كير ستارمر... وجه معتدل ومؤيد لأوروبا زعمياً للمعارضة البريطانية
تعهّد بتوحيد صفوف الحزب وإعادته إلى سكة السلطة
واجه الزعيم الجديد لحزب العمال البريطاني المعارض كير ستارمر الدولة عندما كان لا يزال محامياً شاباً مدافعاً عن حقوق الإنسان قبل أن يحارب «بريكست» وهو عضو في مجلس النواب، بينما بات لزاماً عليه اليوم توحيد صفوف حزبه المنقسم لمواجهة رئيس الوزراء بوريس جوسنون.ويخلف ستارمر (57 عاماً) الاشتراكي المخضرم جيريمي كوربن في وقت يعمل حزب العمال جاهداً على تحديد مساره.ولم يتولَ الحزب اليساري الوسطي السلطة منذ 2010، وحقق في ديسمبر أسوأ نتيجة له على الإطلاق في أي انتخابات منذ ثلاثينات القرن الماضي بينما حصد المحافظون بزعامة جونسون الأصوات في العديد من معاقل العماليين سابقاً.
انقسامات
وعلى مدى السنوات الماضية، شهد العماليون انقسامات حيال أجندة كوربن اليسارية وكيفية التعامل مع بريكست والخلاف بشأن أسلوب التعاطي مع التهم بشأن وجود نزعات معادية للسامية داخل صفوف الحزب.وتعهّد ستارمر توحيد صفوف الحزب وإعادته إلى السكة التي من شأنها أن توصله إلى السلطة.وسعى لكسب أنصار كوربن عبر التشديد على سجلّه كمدافع عن حقوق الإنسان بينما أصر على أنه اشتراكي ودافع عن بيان حملة انتخابات ديسمبر الذي تعهّد ببرنامج استثمارات ضخم وعمليات تأميم.في الوقت نفسه، حظي بدعم الوسطيين في الحزب الذين يعتبرون أنه أكثر براغماتية من سلفه ومواقفه مدروسة بشكل أفضل.وقال ستارمر لصحفية «ذي غارديان» عبر بث صوتي هذا الأسبوع «يمكننا قول ما نريده بشأن الكيفية التي نرغب من خلالها تغيير العالم، إذا خسرنا الانتخابات، فلن تكون لدينا فرصة للقيام بذلك».لكنه يرفض الإفصاح عن السياسات الحالية التي ينوي إبقاءها على حالها، خصوصاً في الوقت الحالي في أوج أزمة تفشي كورونا المستجد، واكتفى بالتأكيد على أنه «ستكون هناك حاجة للقيام بأمور جذرية».بدوره، أشار المؤرّخ السياسي ستفين فيلدينغ من جامعة نوتينغهام إلى أنّ النغمة التي تبناها كـ «بيروقراطي ذو كفاءة» هدفها كسب عدد كبير من أعضاء حزب العمال.لكنها أثارت تساؤلات البعض بشأن سياساته الفعلية.وعلّق الكاتب السياسي لدى صحيفة «ذي أوبزرفر» أندرو راونسلي على الأمر قائلاً «لا أحد يشكك في قدراته الفكرية، لكن كثيرين يتساءلون بشأن قدرته على تشكيل مصدر إلهام».من هو؟
ولد ستارمر في لندن مع أشقائه الثلاثة لأب يعمل في صناعة المعدات وأم عملت كممرضة، كان كلاهما محباً للحيوانات وعملا على إنقاذ الحمير.ويقول مازحاً «كلما غادر أحدنا المنزل، استبدلاناه بحمار».وفي المدرسة، تلقى دروساً على عزف آلة الكمان مع نورمان سميث، عازف الباس السابق ضمن فرقة «هاوسمارتنز» الموسيقية، وهو من أنصار نادي «أرسنال» لكرة القدم، على غرار سلفه كوربن، ولا يزال يلعب كرة القدم كل أسبوع.وسمي على اسم مؤسس حزب العمال كير هاردي، وعندما كان يتدرب كمحام، ركز بشكل كبير على القضايا الكبرى.ودافع عن النقابات والناشطين، ولعل القضية الأبرز كانت تلك التي عرفت بقضية «ماكليبل» والتي رفعتها سلسلة مطاعم ماكدونالدز ضد شخصين وزّعا منشورات تنتقد ممارسات الشركة.وفي التسجيل المصور المرتبط بحملته لزعامة الحزب، قال ستارمر «قضيت عمري وأنا أدافع عن العدالة وعن المغلوب على أمرهم في وجه أصحاب النفوذ».وفي 2003، بدأ انخراطه في المؤسسات الرسمية عبر وظيفة تضمن امتثال الشرطة في إيرلندا الشمالية بشكل كامل لقوانين حقوق الإنسان.وبعد خمس سنوات، بات مدير النيابة العامة لإنكلترا وويلز.وأشرف بين العامين 2008 و2013 على ملاحقات قضائية لنواب استغلوا نظام النفقات وصحافيين قاموا بعمليات قرصنة للهواتف وشباب على صلة بأعمال شغب 2011.ومنحته الملكة إليزابيث الثانية لقب فارس مكافأة على خدماته، وفي 2015 انتُخب كعضو في البرلمان ليمثل دائرة هولبورن وسانت بانكراس الانتخابية في شمال لندن.وفي 2016، بعد التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، انضم ستارمر إلى النواب العماليين المتمردين على ما اعتبروه غياب دور كوربن القيادي خلال الحملات التي سبقت استفتاء بريكست.وفشل تحركّهم، وانضم في وقت لاحق من العام ذاته إلى كبار شخصيات الحزب كمتحدّث باسم العمال بشأن بريكست، حيث بقي فيه حتى هذا الأسبوع.وبرز من خلال انتقاداته العلمية لنهج المحافظين خلال جلسات النقاش في البرلمان التي كثيراً ما طغى عليها التوتر، لكنه اتُّهم كذلك بالتحدّث بطريقة مغرقة بأسلوب المحامي.ويعزى إليه كذلك الدفع بحزب العمال لتبني سياسية داعية لاستفتاء ثان، وهي خطوة رحّب بها الكثير من أنصار الاتحاد الأوروبي.لكن رأى البعض أن هذه السياسية همّشت ناخبي حزب العمال السابقين في شمال إنكلترا وويلز المدافعين عن بريكست، الذي أكمله جونسون فعلاً في 31 يناير.