ما العمل؟
أيام أو شهور أو سنوات قادمة "سودة" وأشد سواداً من وجوه العنصريين المتعالين، الذين أقرفونا بتعليقاتهم في "سوشيال ميديا"، وهم ينقلون لنا غطرستهم وكراهيتهم للوافدين الفقراء، الذين يعانون من ابتلاء حصار "كورونا". بول كروغمان، الكاتب في نيويورك تايمز والحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، وصف الحالة التي يمر بها الاقتصاد الأميركي، وهو أكبر اقتصاد في العالم، بأنه الآن في حالة "كوما"؛ أي غيبوبة، ولا نعرف متى يصحو منها. الغيبوبة تعني أنه لا جدوى من المحفزات الاقتصادية، كالتي تطرح، بل نحن بحاجة إلى أن ندعم ونحافظ على أجهزة التنفس والتغذية كي يبقى الاقتصاد حياً.أما الجريدة الإنكليزية "فايننشال تايمز"، وهي الصحيفة الأهم في عالم الاقتصاد والمال، فقد شبهت حال الاقتصاد في العالم اليوم بسنوات الكساد الكبير في نهاية عشرينيات القرن الماضي. لاحظوا أن الجريدة شبهت الوضع بالكساد لا الركود، والأول هو الأكثر خطراً ودماراً على العالم. أتصور حالياً أنه لا يوجد قائد سياسي من شاكلة روزفلت ومشروعه المعروف بالصفقة الكبرى، بعد أن اتبع نصائح الاقتصادي الإنكليزي كينز لتدخل الدولة كي تنقذ الاقتصاد، اليوم لدينا ترامب بقوميته الاقتصادية ومشروعه لانغلاق الدولة الأميركية وإشعاله حروب المنافسة، مع بقية العالم المتقدم كالصين وأوروبا، بل إن القوميات وحالة رفع الأسوار الاقتصادية القومية أخذت تتعمق في عدد من دول العالم، وهذا يزيد العالم بلاء.
ما العمل مع بقالة النفط الكويتية؟! لا حول لنا ولا قوة مع "كورونا"، ولا نملك تغيير تاريخ طويل مضى من اللامبالاة للحال الاقتصادي أيام الرخاء وتكريس الفساد المالي والإداري، وعبارة "شدوا الحزام"، كألفاظ، لا معنى لها إن لم يرافقها إرادة سياسية وعزم أكيدان للبقاء مع "أجهزة التنفس" أحياء، لابد من التضحيات المطلوبة من الجميع، ومن الكبار قبل الصغار، هناك وصفات مؤلمة؛ أولاها مهمة السلطة السياسية بتقديم نموذج بإعمال حكم القانون على الرؤوس الكبيرة، والتي عليها أن تقدم رغماً عنها المثال في الخضوع للقانون.ضرب الفساد بكل صوره هو أول المطلوب، وثانياً إغلاق مناهل الصرف والهدر على جماعات الكوادر المالية واللجان والهيئات، التي تقبض "بلاوي" من المنح والرواتب العالية دون جهد من أصحابها، ووضع حد للأجور والرواتب متى تجاوزت مبلغاً معيناً مثل 3000 أو ربما 2500 دينار، وثالثاً تعديل التركيبة السكانية بأسرع وقت، ورابعاً – والكلام للحكومة- اختاري جماعة من المستشارين الاقتصاديين الحصفاء من أبناء الوطن، مثل جاسم السعدون وناصر النفيسي، وهناك غيرهما، استمعوا إليهم هذه المرة، بدلاً من أن تدخل استشاراتهم من أذن اليمين وتخرج من اليسار.لتكن حكومة الشيخ صباح الخالد أكثر جدية مما سبقها، المطلوب منها الكثير من الشفافية والصراحة مع الناس، ندعو لها بالتوفيق، وليس أمامها خيارات كثيرة لغد صعب لن يرحم الضعفاء المتهاونين.