقد محادثات بشأن التراجع الحاد في أسعار النفط الناجمة عن حرب أسعار بين البلدين.

وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض "البلدان يناقشان الأمر وسأنضم في الوقت المناسب إذا تطلب ذلك"، مضيفا أنه أجرى مباحثات "عظيمة" خلال اتصالات أجراها على نحو منفصل مع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأجرى وزير الطاقة الأميركي دان برويليت، أمس الأول، محادثات عبر الهاتف مع نظيره الروسي ألكسندر نوفاك بشأن التراجع الحاد في أسعار النفط.

وقالت وزارة الطاقة الأميركية، إن الاتصال جاء بعد يوم من اتفاق الرئيس دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية، على أن يناقش الوزيران التراجع الذي تشهده أسواق النفط العالمية.

وتراجعت أسعار النفط بشدة بسبب القيود المفروضة على السفر للحد من انتشار فيروس كورونا ونتيجة للصراع بين روسيا والسعودية حول حصة كل منهما في سوق النفط.

وقالت شايلين هاينس المتحدثة باسم وزارة الطاقة الأميركية، إن الوزيرين أجريا "محادثات بناءة بشأن الاضطرابات الراهنة في أسواق النفط العالمية".

وأفادت مصادر مطلعة أن كبار المسؤولين الأميركيين قد نحوا جانبا في الوقت الحالي مقترحا لإقامة تحالف مع السعودية من أجل إدارة سوق النفط العالمية، في فكرة وصفها أحد المصادر بأنها من بنات أفكار مستشاري الأمن القومي بالبيت الأبيض.

لكن مجرد خضوع الفكر للبحث على مستويات رفعية يسلط الضوء على عمق الأزمة التي تواجه صناعة النفط العالمية وتنامي أهميتها بالنسبة للاقتصاد الأميركي. فقبل أسابيع قليلة فحسب، كانت مقترحات بأن تعمل واشنطن مع منتجي النفط لكبح المعروض في السوق العالمي لن تلقى إلا عدم اكتراث باعتبارها تنتهك قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية.

لكن أسعار النفط هوت إلى أدنى مستوياتها في 18 عاما بسبب الضربة المزدوجة المتمثلة في تقلص الطلب على الطاقة من جراء جائحة "كورونا" وحرب أسعار بين المنتجين الكبيرين السعودية وروسيا، مما يهدد المنتجين الأميركيين والعالميين ذوي التكلفة المرتفعة بالإفلاس.

وقال خبراء في القطاع في مقابلات نشرها "غولدمان ساكس" إن أسعار النفط قد تواصل النزول بفعل تراجع الطلب في ظل أزمة الفيروس التي يفاقمها صراع على الحصص السوقية بين اثنين من كبار المنتجين بينما تنفد قدرات التخزين في العالم.

وقال البنك في مذكرة بتاريخ 31 مارس إن التراجع قد يفسح المجال "لصناعة عالمية أكثر متانة"، مع حدوث انتعاش في ظل خفض الإنتاج.

وقال الخبير النفطي والكاتب الحائز جائزة بوليتزر دانيال يرجين لـ"غولدمان ساكس" إن الطلب قد يتراجع 20 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان، أو حتى أكثر من ذلك، مشيرا إلى "أكبر تراجع في الطلب في العصر الحديث"، بينما تخوض السعودية وروسيا حرب أسعار.

وتتحرك أسعار النفط حاليا في نطاق بين 20 و29 دولارا، بعدما تراجعت في مارس بعد انهيار اتفاق على كبح الإمدادات بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا ومنتجين آخرين، في إطار ما يُعرف بـ"أوبك+".

وقال جاري روس مؤسس مجموعة "بايرا" للطاقة إن المدة التي يحتاج إليها التخلص من الفائض الحالي ومدة بقاء الأسعار منخفضة تعتمدان أكثر على تطورات الوباء.

وأضاف روس "إذا تكللت جهود السيطرة على الوباء بالنجاح خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة، وبدأنا نشهد انتعاشة في الصيف، فإننا قد نرى ارتفاعا كبيرا في نمو الطلب في 2021".

لكن جيف كوري رئيس أبحاث السلع الأولية العالمية لدى "غولدمان" أعاد ذكر وجهة نظر البنك، وهي أن برنت سيبقى على الأرجح قرب عشرين دولارا للبرميل، لأنه من السهل على منتجي الخام التخزين في المياه أكثر من منتجي خام غرب تكساس الوسيط الأميركي القياسي الذي سيواجه ضغطا شديدا على السعر.